عريقات يحذر من «ثمن باهظ» لاستمرار الاستيطان الإسرائيلي

لمح إلى خيارات بديلة للمفاوضات.. وفتح وحماس تتبادلان الاتهامات

عريقات
TT

قال كبير المفاوضين الفلسطينيين الدكتور صائب عريقات، إن استمرار الدولة العبرية في البناء الاستيطاني سيكون له «ثمن باهظ ويرتفع يوما بعد يوم»، وحذر من أن مواصلة بناء المستوطنات في الضفة الغربية والقدس يضع استمرار مفاوضات السلام، التي انطلقت جولتها الأولى الشهر الماضي في واشنطن، «محل شكوك».

وعلى الرغم من أن عريقات لم يتحدث عن وقف المفاوضات بشكل مباشر، لكنه لمح إلى التوجه للمؤسسات الدولية لمساءلة إسرائيل، وهو ما يعني تلقائيا لجوء الفلسطينيين إلى بدائل المفاوضات التي أعلنوا عنها سابقا، ألا وهي الانضمام إلى المؤسسات الدولية، بما فيها محكمة الجنايات.

وقال عريقات في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أمس: «نأمل أن تدرك الحكومة الإسرائيلية أن الإفلات من العقاب آخذ بالتلاشي، وأنه من مصلحة إسرائيل أن تسلك طريق القانون والعدالة والسلام بدلا من الاستمرار في بناء المستوطنات وسياسة الفصل العنصري»، وأضاف في البيان أن «مواصلة بناء المستوطنات تظهر عدم جدية إسرائيل تجاه مبدأ حل الدولتين، وسنقوم بالاتصال بجهات مختلفة في المجتمع الدولي من أجل تحميل المسؤولية للذين يعترضون جهود السلام، وأن البناء الاستيطاني له ثمن باهظ، وأن هذا الثمن سيستمر بالازدياد».

واتهم عريقات «بعض الجهات وأعضاء في الحكومة الإسرائيلية» بالالتزام بالاستيطان على حساب السلام، وأوضح أن «ما يسمى ببلدية القدس، بالتعاون مع وزارة الإسكان الإسرائيلية، تؤكد من جديد التزامها بترسيخ الاستيطان من خلال محاولة إفشال الجهود الحثيثة لتحقيق حل الدولتين»، في إشارة إلى الخطة التي أعلنت عنها إسرائيل مؤخرا لبناء مستوطنة إسرائيلية جديدة في حي جبل المكبر الواقع جنوب القدس المحتلة.

وتعتزم بلدية القدس بالتعاون مع وزارة الإسكان الإسرائيلية وضع حجر أساس، والإعلان عن إنشاء مستوطنة جديدة في حي جبل المكبر في القدس (الشرقية).

ويفترض أن أوري أريئيل وزير الإسكان، ونير بركات رئيس بلدية القدس، سيشاركان في مراسم وضع حجر الأساس للمستوطنة الجديدة في جبل المكبر، التي ستستهل بـإقامة 63 وحدة سكنية.

وعمليا، كانت الوحدات السكنية في المستوطنة الجديدة بيعت منذ خمس سنوات، في وقت شارفت فيه أعمال البناء على الانتهاء.

وتشيد هذه المستوطنة الجديدة بالقرب من مستوطنة أخرى مقامة في جبل المكبر وتحمل اسم «نوف تسيون»، ويسكنها يهود متدينون، وهم الذين سيقيمون في المستوطنة الجديدة.

وعقب عريقات أمس قائلا إن «بعض الجهات في إسرائيل لا تزال تعتقد بأن المحصلة النهائية للمفاوضات لا ينبغي أن تكون السلام، بل مزيد من الاستيطان، ونحن ندعو جميع الأطراف التي تدعو لاستئناف المفاوضات للقيام بكل ما هو ضروري لردع كل القرارات التي اتخذت من قبل الحكومة الإسرائيلية وبلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس».

وجاءت هذه التطورات قبل نحو أسبوع من جولة مفاوضات جديدة يفترض أن تنطلق في القدس وسط معارضة فلسطينية كبيرة.

وواصلت فصائل فلسطينية مطالبة القيادة الفلسطينية بوقف هذه المفاوضات، وعادت حركة حماس الفلسطينية لتتهم حركة فتح بتفضيل المفاوضات على المصالحة.

وشنت حماس مزيدا من الهجوم على فتح، وبثت وثائق أخرى جديدة قالت إنها تظهر «تورط» فتح في «شيطنة» الحركة الإسلامية في مصر. وركزت الوثائق الجديدة، التي لم يتسنّ التأكد من صحتها، على قيادة المخابرات الفلسطينية العامة.

وقال القيادي في حماس، صلاح البردويل إن «هذه الوثائق ترسلها السلطة الفلسطينية لمصر للتحريض على حماس والمقاومة».

وتظهر الوثائق تبادل مراسلات حول تورط كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، بإدخال كميات من الصواريخ والأسلحة والأموال، إضافة إلى مقاتلين لمساندة جماعة الإخوان المسلمين في سيناء، والتعاون مع الجماعات السلفية هناك وحماية منزل عضو المكتب السياسي في الحركة موسى أبو مرزوق في القاهرة.

وتزامن ذلك مع شن حماس حملة اعتقالات في صفوف عناصر من فتح في غزة، واتهامها السلطة باعتقال عناصرها في الضفة الغربية.

وبدورها، ردت فتح متهمة حماس بمواصلة عرض «مسرحية هزلية»، وقال المتحدث باسم الحركة أسامه القواسمي: «إن الفصل الثاني من مسرحية الوثائق المزورة يحمل هذه المرة بصمات ما يسمى الأمن الداخلي لحماس، بعد الفشل الذريع لمحاولات البردويل وجماعته فبركة حملات إعلامية ضد حركتنا العظيمة».

وأضاف في بيان: «تعودنا منهج حماس في التزوير وتلفيق التهم، فمن فقد ضميره، وانتهك المبادئ وقيم الدين الحنيف، لن يفاجئنا بفعل أي أمر، فنحن لا نتوقع توقف محاولات حماس لتشويه حركة فتح، لكننا على يقين أنها لن تجد أدنى أثر أو جدوى لدى جماهير الشعب الفلسطيني، التي باتت تعرف وتفرق بوعي وطني متميز بين الحق والباطل».

واتهم القواسمي، حماس، بشن «عمليات اعتقال وتعذيب، جرت في الأيام الأخيرة لإرغام المختطفين من أبناء فتح للإدلاء باعترافات مسجله، ومساومتهم على حريتهم»، قائلا: «هذه الحملة دليل دامغ على أزمة سياسية وأخلاقية تعيشها حماس».

ومن جهتها، اتهمت حماس الأجهزة الأمنية في الضفة بشن حملة مزدوجة مع إسرائيل «لتصفية» ما وصفته بـ«المقاومة»، عبر اعتقال عناصرها.

ويعتبر تبادل الاتهامات هذا «الأسوأ» منذ فترة طويلة، ويلقي بشكوك كبيرة حول إمكانية تحقيق مصالحة بين الطرفين.