سلام يريد حكومة «واقعية» ومتمسك برفض «الثلث المعطل»

مصادر مقربة منه تؤكد استمرار «المشاورات المكثفة».. والتشكيلة ستبصر النور قريبا

TT

نفى الرئيس المكلف تشكيل حكومة لبنانية جديدة، تمام سلام، ما أشيع عن امكانية تأليف حكومة «أمر واقع» في اليومين المقبلين، في حين أكّدت مصادره لـ»الشرق الأوسط» أنّ «الحكومة ستبصر النور قريبا والاتصالات المكثفة لا تزال مستمرة». وكرّر سلام بعد لقائه الرئيس اللبناني ميشال سليمان أمس تمسكه بحكومة «المصلحة الوطنية» التي أعلن عنها بعد تكليفه والعمل لتشكيل «حكومة الواقع» وليس «الأمر الواقع». وقال سلام، بعد لقائه سليمان في قصر بعبدا امس، إن «هناك انطباعا بان الاعلان عن الحكومة هو اليوم او غدا ولكن هذا الأمر غير دقيق، ولا ارغب بأن اغامر بقدر ما ارغب بانجاز شيء فيه فائدة للبلد لا سيما في ظل الاجواء المضطربة والضاغطة لأن الفراغ في السلطة التنفيذية لا فائدة منه». وشدّد على أنّه «يعمل وبجد لاخراج حكومة ضمن هذا المعطى وفي هذا السياق»، مشيرا الى ان «تعاون ودعم الرئيس سليمان كان عاملا مؤثرا وما زال في ان تكون الامور نحو التوجه الصائب».

وعن شكل الحكومة المفترض تأليفها في ظل الخلاف حول هويتها بين «السياسية» و»الحيادية» و»الأمر الواقع»، والشروط والشروط المضادة من قبل فريقي «14 آذار» و»8 آذار» المتمسك بشرط الثلث المعطل (للقرارات الوزارية)، قال سلام إن «أي حكومة تتألف لا بد من أن تكون واقعية، وأحرص على أن أكون واقعياً في قناعتي»، مكررا تمسكه برفضه «الثلث المعطل» وبمبدأ المداورة في الحقائب، مضيفا: «حريص على عدم وجود اشخاص استفزازيين في الحكومة وكلها امور شهدناها في الحكومة السابقة ونعرف نتائجها».

ورأى سلام أنّ «كل الحكومات سياسية ولكن يحلو للقوى السياسية ان تتناول تصنيفات واوصاف للحكومة»، مؤكداً أنه لا يرى أمامه «الا حكومة المصلحة الوطنية». وأتى كلام سلام بعد مواقف سياسية من مختلف الأطراف ولا سيما النائب وليد جنبلاط والرئيس اللبناني اللذين أبديا موافقتهما على تشكيل حكومة حيادية، اضافة الى معلومات نقلت عن مصادر عدّة تعكس بشكل واضح أنّ هناك توجها نحو السير قدما في تأليف حكومة وصفت حينا بـ «الحيادية» وحينا آخر بـ «الأمر الواقع» التي تستبعد «حزب الله». وفي حين ظهر واضحا أن هذا التوجه كان يلقى دعم كل من فريق 14 آذار وجنبلاط بحجة أن الوضع الراهن بات يتطلب حكومة قادرة على ادارة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، كانت سهام 8 آذار ولا سيما النائب ميشال عون و»حزب الله» مصوّبة نحو أي خطوة بهذا الاتجاه وصلت الى حد التلويح بتكرار سيناريو ما بات يعرف بـ «7 مايو (ايار) 2008» ، أي دخول عناصر حزب الله في معركة في شوارع بيروت. وردّ سلام على من يصنفه ضمن فريق «14 آذار» أو «تيار المستقبل»، قائلاً: «لست في فريق معين أو كتلة نيابية، وأنا مستقل ولدي حرية تحركي وتكليفي من 124 نائباً يجب أن يعطى حقه كاملاً، ولذلك رفعت شعار المصلحة الوطنية، وما نريده حكومة ضمن هذا المعطى والسياق وترضي ضميري وضمير وطني».

وفي حين قال سلام إن «من حق كل القوى السياسية أن تطالب بما فيه مصلحتها، وأنا لي الحق في تأليف حكومة تكون فيها مصلحة البلد ككل والتشاور مع جميع الفرقاء لم يتوقف»، ردّت مصادره على ما كان النائب ميشال عون قد أعلنه لجهة عدم تواصله مع الرئيس المكلف في الفترة الأخيرة. وقالت لـ»الشرق الأوسط»: «فليبادر هو الى التواصل مع سلام الذي يؤكد انفتاحه على الجميع ويصرّ على عدم تشكيل حكومة الا اذا نالت ثقة مسبقة وتوافق وطني»، مشيرة في الوقت عينه الى أنّ «التشكيلة الحكومية ليست جاهزة انما الاتصالات والمشاورات المكثفة مستمرة وقد تبصر النور قريبا». من ناحيتها، وضعت مصادر الرئيس اللبناني لـ»الشرق الأوسط» لقاء سلام – سليمان أمس، في خانة اللقاءات الأسبوعية التي تحصل بين الطرفين، وكيفية العمل على تدوير الزوايا والخروج من هذا الوضع الذي يعيشه لبنان. واعتبرت المصادر أنّ ما تم التداول به لناحية تشكيل حكومة «امر واقع» لا تضم حزب الله، لا يعدو كونه ايحاءات اعلامية فيما الوقائع العملية هي عكس ذلك في ظل الانقسام الحاصل بين الفرقاء وتمسك 8 آذار، بشروطها ولا سيما تلك المتعلقة بالثلث المعطل». وفي هذا السياق، اعتبر وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل، معاون رئيس البرلمان اللبناني أن «لبنان يعيش حالاً من القلق والتوترات المزعجة»، متمنياً «الوصول إلى حكومة قادرة على إدارة المرحلة»، مشيراً الى أن «هناك اتصالات للتوصل إلى تفاهم حول حكومة تجمع كل الأطراف وتمهد لمعالجة سياسية في البلد».

وكان النائب عون قد أشار، مساء أول من امس، الى أن «هناك محاولة لتأليف حكومة بصرف النظر عن آراء الآخرين، أي فرض حكومة أمر واقع». وقال: «يبدو أن هناك تصميماً سابقاً لتشكيل حكومة من نوع معيّن».

وأكد إصراره على المشاركة في الحكومة»، مشددًا على أنه «لا يمكن حذف أي طرف لبناني من الحكومة». ورأى عون أن «التمثيل النسبي يحلّ مشاكل الجمهورية اللبنانية، لكن تيّار «المستقبل» لا يقبل بالنسبية وهي تخيفه لأنّه استبدّ بالسلطة في الفترة الماضية»، معتبرًا أنه «على سلام أن يحصل على حصة ضمن حصة «المستقبل» لأن هذا التيار هو من رشّحه».

في المقابل، رأى النائب في كتلة «المستقبل» احمد فتفت، أن «الرئيس اللبناني بادر الى تحديد مخاطر المرحلة الحالية، وخرج بخلاصة انه لا بد من حكومة في أسرع وقت ممكن وهي لا يمكن ان تكون من لون واحد او حكومة وحدة وطنية».

وقال: «نحتاج الى أفكار جديدة أهمها حكومة حيادية لا تؤدي إلى أن يكون هناك فريق يعتبر نفسه مقصودا ونحن لا نريد عزل اي فريق»، مشيرا إلى أنّ «كل الجهات السياسية المتخاصمة تكون عندها خارج الحكومة ويكون الموقف في هكذا حكومة موقفا وطنيا لمصلحة لبنان وتقوم حكومة تستطيع معالجة أمور الناس ويبقى الخلاف السياسي حول الإستراتيجية الدفاعية والسلاح على طاولة الحوار».