تجميد البرلمان يقرب الوضع في تونس من السيناريو المصري

تاريخيا لم يتدخل الجيش التونسي في السياسة

TT

قال محللون وساسة إن تجميد البرلمان المؤقت قد يقرب تونس مهد ثورات الربيع العربي من السيناريو المصري الذي أطاحت فيه المعارضة العلمانية بحكومة يقودها الإسلاميون.

وقد تكون الصدمة الأكبر التي تعرض لها حزب النهضة هي أن الضربة الأخيرة جاءته من أحد حلفائه العلمانيين، بينما يشير إلى تصاعد الاستقطاب بين القوى الإسلامية والعلمانية، حسب «رويترز».

وقال المحلل نور الدين المباركي: «هذا مكسب للمعارضة، هذا نقل للأزمة إلى داخل الحكومة الائتلافية».

وجمد مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي والعضو في حزب التكتل الشريك الصغير في الائتلاف الحاكم أعمال المجلس التشريعي يوم الثلاثاء الماضي إلى أن تبدأ المحادثات بين الحكومة والمعارضة.

وقال بن جعفر إنه اتخذ هذه الخطوة لضمان الانتقال إلى الديمقراطية. لكن نجيب مراد عضو المجلس التأسيسي عن حزب النهضة وصف ما حدث بأنه «انقلاب داخلي».

وتواجه تونس أعنف أزمة سياسية وأمنية منذ الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بحكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي عام 2011 وأطلقت شرارة الانتفاضات العربية.

وتنظم المعارضة العلمانية التي أغضبها اغتيال اثنين من قادتها وتشجعت بإطاحة مصر بالرئيس الإسلامي بدعم من الجيش احتجاجات حاشدة يوميا في محاولة للإطاحة بالحكومة وحل المجلس.

وجاءت هذه الخطوة قبل أسابيع من الموعد المقرر أن ينتهي فيه المجلس التأسيسي من وضع مسودة الدستور وقانون الانتخابات الذي سيمكن تونس من إجراء انتخابات جديدة بحلول نهاية العام.

وقال المحلل التونسي سفيان بن فرحات، إن «السيناريو المصري ليس بعيدا ويبدو ممكنا إذا استمرت الأزمة»، لكنه استبعد أن يقدم الجيش التونسي يد المساعدة.

وتاريخيا لم يتدخل الجيش التونسي في السياسة من قبل على عكس الحال في مصر. وعلى عكس قرارات مرسي بالإسراع بصياغة دستور يميل لصالح الإسلاميين ورفضه اقتسام السلطة مع المعارضة الليبرالية حكم حزب النهضة بالتحالف مع الأحزاب العلمانية وأحجم عن إدخال الشريعة في الدستور.

وقال بن فرحات إن «تجميد المجلس إلى جانب الاحتجاجات الحاشدة يمكن أن يعيد ترتيب أوراق اللعبة السياسية ويقودنا إلى نقلة جديدة أكثر خطورة في الأزمة إذا استمرت المعارضة والحكومة في عنادهما».

وقال المعارض سفيان شورابي: «الاحتجاجات الحاشدة وقرار بن جعفر سيسرع بنا لما حدث في مصر». وأضاف: «المعارضة كثفت ضغوطها وبن جعفر استجاب».

ويهون قادة النهضة من خطورة تعليق عمل البرلمان ويقولون إن ذلك سيساعدهم على حمل المعارضة على التوصل إلى تسوية من خلال المحادثات.

وقال لطفي زيتون وهو سياسي من حزب النهضة إن القرار لم يضعف الحزب، بل إنه سيدفع المعارضة إلى بدء المحادثات وتوقع أن تبدأ المحادثات فور انتهاء عطلة عيد الفطر قائلا إن المجلس لن يظل معطلا لفترة طويلة.

لكن ذلك قد يكون من قبيل التمني فإن المعارضة ترى فيما يبدو أن تعطيل عمل المجلس يبرر موقفها.

وقال الباجي قائد السبسي رئيس حزب نداء تونس المعارض «رأيتم الناس في الشارع، حل المجلس مطلب شعبي».

وأضاف أن اقتراح النهضة إجراء استفتاء ليس جادا، بل مجرد محاولة لكسب الوقت وأن الظروف ستقود إلى حل الحكومة كذلك.

ورغم أن «النهضة» ما زال قويا كحزب سياسي ففي مطلع الأسبوع احتشد أكثر من مائة ألف شخص في ميدان رئيس في تونس العاصمة لتأييد الحكومة في أكبر احتشاد منذ الإطاحة ببن علي، لكن الحزب يفقد بعضا من شركائه المؤثرين. فقد ألقى الاتحاد العام التونسي للشغل بثقله وراء تعليق عمل المجلس وساند احتجاجات المعارضة.

وقد يكون الاتحاد الذي يضم 600 ألف عضو لاعبا حاسما في تحديد نتيجة الأزمة نظرا لقدرته على شل البلاد إذا ما دعا إلى إضراب.

وفي حين يشير إلى احتمال وقوع المزيد من أعمال العنف اشتبك نشطاء من لجنة حماية الثورة مع محتجين معارضين للحكومة في الأسابيع القليلة الماضية. ووسط حالة الفوضى السياسية يراقب المواطن التونسي العادي باستياء ما يراه كثيرون صراعا قبيحا على السلطة.

وتقول نادية يوسفي (25 عاما) وهي تقف خارج متجر للبقالة في وسط تونس العاصمة: «المعارضة تريد ركوب موجة الأحداث الإقليمية الأخيرة، لكنها لا تعرض علينا شيئا سوى المزيد من الاحتجاجات».

وأضافت: «لماذا لا ننتظر كلنا بضعة أشهر ونجري الانتخابات.. (النهضة) سيئ. لكن الآن المعارضة أسوأ. إنهم يستغلون شبابنا كوقود للتخلص من الحكومة والبرلمان وتركنا في فراغ».