سكان أحياء مصرية يتصدون لتحركات الإخوان

الجماعة تنفي تعرضها لغضب شعبي.. والأهالي يشعرون بالفزع

TT

قرب سيارات محروقة ودمار واضح على الأرض ومحال تجارية أغلقها أصحابها خشية تجدد العنف، تصرخ جمالات سعيد في فزع: «الإخوان يروعوننا.. كلما مروا بمنطقتنا حل بها الخراب والدماء والقتل».

وتضيف هذه المرأة الأربعينية بغضب شديد «الاثنين الماضي هجموا علينا بالرصاص في ميدان الجيزة. تركنا بيوتنا وهربنا في فزع»، معبرة بذلك عن شعور الكثير من المصريين الذين أخافتهم أعمال العنف التي تنسب إلى أنصار الرئيس الإسلامي المخلوع محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين.

ويضيف الشاب مصطفى عبد العظيم: «الإخوان قتلوا قهوجيا في ميدان الجيزة. هم يعادون الجميع. هناك ثأر لهم في حي المنيل والآن في الجيزة».

ومنذ الإطاحة بمرسي في الثالث من يوليو (تموز) الحالي سقط نحو 170 قتيلا في مواجهات بين مؤيديه ومعارضيه في العديد من الأحياء في القاهرة، وأيضا في محافظات أخرى وخاصة الإسكندرية والمنصورة والدقهلية. كما أظهرت لقطات فيديو قبل فترة مناصرين للرئيس المخلوع وهم يلقون بفتى من فوق إحدى البنايات في الإسكندرية، وفي فيديو آخر ظهر قيادي إخواني وهو يضرب بقسوة شديدة طفلا صغيرا للاشتباه في أنه من معارضي مرسي، إضافة إلى صور لأشخاص تعرضوا للضرب المبرح أو التعذيب على يد الإخوان.

وتهدد تلك المواجهات السلم الاجتماعي في مصر وتثير أزمة تعايش حقيقية بين أنصار مرسي من الإخوان المسلمين وشرائح واسعة من الشعب المصري الذي أصبح لدى كثير من أفراده عداء شخصي تجاه الجماعة.. ويثير اعتصام الآلاف من أنصار مرسي في منطقة مسجد رابعة العدوية شرق القاهرة نقمة سكان هذه المنطقة الذين تقدموا ببلاغات للنائب العام ضده.

من جانبها، تنفي جماعة الإخوان تعرضها لغضب شعبي وتؤكد أن الذين يهاجمون مسيراتها عبر البلاد هم بلطجية مأجورون. وقال محمد زيدان الناطق باسم حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للإخوان، لوكالة الصحافة الفرنسية إن «كلمة الأهالي مغلوطة.. الأهالي الشرفاء في صفنا وينضمون لمسيراتنا»، وتابع «من يهاجموننا بلطجية مأجورون من قبل الأمن المصري.. هذا شيء واضح للغاية».

وفي اعتصام مؤيدي مرسي بالنهضة والذي تقلص عدده لنحو ألفي معتصم على الأكثر، قال الطبيب الملتحي مروان الكاشف «من يعتدون علينا إما بلطجية وإما شرطة في زي مدني. الأهالي لا يعتدون علينا»، ويقول الرجل الأربعيني الملتحي عدلي جلال إن الذين يقومون بالاعتداءات هم «من فلول نظام مبارك ومنتفعون من الفساد»، ويقول إنه «مؤمن أن مصر كلها تساندنا. أعدادنا تزداد كل يوم».

لكن شهود العيان، ينفون هذه الرواية عن البلطجية. وتؤكد ليلى سويف «كل من كان في ميدان الجيزة كانوا أهالي عاديين وشبابا بسطاء»، وتابعت «شعرت بالقهر تجاههم لم يكن معهم سلاح ولم يكن هناك جيش أو شرطة تحميهم».

وفي حي الدقي غرب القاهرة الذي اعترض الأهالي فيه مسيرة مؤيدة لمرسي الثلاثاء، قال صاحب مقهى لوكالة الصحافة الفرنسية: «نحن من أوقفنا المسيرة. نحن الأهالي ولسنا بلطجية. لن نتركهم يمرون أبدا لأنهم يدمرون البلاد».

وفي حي المنيل في القاهرة الذي يؤكد سكانه أن الإخوان قتلوا سبعة منهم في اشتباكات قبل نحو أسبوعين يتوعد الأهالي بالانتقام وينظمون أنفسهم للتصدي لأي مسيرة إخوانية تقترب من حيهم.

وخلال اشتباكات عنيفة في حي جاردن سيتي الراقي القريب من ميدان التحرير بالقاهرة الاثنين الماضي تعاون الأهالي مع معارضي مرسي في مطاردة أنصار الأخير. وقال حارس عقار بالمنطقة «الخرفان (يقصد الإخوان) حاولوا الاختباء عندي. بكوا وقالوا لي إحنا مسلمين، أنقذنا أنقذنا»، لكن الحارس سلمهم للغاضبين.

ويقول سائق التاكسي إبراهيم عبد المجيد: «لا أبالي إطلاقا لو تعرض الإخوان للقمع والتنكيل.. هم يفعلون ما هو أسوأ من ذلك بنا»، وبغضب حاد يقول الطالب الشاب أحمد محمد «كما تدين تدان. هم يذوقون من نفس الكأس التي أذاقوها للمصريين من عنف وبطش».. وهذا ما يفسر دعوات بعض السياسيين إلى المصالحة.

وفي هذا السياق يقول أحمد الكومي المنتمي لجماعة الإخوان «المشكلة أننا أصبحنا في حالة أنا أو الآخر. الاستقطاب المجتمعي أصبح قاتلا»، وتابع «في ظل هذا المناخ هناك أزمة ضخمة في التعايش».

ويقول أحمد عبد ربه أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة إن «واحدة من أخطاء جماعة الإخوان التاريخية أنها جعلت الناس تلفظهم مجتمعيا. هم لم يتفهموا طبيعة الشعب المصري». وأضاف: «هم مسؤولون عن جزء كبير من الكراهية المجتمعية تجاههم». ويشار إلى أن النيابة العامة المصرية أمرت بتوقيف قيادات إخوانية بتهمة التحريض على العنف.