القربي لـ «الشرق الأوسط»: الإجراءات الغربية لا تخدم جهود مكافحة الإرهاب

إحباط مخطط لـ«القاعدة» للسيطرة على مدينتين بجنوب اليمن ومنشآت نفطية واستهداف غربيين

TT

استنكر وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي الخطوات التي اتخذتها دول غربية بإجلاء رعاياها من اليمن، وتمديد إغلاق السفارات، بسبب مخاوف من وقوع عمليات إرهابية محتملة، قائلا إن تلك الخطوات لا تخدم الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب في اليمن.

وقال القربي في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، من لندن، إن «الوضع في اليمن مستقر، ومختلف عما كان عليه قبل أسبوعين، بل أفضل من السابق بكثير». وتابع: «نحن نقدر الخطوات التي اتخذتها الحكومات الغربية.. فهي إجراءات تقوم بها الدول عادة لحماية موظفيها وسفاراتها.. ولكننا نعتبرها هذه المرة لا تخدم جهود مكافحة الإرهاب». وأضاف: «طريقة تعامل دول غربية مع تلك التهديدات لا تنم عن قدرة على المواجهة والتعامل مع الحدث، وتخدم الإرهابيين».

وقال القربي إن ما أنجزه اليمن في مكافحة الإرهاب، وعناصر «القاعدة»، معروف للجميع، وإن صنعاء لم تفرط في الجانب الأمني وحماية السفارات.. ولا تجد مبررا لخروج البعثات الدبلوماسية من اليمن. وحول التبريرات بوجود مخاطر أمنية أو عمليات إرهابية محتملة من قبل «القاعدة» في اليمن، قال القربي «مخاطر (القاعدة) ليس في اليمن وحده.. ولكن في كثير من الدول، هم (الغرب) أغلقوا سفاراتهم في 19 دولة ولكن تركيز الحديث عن اليمن قد يرجع لوجود أحد قادة (القاعدة) في البلاد».

وكانت الحكومة اليمنية ردت بشدة على جلاء الموظفين الغربيين، موضحة في بيان أنها لا تنكر وجود مخاوف أمنية لكن مثل هذا الإجراء يخدم مصالح المتطرفين. وقال بيان يمني رسمي إن خطوة كهذه تقوض التعاون الاستثنائي بين اليمن والتحالف الدولي ضد الإرهاب، مؤكدة أن السلطات المحلية اتخذت كل الإجراءات لضمان أمن وسلامة البعثات الأجنبية.

وكانت دول غربية بينها الولايات المتحدة أمرت مواطنيها بمغادرة اليمن ومددت إغلاق سفاراتها بسبب تهديدات أمنية، بعد أن التقطت أجهزة استخباراتها مكالمات بين كبار قادة تنظيم «القاعدة» وبينهم زعيم التنظيم أيمن الظواهري. وأشارت معلومات استخباراتية أيضا إلى اعتراض رسالة سرية بين أيمن الظواهري ونائبه ناصر الوحيشي في اليمن، وقالت الأنباء إنها من أحد الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة لإغلاق سفاراتها في أنحاء الشرق الأوسط.

وكانت الأجهزة الاستخبارية اليمنية كشفت أن العشرات من تنظيم القاعدة وصلوا إلى صنعاء في الأيام القليلة الماضية استعدادا لتنفيذ عملية واسعة النطاق. وأن هذه قد تتضمن تفجيرات، وهجمات انتحارية، تستهدف السفراء الغربيين وسفارات الدول الغربية، وأيضا، عمليات تستهدف مقرات الجيش اليمني. وكان البيت الأبيض قال أيضا إن مصدر التهديد الراهن هو تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، لكنه رفض الحديث عن أي تفاصيل.

وفي واشنطن، قالت ماري بسكاي، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، خلال مؤتمرها الصحافي اليومي، إن الإجراءات المتخذة بشأن الدبلوماسيين في اليمن «ليس إجلاء أو إغلاقا للسفارة وإنما تخفيض لعدد الدبلوماسيين. وردا على سؤال حول ما إذا كانت الإجراءات الأمنية الأميركية تخدم مصالح الإرهابيين، قالت: «هدفنا هو حماية الدبلوماسيين والمواطنين الأميركيين في الخارج. نحن نتخذ قراراتنا يوميا، حسب الأخطار التي تواجههم». وأضافت: «التحذيرات الأخيرة سببها معلومات مؤكدة ومحددة.. نعم، تظل حكومة اليمن تقوم بدور كبير لمواجهة الإرهاب، ولتنفيذ مبادرة الدول الخليجية حول المرحلة الانتقالية، ونحن نتعاون بشكل وثيق مع حكومة اليمن، والوزير (وزير الخارجية جون كيري) تحدث أمس تليفونيا مع الرئيس (اليمني عبد ربه منصور) هادي، وأثنى على جهوده في محاربة الإرهاب، وعلى تعاونه المستمر معنا».

وتعليقا على بيان حكومة اليمن عن عدم الحاجة إلى تضخيم الخطر الذي يواجه السفارات الأجنبية والمواطنين الأجانب في اليمن، قالت: «نحن لم نغلق سفارتنا. نحن خفضنا عدد الدبلوماسيين فيها. لا يزال الوجود الحكومي الأميركي مستمرا في اليمن». وأضافت: «لكن، طبعا، تخفيض عدد الدبلوماسيين يخفض الخدمات والنشاطات.. على كل حال، نحن نواصل تقييم الوضع كل يوم».

في غضون ذلك أكد متحدث رسمي يمني أمس، أن السلطات اليمنية أحبطت مخططا كبيرا أعده تنظيم القاعدة للسيطرة على مدينتين في الجنوب وعلى منشآت نفطية ولاستهداف غربيين يعملون فيها، وذلك في ظل استمرار الاستنفار الأمني في هذا البلد تحسبا لوقوع هجمات.

وذكر المتحدث راجح بادي لوكالة الصحافة الفرنسية أن «الهدف الرئيس للمخطط كان السيطرة على مدينتي المكلا وغيل باوزير» في الجنوب، مشيرا إلى أن المخطط كان يشمل أيضا منشآت نفطية حيوية بالقرب من المكلا، عاصمة محافظة حضرموت.

وبحسب المتحدث، فإن السلطات اليمنية تمكنت من إحباط هذا المخطط الكبير قبل يومين من ساعة الصفر التي حددها التنظيم المتطرف في 27 رمضان، أي يوم الاثنين الماضي. وكان يفترض أن ينفذ الهجمات على المنشآت النفطية مسلحون يتنكرون بلباس الجيش اليمني ويقومون بالتظاهر مدعين بأنهم حراس يطالبون بإكرامية رمضان، على حد قول بادي.

وذكر المتحدث أن المخطط كان ينص على أن يقوم المسلحون أولا باقتحام ميناء ضبة لتصدير النفط بالقرب من المكلا، واقتحام ميناء آخر للمشتقات النفطية في منطقة قريبة. وأضاف: «لو فشل المسلحون بالسيطرة على المنشآت كانت الخطة تنص على أن يتم أخذ الخبراء الأجانب العاملين فيها رهائن». وتدير شركة كندية قسما من المنشآت النفطية المستهدفة.

وفي جانب آخر من المخطط، كان مسلحو «القاعدة» ينوون شن هجوم على الأنبوب الاستراتيجي الذي ينقل الغاز الطبيعي إلى مصنع وميناء بلحاف للغاز المسال على ساحل محافظة شبوة المجاورة.

وتشارك شركة «توتال» الفرنسية في ملكية وإدارة مشروع النفط المسال في اليمن.

كما شمل المخطط بحسب المتحدث مهاجمة مصارف في وسط اليمن، إلا أن هذا الجانب من الخطة لم يكن محددا بدقة.

من جهة ثانية أعلن مسؤولون قبليون مقتل 8 أشخاص يعتقد أنهم أعضاء في تنظيم القاعدة فجر أمس في غارة شنتها طائرة بدون طيار على جنوب اليمن. وقال أحد هذه المصادر إن «غارة جوية نفذتها طائرة بدون طيار أميركية واستهدفت سيارتين تتبعان (القاعدة) أثناء مرورهما في بلدة نصاب في محافظة شبوة الجنوبية، مما أدى إلى تدمير السيارتين ومقتل سبعة من عناصر التنظيم». وهو خامس هجوم من هذا النوع منذ الثامن والعشرين من يوليو (تموز) الماضي. وأسفرت هذه الهجمات عن سقوط 24 قتيلا.