ليلة دامية في مصر تخلف قتلى وجرحى.. والرئاسة تستبعد سيناريو سوريا

القوى المدنية تحمل «الإخوان» مسؤولية العنف وتطالب بمحاسبتهم

سيارات محترقة من أثر الاشتباكات العنيفة التي وقعت ليل الاثنين حتى فجر أمس بالقرب من مقر اعتصام مؤيدي الرئيس السابق محمد مرسي في ميدان نهضة مصر جنوب غربي القاهرة (إ.ب.أ)
TT

عاشت القاهرة وعدد من المحافظات أول من أمس ليلة دامية من فصول الصراع العنيف بين مؤيدي ومعارضي جماعة الإخوان المسلمين، المنتمي إليها الرئيس المعزول محمد مرسي. وأعلنت وزارة الصحة أن حصيلة الاشتباكات، التي بدأت مساء يوم الاثنين وامتدت حتى فجر أمس الثلاثاء، في مناطق متفرقة من العاصمة القاهرة وبعض المحافظات الأخرى، بلغت تسعة قتلى و86 مصابا؛ 74 منهم لا يزالون يتلقون العلاج بالمستشفيات، فيما قتل أحد العناصر الأمنية في سيناء على أيدي متشددين.

وبينما حملت القوى المدنية التي أيدت عزل مرسي عن الحكم، وعلى رأسها جبهة الإنقاذ الوطني، جماعة «الإخوان» وأنصارها مسؤولية الاعتداء ومهاجمة المتظاهرين السلميين بالتحرير وغيرها من الميادين، قال المتحدث باسم الرئاسة إن «مصر لن تكون سوريا ثانية ومن يدفع في هذا الطريق خائن».

ويواصل مؤيدو مرسي اعتصامهم بميدان «رابعة العدوية» (شرق القاهرة) لليوم السابع والعشرين على التوالي للمطالبة بعودته إلى الحكم، وقد سادت حالة من الهدوء الميدان بعد توقف المناوشات التي عمت الشوارع المحيطة به فجر أمس بين مسيرة من مؤيدي مرسي وضباط قسم شرطة أول مدينة نصر، بعدما حاولت المسيرة الاحتكاك بضباط القسم وترديد العبارات المناهضة لوزارة الداخلية.

وأفادت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية أمس أن قوات الأمن نجحت في تحرير معاون مباحث قسم شرطة مصر الجديدة وأمين شرطة من احتجازهما من قبل مشاركين في مسيرة مؤيدي الرئيس المعزول، كما نقلا إلى مستشفى الشرطة لإسعافهما بعد إصابتهما جراء تعدي مؤيدي الرئيس المعزول عليهما.

وفي ميدان الجيزة، تمكنت الأجهزة الأمنية بالتنسيق مع القوات المسلحة وعبر الدفع بعدد من تشكيلات الأمن المركزي والآليات العسكرية، من وقف الاشتباكات والفصل بين أنصار الرئيس السابق المعتصمين بالقرب من جامعة القاهرة وعدد من الأهالي والمناهضين لجماعة الإخوان المسلمين، بعد وصول مسيرة من مؤيدي مرسي وقيامها بقطع ميدان الجيزة أمام حركة مرور السيارات، وقد استمرت الاشتباكات حتى الساعات الأولى من صباح أمس، وأسفرت عن مقتل ستة أشخاص وإصابة العشرات.

ونقلت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» عن مواطنين قولهم إن «استخدام العنف من قبل جماعة الإخوان كان مفرطا»، مؤكدين أن «تدخل قوات الأمن والجيش لفض الاشتباك جاء في الوقت المناسب»، وطالبوا بـ«فض هذه الاعتصامات التي تدعي جماعة الإخوان أنها سلمية، والحقيقة أنها تتسم بالعنف المصاحب دائما بإطلاق النار والخرطوش وإصابة أبرياء»، حسب قولهم.

وفي المنصورة، نشبت اشتباكات أمس بين مؤيدي مرسي ومعارضيه أمام منطقة حي شرق، مما تسبب في إصابة العشرات، بعد خروج مسيرة تطالب بعودة مرسي للحكم من أمام استاد المنصورة وطافت عددا من الشوارع.

وفي القليوبية، أكد اللواء محمود يسري، مدير أمن المحافظة، أن الوضع الأمني بالطريق الزراعي السريع أصبح مستقرا وآمنا، بعد أن نجحت أجهزة الأمن والقوات المسلحة في السيطرة وإنهاء الاشتباكات الدامية التي شهدتها المنطقة مساء أول أمس بين مؤيدي الرئيس المعزول وأهالي المنطقة، بسبب قطع أنصار مرسي الطريق لمدة سبع ساعات.

من جانبه، قال الدكتور خالد الخطيب، رئيس الإدارة المركزية للرعاية الحرجة والعاجلة بوزارة الصحة المصرية، في بيان له أمس، إن الاشتباكات التي وقعت بميدان التحرير ومدينة قليوب أمس أسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 44 آخرين، بينما قتل ستة وأصيب 33 آخرون في اشتباكات جرت بميدان «النهضة» ومحيط جامعة القاهرة وأعلى كوبري الجيزة وشارع مراد، مضيفا أنه أصيب تسعة في ميدان رابعة العدوية وأمام قسم أول مدينة نصر.

وفي السياق ذاته، نقلت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية عن أحمد المسلماني المستشار الإعلامي المتحدث الرسمي باسم رئيس الجمهورية، قوله أمس إن «مصر لن تكون سوريا ثانية، ومن يدفع في هذا الطريق خائن وعميل»، مضيفا أن «الذين يلهثون وراء الإعلام الأجنبي ويركضون خلف عواصم للغرب لتزييف حقائق الثورة والدولة لن ينالوا غير الخزي والعار».

من جانبها، طالبت جبهة الإنقاذ الوطني وزارة الداخلية ورجال الأمن بحماية المتظاهرين السلميين، واتخاذ إجراءات رادعة بحق من يقومون بمهاجمتهم مستخدمين مختلف أنواع الأسلحة وهو ما ترتب عليه سقوط العديد من القتلى المصابين، على حد قولها. وأدانت الجبهة، في بيان أصدرته أمس ما قالت إنه «استمرار لأنصار جماعة الإخوان في مهاجمة المتظاهرين السلميين في ميدان التحرير بالقاهرة وفي الإسكندرية والقليوبية ومدن أخرى عديدة على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية من دون ملاحقتهم قانونيا ومحاسبة المسؤولين عن التورط في تلك الهجمات».

وقالت الجبهة إن ما تقوم به جماعة الإخوان وأنصارها منذ أن أزاح الشعب الرئيس السابق محمد مرسي في 30 يونيو «بعد فشله الكامل»، لا علاقة له بالحقوق التي كفلها القانون، وإنما «يدخل في إطار الجرائم التي تخضع للمساءلة والمحاسبة».

كما أعرب التيار الشعبي المصري، الذي يتزعمه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، عن بالغ أسفه لأحداث العنف التي وقعت في أنحاء مختلفة، متهما «قادة جماعة الإخوان بالسعي لجر البلاد إلى موجة من العنف والفوضى»، مؤكدا أنه «لن يمكنهم منها أبدا الشعب المصري العظيم بوحدته وتماسكه وسلميته وإصراره على استكمال الثورة وتثبيت مكتسباتها».

وجدد التيار في بيان أصدره أمس «دعوته لالتزام جميع الأطراف بالسلمية، وأن يفرق تماما بين من يمارس حق التعبير عن الرأي سلميا مهما بلغت درجة خلافنا معه، ومن يدعو ويحرض ويمارس العنف ويدفع المصريين للمزيد من الاشتباكات والاحتكاكات وإسالة الدماء».

في المقابل، حمل المهندس جلال مرة، أمين حزب النور (السلفي)، وزير الداخلية محمد إبراهيم والمسؤولين بالدولة مسؤولية ما يجري من قتل وترويع وتخريب. وقال مرة في تصريحات له أمس: «لا ندري كيف تجري هذه الجرائم بهذه الطريقة تحت سمع وبصر المسؤولين عن إدارة البلاد ونطالبهم بالتحرك قبل فوات الأوان».

وفي سيناء، قتل عريف شرطة من قوة إدارة قوات الأمن بمدينة العريش بشمال سيناء فجر أمس إثر قيام مجهولين بإطلاق أعيرة نارية تجاهه أمام منزله. وقالت مصادر أمنية إن مجهولين قاموا بإطلاق النار على منزله مما أدى إلى إصابته بطلقات نارية في البطن والرأس حيث تم نقله إلى مستشفى العريش لتلقي العلاج اللازم ولكنه توفي متأثرا بجراحه.