لبنان: شكوك بأهداف تخريبية وراء عبوة داريا.. وقتيلان أثناء تحضيرها

وزير الداخلية اللبناني: معلومات بأن والدهما يجند مقاتلين لسوريا والعراق

TT

لا تزال ملابسات الانفجار الذي وقع في بلدة داريا في منطقة إقليم الخروب بجبل لبنان مساء الأحد، والمعلومات حوله، متضاربة، لا سيما تلك المتعلقة بأهداف الفاعلين الذين قتل اثنان منهم، هما محمد وعبد اللطيف الدخاخيني (من الجنسية المصرية) خلال تحضيرهما للعبوة المتفجرة، فيما أصيب الثالث، محمد حسن مسعود (سوري الجنسية) بجروح بالغة.

وفي حين بدا واضحا من خلال المعلومات التي تم الإعلان عنها أن الهدف هو القيام بأعمال تخريبية في بعض المناطق اللبنانية، أكد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل أن التحقيقات لم تصل إلى شيء نهائي، وما يتم تداوله إلى الآن ليس إلا تسريبات غير مؤكدة. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التحقيقات في عهدة الشرطة العسكرية، ولا نريد أن نستبق نتائجها، لكن وصلتنا معلومات تفيد بأن والد الشابين الشيخ أحمد الدخاخيني يجند مقاتلين إلى سوريا والعراق، وكان له علاقة بالشيخ أحمد الأسير، لكن ليس من الضروري أن تكون كلها صحيحة».

وكان شربل قد أعلن أنه عثر في منزل الشيخ الدخاخيني على خرائط تظهر ثلاثة أماكن أساسية، بينها منطقة سكنية، يبدو أنها كانت موضع الاستهداف، لافتا في الوقت عينه إلى أن «الشيخ أكد في إفادته أنه لا علاقة له بحادثة الانفجار».

وأظهرت التحقيقات الأولية بشأن الحادثة، بحسب المعلومات المتداولة، وجود متفجرات وعبوات جاهزة للتفجير وأجهزة لاسلكية ومعدات عسكرية، في إحدى غرف المنزل، بينما ألقت الأجهزة الأمنية القبض على والد القتيلين، الشيخ أحمد عبد اللطيف الدخاخيني، وهو مصري يعيش منذ فترة طويلة في البلدة، وكذلك على ابنه عبد الله. وانتشر الجيش اللبناني في محيط مكان الانفجار والمستشفى حيث نقل المصاب والقتيلان، وفق ما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام.

من جهته، رفض وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال شكيب قرطباوي استباق التحقيق في الحادثة، مؤكدا أن «الضابطة العدلية تحت إشراف النيابة العامة العسكرية بدأت تحقيقاتها بجدية». وإذ أكد أن هذا العمل مدان، وأن هناك خلايا إرهابية نائمة، أشار إلى أن «ما من أحد يستطيع أن يبرر قيام هكذا أعمال في لبنان»، مستبعدا «تسييس الملف»، وعازيا «السبب إلى حقن المشاعر والأمور الطائفية والمذهبية».

وكانت معلومات متضاربة جرى تناقلها أمس، أدت إلى بلبلة في أوساط أهل المنطقة، وعمدت بعدها بلدية داريا واتحاد بلديات إقليم الخروب إلى إصدار بيانات مستنكرة، بعد التداول إعلاميا بأن الشيخ الدخاخيني هو إمام أحد مساجد البلدة، مؤكدين أن أئمة مساجد داريا الثلاثة هم من أبناء المنطقة، ولا علاقة للدخاخيني الذي كان معروفا بأنه رجل دين متشدد، بأي منها، ولم يكن يقوم فيها بمهام دينية.

كما يؤكد رواد هذه المساجد، أنه لم يعد يتردد إلى أي منها منذ أكثر من ثلاث سنوات، بحسب ما أوضح رئيس البلدية خليفة سرحال لـ«الشرق الأوسط»، لافتا في الوقت عينه إلى أن المواطن السوري الذي كان موجودا في المنزل، غير معروف من قبل أبناء المنطقة، ولم يتمكن أحد من التعرف إليه.

وكانت حالة من الدهشة قد عمت بلدة داريا، إثر شيوع الخبر ولا سيما لجهة هوية الفاعلين، من دون أن يمنعوا أنفسهم من التعبير عن حزنهم لمقتل الشابين، وهذا ما عبر عنه، علي أ. (34 عاما)، بالقول: «نعرف أنهما شابان متدينان، لكنهما، وطوال فترة إقامتهما في منطقتنا التي تجاوزت العشر سنوات، لم نسمع أنهم قاموا بإيذاء أي شخص»، موضحا أن «محمد كان يعمل في محل للكومبيوتر، ويملك (باصا) لنقل الطلاب إلى المدرسة، بينما يعمل عبد اللطيف في أعمال البناء».

كذلك، أكد رئيس بلدية داريا السابق محمد بصبوص، أنه لم يكن يظهر على هذه العائلة أي علامات أو مظاهر تعكس تطرفهم أو تورطهم في أعمال مماثلة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا شيء يبرر ما حصل، ونؤكد رفضنا لأي أعمال من هذا النوع، لكن في الوقت عينه، نرفض وضع المنطقة ككل في دائرة الاتهام».

واعتبر أنه «ليس مقبولا ما يتم تداوله في وسائل الإعلام وتشويه الوقائع بالقول إن الشيخ هو إمام جامع البلدة، وبالتالي لديه أتباع ومؤيدون، أو أن بلدتنا بها سلفيون ومتطرفون، بل نطالب بأن تأخذ التحقيقات مجراها، وإظهار الحقيقة بعيدا عن أي مبالغات أو تحليلات لا تمت إلى الواقع بصلة».

وكان اتحاد بلديات إقليم الخروب الشمالي، وعدد من أحزابها وفاعلياتها، أصدروا بيانا، طالبوا من خلاله وسائل الإعلام بتوخي الحذر في المعلومات التي يقومون بنشرها، وجاء في البيان «على أثر الحادثة الأليمة التي وقعت في بلدة داريا الشوف إقليم الخروب الأحد الماضي في منزل تقطنه عائلة من التابعية المصرية، ومن منطلق الحرص على المصلحة الوطنية العلية، نطلب من وسائل الإعلام توخي الدقة في نقل أي معلومة، لا سيما أن الموضوع قد أصبح برمته في عهدة الأجهزة الأمنية والقضائية، وهي تقوم بواجباتها على أكمل وجه، وندعو الجميع لترك كلمة الفصل لهذه الأجهزة وحدها».

وتابع البيان: «بغض النظر عن نتائج التحقيقات، فإن بلدة داريا خصوصا والإقليم عامة، من المناطق المشهود لها بالوطنية والانفتاح والتعايش، وقد قدمت الكثير من رجالاتها في خدمة الوطن، وانطلاقا من هنا، فإننا نستنكر أي عمل يخل بالأمن والاستقرار والسلم الأهلي، ونعود لنؤكد على ترك الموضوع في عهدة الأجهزة المعنية وإعلاء مصلحة الوطن العليا».