«الجيش الحر» ينقل معاركه إلى اللاذقية.. ويسيطر على أربع بلدات بريفها

مقتل 12 عنصرا من لواء أبو الفضل العباس العراقي بكمين.. واشتباكات عنيفة بين مقاتلين أكراد و«النصرة»

مقاتل في الجيش السوري الحر يطلق النار خلال معارك في حي جوبر بدمشق (رويترز)
TT

أعلن الجيش السوري الحر، أمس، بدء عملية تحرير الساحل السوري، الذي يضم بشكل رئيس محافظتي اللاذقية، مسقط رأس الرئيس السوري بشار الأسد، وطرطوس، اللتين تعدان استراتيجيتين بالنسبة للنظام السوري، بالتزامن مع سيطرة المعارضة على عدد من المواقع العسكرية النظامية في منطقة ريف اللاذقية.

وأكدت مواقع المعارضة السورية أمس سيطرة وحدات من «الجيش الحر» على بلدات أسرتيه وبارودا وكفرية وتلا الواقعة في جبل الأكراد بريف اللاذقية، وتضم البلدات الأربع مراصد تعتبر استراتيجية، وجاءت السيطرة عليها بعد اشتباكات عنيفة، واكبتها القوات النظامية بغارات شنتها المروحيات.

وقال ناشطون معارضون إن هذه المراصد بمثابة معاقل رئيسة لقوات النظام التي تتمركز فيها، واستمرت الاشتباكات بشكل خاص في محيط مرصد تلا، بينما يسعى الجيش الحر إلى استكمال السيطرة على مراصد أخرى تقع في جبال منطقة الساحل السوري.

وذكرت الهيئة العامة للثورة السورية في سياق متصل أن اشتباكات عنيفة اندلعت في اللاذقية، مؤكدة استهداف الجيش الحر بصواريخ «غراد» تجمعات نظامية في قرى بريف اللاذقية. ونقلت عن شهود عيان توجه تعزيزات عسكرية ضخمة تابعة لقوات النظام في بلدة الحفة نحو نقاط الاشتباك.

وتغيب مدينة اللاذقية، وهي المدينة الخامسة في البلاد من حيث عدد السكان، عن خارطة الاحتجاجات القوية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، المتحدر من بلدة القرداحة المجاورة. وبسبب فترة الاستقرار التي عاشتها أخيرا، استقطبت، وفق أحد الناشطين في المدينة، عددا كبيرا من النازحين داخل سوريا لا سيما من حلب. وتشير تقديرات إلى أن نحو نصف مليون نازح وفدوا إلى اللاذقية.

وفي حين يوجد المعارضون في أحياء الصليبة والرمل الفلسطيني وقنينص في المدينة، على الرغم من القبضة الأمنية القاسية المفروضة عليهم، تنحصر المواجهات بين المعارضة والقوات النظامية في ريف اللاذقية. ويعمل النظام السوري، وفق ما يؤكده ناشطون معارضون على تطويق أي مظاهر احتجاجية في المدينة، وهو لا يتوانى عن اعتقال كل من يتجرأ على رفع صوته من مثقفين وكتاب ومعارضين، علما بأن المدينة خليط من الطائفتين السنية والعلوية مع أقلية مسيحية، في حين يتوزع العلويون بشكل رئيس في بلدات الريف. وكان اعتقال السلطات السورية للدكتور العلوي عبد العزيز الخير، أبرز أركان هيئة التنسيق الوطنية السورية المعارضة، الذي لا يزال مصيره مجهولا، أشعل اشتباكات عسكرية بين العائلات العلوية في منطقة القرداحة، مسقط رأس عائلتي الأسد والخير.

ويعتبر عدد من المناطق الريفية المحاذية لمدينة اللاذقية مناطق شبه محررة، تسيطر عليها كتائب «الجيش الحر». وفي حين أن البلدات المحيطة بالقرداحة، مسقط رأس الأسد، بغالبيتها ذات أكثرية علوية، فإن الريف المجاور للحدود مع تركيا بغالبيته يضم أكثرية سنية. وتتركز المواجهات والاشتباكات بحسب ناشطين معارضين في المنطقة الوسطية بين الريفين العلوي والسني.

وللاذقية أهمية استراتيجية بالنسبة للنظام والمعارضة السورية في آن معا، إذ يعتبرها النظام نقطة أساسية لانتقال الأسد إلى تنفيذ خطته البديلة المتمثلة بإقامة الدولة العلوية، بينما تسعى المعارضة لضرب النظام في «داخل بيته».

ويقول أستاذ العلاقات الدولية والخبير في الشأن السوري سامي نادر لـ«الشرق الأوسط» إن أهمية اللاذقية هي في كونها «تشكل عاصمة الدولة العلوية، لكن من المعروف أن المدينة يسكنها غالبية سنية، بينما يتركز العلويون بشكل أكبر في الريف».

ويوضح نادر أن «اللاذقية هي بمثابة مدينة ساقطة عسكريا لأنها محاطة»، لكنه يشير إلى أن «أي تقدم تحرزه المعارضة سيتوقف على الدعم العسكري وتنفيذ الوعود التي تلقتها بالتسليح، ومن شأنه بالتالي أن يعزز موقعها التفاوضي».

ويرى أن النظام السوري «يذهب عمليا إلى طاولة المفاوضات، وهو يوحي بأنه قد حسم الأمور جغرافيا، خصوصا بعد حسم معركة القصير، التي تعتبر نقطة التواصل مع حزب الله الشيعي في لبنان، واستماتته في معركة حمص».

ويخلص إلى أن «المعارضة السورية تسعى من خلال إعلان الجيش الحر معركة تحرير الساحل والتقدم في بعض قرى الريف إلى تثبيت وجودها وتعزيز موقعها التفاوضي وتصعيب الأمور أكثر على النظام، بينما صمودها يتوقف على دعم المجتمع الدولي».

تجدر الإشارة إلى أن غارة إسرائيلية استهدفت في الخامس من الشهر الماضي مخزن أسلحة في ريف اللاذقية، تضاربت الأنباء بين احتوائه على مستودعات ذخيرة وصواريخ متطورة مضادة للسفن.

وفي التطورات الميدانية في باقي المناطق السورية، نسف «الجيش الحر» حاجز عبوس قرب معرة النعمان في ريف إدلب شمال البلاد، مما أدى لمقتل جميع عناصر الحاجز، وبينهم ضباط، بحسب معارضين.

وفي دمشق، قال ناشطون إن 12 عنصرا من لواء أبو الفضل العباس العراقي قتلوا في كمين نصبه لهم عناصر من «الجيش الحر عند سوق الخضار في بلدة السيدة زينب جنوب العاصمة دمشق».

وفي محافظة الحسكة شمال شرقي البلاد، دارت اشتباكات عنيفة منتصف ليل السبت – الأحد، بين مقاتلين من وحدات حماية الشعب الكردي من طرف ومقاتلي جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام من طرف آخر، في محيط بلدة تل حلف بريف مدينة راس العين. وتواترت الأنباء عن تقدم لمقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي في المنطقة وخسائر في صفوف مقاتلي تنظيم «دولة العراق والشام الإسلامية».

وأفاد المرصد السوري أمس بأن مقاتلي وحدات حماية الشعب نفذوا عملية أول من أمس في قرية كشتو قرب بلدة تل حلف، التابعة لمدينة رأس العين، حيث سيطروا على نقاط كانت خاضعة لسيطرة مقاتلي «الدولة الإسلامية» وجبهة النصرة والكتائب المقاتلة. واستولى المقاتلون الأكراد على كمية من الأسلحة والذخيرة.