احتقان طائفي في اللاذقية على وقع نزوح العلويين من قرى الريف

شبيحة هددوا مصلين سنة بالذبح على الهوية

TT

تشهد مدينة اللاذقية احتقانا طائفيا كبيرا بعد نزوح عدد من العلويين من قرى الريف التي باتت خاضعة لسيطرة الجيش السوري الحر، وعلى خلفية اختطاف الشيخ العلوي بدر غزال من قبل تنظيم «دولة العراق والشام الإسلامية».

ويعيش سكان المدينة، التي تتوزع ديموغرافيتها بين العلويين الموالين للنظام والسنة المعارضين، إضافة إلى أقلية مسيحية صغيرة، حالة من القلق والذعر، بعد أن عرفوا فترة استقرار نسبي خلال الأشهر الفائتة. وأسهم استحداث أربع حواجز نظامية أمس في شوارع المدينة في مضاعفة حالة التوتر.

وتشير مصادر من أهالي المدينة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «مجموعة من الشبيحة توجه أفرادها منذ أيام إلى أحد مساجد حي الصليبة السني وهددوا المصلين الذي كانوا يؤدون صلاة التراويح بأنهم سيذبحون على الهوية إذا لم يعد الشيخ غزال إلى عائلته».

ويؤكد ناشطون ميدانيون تدفق أعداد كبيرة من العائلات العلوية بشكل يومي من الريف الذي يشهد معارك عنيفة ليتم إيواؤها في المدارس التي فتحت أبوابها لاستقبالهم. ويلعب هذا النزوح دورا كبيرا في خلق حالة احتقان طائفي داخل الأوساط العلوية، وخصوصا أن المعلومات الواردة من الريف تفيد بأن عناصر إسلامية متشددة من تنظيم «دولة العراق والشام الإسلامية» هم من يتولون عملية اقتحام القرى العلوية.

وفي حين كان العلويون والسنة يتقاسمون التوزيع السكاني في المدينة، إضافة إلى أقليات مسيحية وتركمانية وإسماعيلية، فإن النزوح من مدن حلب ودمشق وإدلب إلى الساحل الذي يشهد استقرارا أمنيا، جعل نسبة السكان السنة، بحسب تقديرات عدة، يفوق عدد السكان العلويين. وتعتبر اللاذقية منطقة استراتيجية بالنسبة للنظام السوري، الذي ينظر إليها باعتبارها الخزان العلوي المؤيد له من جهة، وعاصمة الدولة العلوية التي قد يبادر إلى تأسيسها في حال انتقاله إلى تنفيذ مخطط تقسيم سوريا من جهة أخرى.

ويظهر شريط فيديو تم بثه على موقع «يوتيوب» عددا من العائلات العلوية النازحة مختبئة في مكان آمن بعد هروبها من قراها التي اقتحمها الجيش الحر. ويشير النازحون إلى أن معظم عناصر «جيش الدفاع الوطني» و«اللجان الشعبية»، الذين كانوا يقيمون الحواجز في القرى، قد تركوا أسلحتهم وهربوا بدلا من الدفاع عن الأهالي.

وكان الجيش الحر قد أعلن قبل أيام سيطرته على 11 قرية علوية في منطقة جبل الأكراد، مؤكدا أن مقاتليه باتوا على بعد كيلومترات قليلة من مدينة القرداحة مسقط رأس الرئيس السوري بشار الأسد.

وفي حين تؤكد المعارضة أن مقاتليها لم يرتكبوا أي انتهاكات بحق المدنيين في ريف اللاذقية، نشرت مواقع موالية للنظام أسماء أكثر من 100 مدني علوي، تم اختطافهم من قراهم على يد كتائب «الجيش الحر» توزعوا بين أطفال ونساء وشيوخ.

وفي هذا السياق، يشير عضو «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» ميشيل كيلو لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المعركة في ريف اللاذقية يجب أن توجه ضد النظام وليس ضد العلويين، فالعلوي ليس مسؤولا عن إجرام النظام وسلوكه العنفي»، معربا عن اعتقاده أنه يجب أن يسمح للشيخ غزال المختطف بحق الدفاع عن نفسه حتى ولو كان مؤيدا للنظام.

وطالب كيلو فصائل «الجيش الحر» المنتشرة في ريف الساحل «بممارسة قناعاتها وقيمها النبيلة بعيدا عن الأحقاد والانتقامات»، مؤكدا ضرورة عودة النازحين العلويين إلى قراهم التي هربوا منها، إضافة إلى إطلاق سراح المخطوفين إن وجدوا.

ونفى المعارض السوري الذي يتحدر بأصوله من مدينة اللاذقية، أن يكون تنظيم «دولة العراق والشام الإسلامية» من يقاتل في ريف الساحل، مشيرا إلى أن «وباء هذا التنظيم المتطرف لم يصل إلى ريف اللاذقية بعد، وأن من يقاتل هم كتائب الجيش الحر»، في حين أفادت تقارير عدة بأن «الإسلاميين هم من يتصدرون واجهة العمليات العسكرية في ريف الساحل». وشدد كيلو على أن «هذه المعركة تمثل نقلة كبيرة في طبيعة الصراع، كما أنها تحمل أهمية سياسية باعتبار الأقليات التي كانت تظن أن النظام هو من يحميها أدركت أن هذا الكلام عبارة عن وهم.