رئيس جنوب السودان يعفي نائبه والحكومة ويكلف وكلاء الوزارات تصريف الأعمال

تجميد الأمانة العامة للحركة الشعبية وإحالة أموم للتحقيق

TT

أعفى رئيس جمهورية جنوب السودان سلفا كير ميارديت نائبه الدكتور رياك مشار وجميع أعضاء الحكومة، في أكبر تغيير وزاري يشهده جنوب السودان منذ استقلاله قبل عامين، وتم تكليف وكلاء الوزارات بتصريف أعمال الحكومة إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة التي لم يحدد القرار موعدا لها. وتتوقع مصادر أن تظهر وجوه جديدة في الحكومة، بينما أحال كير في قرار آخر الأمين العام للحركة الشعبية الحزب الحاكم باقان أموم إلى التحقيق، وأعلن في القرار تجميد الأمانة العامة للحزب.

وأعلن سلفا كير قرارات رئاسية بإعفاء نائبه رياك مشار تنج وجميع وزراء ونواب الوزراء في الحكومة. وكانت هذه الحكومة قد تم تشكيلها قبل عامين بعيد إعلان الاستقلال، ولكنها واجهت مشكلات داخلية من تمرد وخلافات بين قيادات الحركة الشعبية (الحزب الحاكم)، إلى جانب نزاعات مستمرة مع دولة السودان. وبموجب القرار فإن وزراء في الوزارات السيادية مثل الدفاع والخارجية والأمن والمالية قد تم إعفاؤهم.

من جهة أخرى أصدر سيلفا كير، وهو رئيس الحركة الشعبية الحاكمة، قرارا آخر بثه تلفزيون جنوب السودان الرسمي أمس أحال فيه الأمين العام باقان أموم أوكيج إلى التحقيق على خلفية نقده قبل أسابيع لأداء الحزب والحكومة، وشكل كير لجنة تحقيق برئاسة نائب رئيس الحركة الشعبية جيمس واني ايقا وعضوية حاكم جونقلي كوال مياينق وآخرين، ولم يتم الحصول على رد من أموم حول هذا القرار، ويعتبر قرار تجميد أموم مفاجئا، باعتباره من النافذين في الحركة.

ورأى مراقبون أن هذه القرارات كانت متوقعة منذ الاحتفال بالذكرى الثانية للاستقلال، وقالوا إن القرارات تعبر عن الصراعات التي ظلت لفترة علنية بين قيادات الحزب والدولة، وتكهن المراقبون أن يكون لهذه القرارات ما بعدها داخل الحزب وجهاز الدولة، لكنهم استبعدوا أن تكون هناك مواجهة من أي نوع في الوقت الراهن، وتوقع المراقبون أن تتجه جوبا في المرحلة المقبلة لتطبيع العلاقات مع السودان.

وقال مصدر مقرب من قيادات الحركة الشعبية، فضل عدم ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط» إن هناك مجموعة وراء الرئيس سلفا كير تعمل على تصفية حسابات قديمة مع عدد من القيادات، وأضاف أن القرارات جاءت بعد المواجهات العلنية بين قيادات الحزب الحاكم حول مرشح رئاسة الحزب في الانتخابات القادمة، وقال إن مشار طرح نفسه بشكل علني ووقف إلى جانبه باقان أموم ودينق الور ومدام ربيكا قرنق أرملة مؤسس الحركة جون قرنق دي مابيور.

من جانبه قال القيادي في الحركة الشعبية أقوك ماكور لـ«الشرق الأوسط» إن قرارات كير كانت متوقعة، حيث إنه وعد شعب جنوب السودان في احتفالات الاستقلال قبل أيام بأنه سيغير طاقم الحكومة وإنه سيجري تعديلات واسعة ويدفع بكوادر جديدة، وأضاف أن كير كان قد كلف مجموعة من المستشارين بإجراء تقييم لأداء الوزارات والوزراء، مشيرا إلى أن كير ظل يوجه انتقادات علنية في الفترة الأخيرة لوزراء حكومته، آخرها في احتفالات الاستقلال. لكنه قال: «هذه مراجعة شاملة لأداء الحزب والدولة، لا سيما أن البلاد مقبلة على انتخابات رئاسية وبرلمانية وولائية»، مستبعدا أن يتم تعيين رئيس الحركة الشعبية التغيير الديمقراطي المعارض دكتور لام اكول. وقال إن «الحكومة أجرت مفاوضات مع عدد من حملة السلاح، ربما شملت لام أكول.. لكننا لم نسمع أن أكول سيشارك في حكومة جديدة»، وتابع: «قد يتم تعيين مشار في منصبه مرة أخرى أو أن يأتي بآخر في المنصب حتى يعمل معه في الفترة المقبلة لتشكيل الحكومة الجديدة»، نافيا أن تحدث مواجهات بين المبعدين من الحكومة ورئيس البلاد.

وكان كير قد أصدر قرارات في أبريل (نيسان) الماضي بسحب بعض الصلاحيات من نائبه مشار، وفي يونيو (حزيران) الماضي رفع كير الحصانة عن وزيري مجلس الوزراء دينق الور، والمالية كوستا مانيبي، وأحالهما إلى التحقيق حول شبهة فساد مالي. وفي يوليو (تموز) الحالي أعفى حاكم ولاية الوحدة الغنية بالنفط تعبان دينق دون توضيح أسباب.. واعتبرت تلك القرارات في الأوساط السياسية في جوبا بأن كير بدأ يتخلى عن القيادات التاريخية التي قادت حرب التحرير.

ويعتبر نائب رئيس جنوب السودان رياك مشار من النافذين في هذه الدولة الجديدة، وهو ينتمي إلى قبيلة النوير، ثانية كبرى قبائل جنوب السودان بعد قبيلة الدينكا التي ينتمي إليها سلفا كير ميارديت، وقد انضم مشار إلى الجيش الشعبي والحركة الشعبية لتحرير السودان في عام 1984 خلال الحرب الأهلية بين المتمردين الجنوبيين بقيادة جون قرنق، قبل التوصل إلى اتفاق سلام في عام 2005 أفضى إلى إجراء الاستفتاء في عام 2011، لكن خلال مسيرته مع الحركة كان قد قاد انقساما في عام 1991، وعقد اتفاقا مع حكومة الرئيس السوداني عمر البشير في عام 1997، لكنه عاد وانضم إلى قرنق مرة أخرى في عام 2000، وأصبح أحد نوابه، وبعد الاتفاقية ومقتل قرنق صعد مشار وأصبح نائبا للرئيس الحالي سلفا كير ميارديت في الدولة والحزب.