الغنوشي يرفض طلب المعارضة تشكيل حكومة غير حزبية

شبه الثورة التونسية بـ«الشمعة المتبقية في سماء الربيع العربي»

راشد الغنوشي أثناء المؤتمر الصحافي الذي نظمته «النهضة» أمس (إ.ب.أ)
TT

اعترف راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة الحاكم في تونس بوجود أخطاء في الحكم، وقال إن هذه الأخطاء «لا تبرر الدعوات للعودة إلى نقطة الصفر». ورفض الغنوشي طلب المعارضة تشكيل حكومة غير حزبية مشيرا إلى أن «ذلك لن يساعد البلاد خاصة في ظل الموقف الحساس الذي تعيشه». وأعلن الغنوشي بأنه سيقبل بتشكيل حكومة وحدة وطنية بشرط أن يمثل فيها كل الأحزاب.

وذكر الغنوشي للصحافيين إنه يرفض تشكيل حكومة غير حزبية لأن هذا النوع من الحكومات لا يستطيع إدارة البلاد في الموقف الحساس الذي تمر به. وأضاف أن الحكومة تحتاج إلى وقت طويل للتعامل مع القضايا السياسية والاقتصادية.

وقال الغنوشي إن الثورة التونسية لا تزال تلقى الدعم من الدول الغربية ممثلة في دول الاتحاد الأوروبي وهو ما «كرره مبعوثو الاتحاد إلى تونس في أكثر من مناسبة». وأشار في مؤتمر صحافي عقده أمس بالعاصمة التونسية، إلى تغير السياسات الغربية تجاه ثورات الربيع العربي ووصف موقف الدول الغربية بـ«المتلعثم» تجاه ما حدث في مصر وما يحدث حاليا في تونس، وقال «إن الموقف الأميركي من تسلم الإسلام السياسي لمقاليد الحكم في دول الربيع العربي لم يعبر عن تراجع واضح حتى الآن عن دعم الانتقال الديمقراطي»، إلا أنه تطرق إلى الاستياء الأميركي من الاعتداء الذي طال السفارة الأميركية بتونس في الرابع عشر من سبتمبر (أيلول) الماضي. وأشار الغنوشي إلى أن الأميركيين انتقدوا الأحكام الصادرة ضد مهاجمي السفارة ولكن حركة النهضة أقنعتهم بأن الأحكام القضائية الصادرة لم تشمل كل المشاركين في الهجوم، وأن المتهمين بأعمال جنائية لم يبت القضاء في ملفاتهم بعد.

وشبه الغنوشي الثورة التونسية بـ«الشمعة المتبقية في سماء الربيع العربي»، وقال إنه من المبالغة القول إن تونس تعيش مأزقا سياسيا بل «البلاد تعرف صعوبات تتعلق باستغلال بعض الأطراف السياسية للمصائب التي تعرفها تونس من إرهاب وبطالة ونقص في التنمية لغاية فرض أجندات سياسية تقصي حركة النهضة من الحكم والحلم برؤية (سيسي) آخر في تونس».

وأضاف الغنوشي إلى أن حركة النهضة على استعداد للقبول بتشكيل هيئة سياسية مرافقة لعمل الحكومة وهي مستعدة لتوفير كل شروط وأدوات التنافس السياسي وبإمكانها فتح الأبواب أمام آلاف المراقبين الدوليين من منظمة الأمم المتحدة ومن الهياكل الدولية ذات المصداقية كي تجري الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة تحت الشمس.

وبشأن الوضع السياسي المتأزم بين الحكومة والمعارضة، قال الغنوشي إن «مدخل الحوار مع المعارضة لن يكون عبر حل الحكومة». وأشار إلى ما سماه «خيالات ماركسية قديمة» تسعى إلى استيراد الانقلابات. وقال إن ما حدث في مصر بات يعطي مفعولا عكسيا في صفوف التونسيين وأصبحوا على حد تعبيره «خائفين من نقل السيناريو المصري إلى تونس». وعبر الغنوشي عن استعداد حركة النهضة للقبول برزنامة سياسية محددة تكون ملزمة لجميع الأطراف السياسية أهم تفاصيلها استكمال تشكيل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في ظرف أسبوع من استئناف عمل المجلس التأسيسي (البرلمان)، والمصادقة على الدستور والقانون الانتخابي قبل نهاية شهر سبتمبر المقبل إلى جانب استكمال أشغال المجلس التأسيسي قبل 23 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل وتحديد موعد للانتخابات قبل نهاية سنة 2013. وقال إنه مستعد للتحاور مع كل الأطراف السياسية من دون استثناء بما في ذلك حركة نداء تونس، المنافس العنيد لحركة النهضة في معظم استطلاعات الرأي الأخيرة.

من جانبه، قال عادل الشاوش، القيادي في حركة نداء تونس المعارضة لـ«الشرق الأوسط» إن ما جاء في كلام الغنوشي إيجابي ولكن المعارضة لا تزال تبحث عن ضمانات حتى لا يجري التراجع عن الوعود بعد الحصول على انفراج سياسي في البلاد.

وأيد الشاوش فكرة الحفاظ على المجلس التأسيسي حيث إنه يعد السلطة الوحيدة المنتخبة ولكنه أشار إلى ضرورة الابتعاد عن منطق المحاصصة السياسية في اقتسام غنيمة الحكم. وبشأن دعوة المراقبين الدوليين لمتابعة الانتخابات المقبلة، قال الشاوش إن المسألة إيجابية، وتعكس رؤية سياسية مختلفة عما عرفناه لدى تيارات الإسلام السياسي». وعد الأمر استجابة مبكرة لأحد أهم مطالب المعارضة شريطة انتخاب هيئة مستقلة للانتخابات ذات مصداقية، أعضاؤها محايدون ولهم الكفاءة في الإشراف على العملية الانتخابية.

ورغم الأزمة السياسية في تونس تعتزم الحكومة الألمانية مواصلة دعم البلاد على المستوى السياسي والاقتصادي وفي مكافحة الإرهاب أيضا. وقال وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي أمس الخميس عقب لقائه مع رئيس الوزراء التونسي علي العريض في العاصمة تونس: «إننا نقف بجانب الشعب التونسي والديمقراطية». وأشار إلى أن بلاده تمول الآن مائة مشروع بـ50 مليون يورو لدعم الانتقال الديمقراطي في تونس، مؤكدا دعم بلاده لها في المستقبل أيضا.