لبناني ـ سويدي يفجر نفسه بحاجز للجيش السوري في تلكلخ

عمره 18 عاما.. وشقيقه الأكبر قتل في الهجوم الذي تبع العملية

TT

أعلن إسلاميون في مدينة طرابلس (شمال لبنان) أمس، عن تنفيذ لبناني يحمل الجنسية السويدية يدعى معتصم خلدون الحسن يبلغ من العمر 18 عاما، أول عملية انتحارية للبناني في سوريا، حيث فجر نفسه في حاجز للجيش النظامي في منطقة الحصن في ريف تلكلخ، كما أعلنوا عن مقتل شقيقه حسن (21 عاما) أثناء اقتحام الحاجز نفسه بعد عدة ساعات على وقوع العملية الأولى.

وفجر معتصم الحسن، الملقب بـ«أبو معاذ»، نفسه عند حاجز أبو زيد النظامي في منطقة الحصن في ريف تلكلخ.

وذكرت مواقع إلكترونية تابعة لإسلاميين في شمال لبنان أن معتصم «نسف حاجز أبو زيد بالقرب من قلعة الحصن في ريف حمص من خلال عملية انتحارية نوعية هي الأولى في تلك المنطقة يقوم بها لواء جند الشام»، يوم الجمعة الماضي.

وأفادت المواقع بمقتل شقيقه حسن، المعروف بأبو عثمان، في عملية اقتحام الحاجز بعد خمس ساعات على تنفيذ العملية، وأسفرت العملية عن السيطرة الكاملة على الحاجز. وأضاف إسلاميون، في تغريدات متتالية، أن أبو عثمان استطاع قتل 5 من العسكريين النظاميين، كما أنه ثأر لأصدقائه، عندما رمى قنبلة داخل دبابة نظامية.

وقال تنظيم «جند الشام» الذي تبنى العمليتين، إن مقاتليه «قاموا بغزوة الثأر» لشيخ منهم قتل في سوريا، مشيرا في بيان على صفحته على «فيس بوك» إلى أن عملية المعتصم كانت «انتحارية» فيما كانت عملية حسن «انغماسية». كما أعلن عن مقتل سوري من تلكلخ شارك في العملية ويدعى عهد نجم والملقب بـ«أبي عبد الرحمن».

ويعد التنظيم مجموعة جهادية مستقلة أعلن عن إنشائها في عام 2012 للقتال ضد القوات النظامية في سوريا، ويعتقد أنها تنشط بين شمال لبنان والمناطق السورية القريبة من الحدود.

ويبدو التوافد الكثيف من المعزين إلى منزل عائلة القتيلين في طرابلس، مؤشرا بالغا على التعاطف مع الحالة الإسلامية هناك، ودعما للقتال في سوريا، علما بأن العملية الانتحارية هي الأولى التي ينفذها لبناني في سوريا.

ويقول الداعية الإسلامي الشيخ نبيل رحيم لـ«الشرق الأوسط» إن «تقبل تنفيذ عملية انتحارية هو مؤشر على هذا التبني والتعاطف مع القضية السورية، وخصوصا من قبل أهل طرابلس التي باتت حاضنة للنازحين والقضية ولكل من يساعد الثورة السورية، استنادا إلى الظلم الذي يقع على السوريين والمشاهد التي تؤكد تعرضهم لظلم قوي». ورأى أن عملية معتصم الحسن الذي يقيم في سوريا منذ مدة، وتقبلها في طرابلس «رد فعل طبيعي على مشاركة حزب الله المباشرة والعلنية في القصير وحمص وحلب وريف دمشق». وأضاف: «لبنان متشنج طائفيا، وطالما أن هناك طرفا يشارك علنا في القتال ضد المعارضة في سوريا، ويعتبر أنه فوق الانتقادات، ولا يمكن لأحد إيقافه عند حده، فإن ردود الفعل من الطرف المقابل ستكون من النمط نفسه، حيث سيلجأ الآخرون إلى القيام بالعمل نفسه مع الطرف المقابل».

وفتحت عائلة الحسن في منطقة المنكوبين في طرابلس منزلها لاستقبال المعزين بمقتل ولديها. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الشيخ محمد إبراهيم قوله إن الشقيقين تركا السويد التي يحملان جنسيتها، وعادا إلى حياة الشقاء في مدينة طرابلس بشمال لبنان، قبل أن يلقيا الموت في سوريا حيث كانا يقاتلان إلى جانب المقاتلين الإسلاميين.

وذكرت الوكالة الفرنسية أنه رغم أن القتيلين «عرفا بالتزامهما الديني العميق»، إلا أن مقتلهما في سوريا شكل صدمة للعائلة، بحسب ابن عمهما جهاد ديب الذي أوضح أن الشابين كانا لا يزالان حتى العام الماضي مقيمين في السويد، حيث كان حسن يتابع دروسه الجامعية، بينما كان من المقرر أن يبدأ معتصم بذلك هذه السنة، وتركا كل شيء وعادا إلى منطقة المنكوبين حيث يقيم والدهما منذ عامين. وأشار إلى أن القتيلين كانا عاطلين عن العمل قبل نزوحهما إلى سوريا حيث يشاركان بالقتال ضد النظام.

وقال شهود عيان في حي المنكوبين لـ«الشرق الأوسط» إن القتيلين «كانا من مرتادي المساجد قبل أن يتواريا عن الأنظار، وكانا من ضمن مجموعات تشارك في ندوات ولقاءات يقيمها إسلاميون»، وأشار أحدهم إلى أن والد القتيلين «معتدل وليس إسلاميا متشددا، ولم يكن من المشجعين لمشاركة ولديه في القتال بسوريا».

وارتبط عدد كبير من أفراد عائلة حسن ومعتصم بالتنظيمات الإسلامية المتشددة، ففي عام 2007 قتل خال الشابين خلال المعارك بين تنظيم «فتح الإسلام» والجيش اللبناني في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان. كما أن خالا آخر للشابين معتقل في ألمانيا لصلاته مع تنظيم القاعدة. ويقول الشيخ إبراهيم إن الشابين، بعد عودتهما من السويد حيث أمضيا عدة أعوام، «قررا عبور الحدود إلى سوريا والانضمام إلى تنظيم جند الشام»، مشددا على أن أحدا لم يكن يعلم بقرارهما.

وبحسب سكان حي المنكوبين، وهو واحد من أكثر الأحياء شعبية في طرابلس، فإن المتحمسين للقتال في سوريا مع المعارضة ضد النظام السوري «ينطلقون من حماسة لرد الظلم عن مسلمي سوريا».

وتؤكد مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أن «التشكيلات الإسلامية ساعدت على تحفيز هؤلاء للقتال في الداخل السوري، وساهمت في تشكيل مجموعات لنقلها إلى الداخل، وتحديدا إلى منطقة ريف تلكلخ».

وقتل 17 إسلاميا لبنانيا في مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أثناء تسللهم من الحدود اللبنانية إلى ريف حمص، فيما يعرف بكمين تلكلخ، وألقت القوات الحكومية السورية القبض على آخرين، بينهم حسان سرور الذي أفرج عنه بعد 4 أشهر على اعتقاله.

وتقول مصادر إسلامية بارزة في طرابلس إن أعداد الإسلاميين المتزايدة في منطقة المنكوبين، كما في باب التبانة والقبة في طرابلس، ناهزت الـ15 في المائة من سكان الحي، يتوزعون على فصائل إسلامية وكتائب وتشكيلات، قاتل بعضها في اشتباكات باب التبانة وجبل محسن، يجمع بينها تأييد المعارضة السورية والحماسة لقتال النظام.

وقال أحد سكان المنطقة إنه «يصعب التفريق بين الإسلاميين في المدينة والحي، نظرا لتداخلهم وتعدد أسمائهم وتشعبها»، مشيرا إلى أن «تنظيم جند الشام ليس منتشرا على نطاق واسع في المنطقة».