مساع في الجزائر لإطاحة منسق حزب الغالبية تدخل «جبهة التحرير» في أزمة جديدة

وزراؤها يكررون مع بلعياط السيناريو نفسه الذي استعملوه ضد بلخادم

TT

عرفت أزمة حزب الأغلبية بالجزائر (جبهة التحرير الوطني) فصلا جديدا من التصعيد، منذ سحب الثقة من أمينه العام عبد العزيز بلخادم مطلع العام الحالي، فقد اجتمع «وزراء الحزب» وهم أربعة، أول من أمس (السبت)، للإطاحة بـ«منسق» الحزب عبد الرحمن بلعياط، الذي اتهموه بـ«الانفراد بقرارات تهم مصير الحزب».

والتقى وزير النقل عمار تو، ووزير الصحة عبد العزيز زياري، ووزير العمل الطيب لوح، ووزير التعليم العالي رشيد حراوبية، مع أربعة قياديين آخرين في «المكتب السياسي»، بمقر «جبهة التحرير» بالعاصمة، لبحث قضية مثيرة للجدل تتمثل في قرارات اتخذها «المنسق» تتعلق بتوزيع نواب «الجبهة» على مناصب في «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى)؛ إذ استبدلهم بآخرين عيَنهم بلخادم قبل أكثر من سنة.

ويعيب الوزراء الأربعة على بلعياط، وهو وزير سابق، اتخاذه القرار من دون العودة إلى «المكتب السياسي» للجبهة. ويشرف بلعياط على قيادة الحزب منذ أن سحب أعضاء «اللجنة المركزية» (أعلى هيئة بين مؤتمرين)، الثقة من الأمين العام بلخادم نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي. واتفق القياديون آنذاك على أن يؤدي بلعياط مهام الأمين العام مؤقتا، إلى غاية التئام «اللجنة المركزية»، لانتخاب أمين عام جديد، ولكن الحزب ظل عاجزا منذ سبعة أشهر عن إيجاد خليفة لبلخادم الذي وضع «الجبهة» في صدارة المشهد السياسي في البلاد، طيلة 10 سنوات بفضل تفاعله بكثافة مع الأحداث داخليا وخارجيا، وحضوره الدائم على صفحات الجرائد.

وتراجع تفاعل «الجبهة» مع الملفات المطروحة حاليا، فيما تحتل الساحة السياسية حاليا أحزاب التيار الإسلامي التي تتعاطى بقوة مع أكثر القضايا أهمية، وهي مرض الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ومدى قدرته على مواصلة الحكم، ودعوة الإسلاميين الملحة إلى تفعيل مادة دستورية تتحدث عن شغور منصب رئيس الجمهورية، بسبب المانع الصحي.

وكان تصدي «الجبهة» لهذه الدعوة محتشما، ولم يتعد بعض التصريحات المعارضة الصادرة عن بلعياط. ويعود هذا الضعف إلى عجز الحزب عن إيجاد قائد في حجم الأغلبية التي يملكها في البرلمان.

وتعيش المجموعة البرلمانية للحزب، أزمة حادة بعد التعيينات التي أجراها بلعياط في الهياكل البرلمانية. فقد انقسمت إلى مجموعتين، واحدة تسانده وترى أنه الأصلح ليكون أمينا عاما إلى غاية المؤتمر الـ11 المرتقب عام 2015، والمجموعة الثانية يقودها نواب غاضبون من استبدال آخرين بهم في المناصب البرلمانية، ويتهمون بلعياط بـ«السطو على صلاحيات مكفولة للأمين العام وحده».

ويمارس الغاضبون ضغوطا كبيرة على الوزراء، لدفعهم إلى استعمال ثقلهم السياسي لتنحية بلعياط. ويوجد من بينهم رجال أعمال وأثرياء يستعينون بقوتهم المالية لاستمالة أعضاء المكتب السياسي إليهم. والجميع في الحزب يترقبون أن يتدخل رئيس الجمهورية بوتفليقة، الذي ينتمي لـ«جبهة التحرير»، ليفصل في الخلافات الداخلية فيزكي واحدا منهم لتولي شؤون الحزب. غير أن بوتفليقة أبلغهم عن طريق مساعديه في الرئاسة، أن الأزمة لا تعنيه وأنه يرفض الانحياز لطرف ضد آخر.

وقال بلعياط لـ«الشرق الأوسط» إن المقاييس التي اعتمدها في اختيار نواب دون غيرهم للعضوية في المناصب البرلمانية، كانت موضوعية تعكس كفاءة الأشخاص وأقدميتهم في الحزب، وتفانيهم في خدمته. وأضاف: «أتحدى المحتجين أن يعطوني مبررا مقنعا يطعن في نزاهة هؤلاء وكفاءتهم». وزاد موضحا: «استشرت الوزراء قبل أن أتخذ أي قرارات، ووافقوا عليها، ولا أفهم سبب رفضهم لها بعد مرور 15 يوما.. إنها استفاقة متأخرة».

ويتحاشى «الوزراء الأربعة» إبداء موقفهم من بلعياط في العلن على أعمدة الصحافة، خاصة وزير النقل عمار تو الذي يعد أكثرهم نفوذا وهو من قاد حملة الإطاحة ببلخادم.