لبنان يترقب «الضربة الغربية» على سوريا.. والانعكاسات ترتبط بنتائجها

تداعياتها تظهر من خلال رد فعل النظام عليها وتأثيرها في المعادلة السياسية

TT

قبل أن يتخطى اللبنانيون هاجس السيارات المفخخة والتفجيرات المتنقلة أتاهم الحديث عن تلك «الضربة العسكرية الغربية» ضدّ سوريا لتعيد بذلك «حساباتهم الأمنية والسياسية» رأسا على عقب، ليصبح سيناريو «الحرب المفترضة» وتداعياتها على لبنان «الخاصرة الرخوة» لسوريا، محور يومياتهم وتساؤلاتهم، إضافة إلى قضية التدفق الكبير للاجئين السوريين الذي سجّل في اليومين الأخيرين، وكيفية التعامل معه.

وفي حين يبدو أن الموقف الرسمي اللبناني بكل مستوياته يعيش حالة من «الترقب» فيما شعار «النأي بالنفس» الذي سبق للحكومة المستقيلة أن رفعته لم يكن في يوم قيد التنفيذ، يعيش الأفرقاء اللبنانيون على الجبهتين «الموالية» للنظام السوري و«المعارضة» له، على وقع المستجدات الحاصلة و«التوقعات» التي يرى البعض أن انعكاساتها تتوقف على حجم الضربة والمدة التي ستستغرقها ومن ثم ردّ الفعل عليها من قبل النظام وحلفائه ولا سيما حزب الله، من دون إغفال التداعيات الأمنية التي ترجّح التوقعات زيادة وطأتها مع استئناف الضربة إذا شنّت.

وفي هذا الإطار، اعتبر النائب أحمد فتفت في كتلة المستقبل، أن تأثير الضربة العسكرية سينعكس بالتأكيد على لبنان، لكن حجم هذا التأثير تحدده طبيعة الضربة وتداعياتها، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «مما لا شكّ فيه أنّ أوّل هذه الانعكاسات سيكون من خلال تدفّق اللاجئين وبالتالي الضغط اجتماعي واقتصادي على لبنان»، مضيفا: «وإذا كانت هذه الضربة تهديدية، كما يحاول الموالون للنظام القول، فإن نتائجها ستكون سلبية بالتأكيد على لبنان، وسيستمر هؤلاء في سياستهم التخوينية معتبرين أن الأمر انتصار لهم، أما إذا نجحت في تغيير المعادلة السياسية السورية من خلال الضغط على النظام لتقديم تنازلات أو إلى إسقاطه، فعندها نتائجها ستظهر إيجابا على الساحة اللبنانية السياسية والأمنية».

وعلى الخط الأمني اللبناني، وفي ظل المعلومات التي تشير إلى استنفار حزب الله على الحدود اللبنانية السورية، استبعد فتفت أن يأخذ حزب الله قرارا بالدخول في الحرب، قائلا: «إذا كانت الضربة قوية على خلاف ما هو متوقع فإنه من الممكن أن يتخذ حزب الله قرارا خوض المعركة إلى جانب حليفه»، مشككا كذلك في أن يقوم الحزب في الوقت الراهن باستدراج إسرائيل إلى الحرب لأنّ لا مصلحة لديه في ذلك.

كذلك، وليس بعيدا عما أشار إليه فتفت، اعتبر الباحث الاستراتيجي اللبناني طلال عتريسي، أنّ أي ضربة على سوريا، قوية كانت أو خفيفة، ستنعكس على لبنان نظرا إلى الترابط الوطيد بين البلدين على مختلف الصعد، مشيرا في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إن حجم هذا التأثير يرتبط بحجم هذه الضربة ونوعها وبالتالي ردود الفعل عليها من قبل النظام وحلفائه وأميركا وإسرائيل»، موضحا «إذا كانت الضربة خاطفة ولم تستهدف مواقع حساسة وذات أهمية، عندها لن تكون هذه الانعكاسات كبيرة لا سيما إذا لم يقدم النظام على أي ردّ، أما إذا تركزت الأهداف على مراكز مهمة لها علاقة ببنية النظام فعندها من المرجح أن يقوم الأخير بالردّ مستهدفا إسرائيل أو قواعد ومصالح أميركية وتعمل بعدها أميركا على الردّ المضاد لتتدحرج بعدها كرة الحرب التي لن يكون بمنأى عنها لبنان ولا سيما حزب الله». ولم يستبعد عتريسي أن انشغال العالم بالضربة العسكرية والأحداث في سوريا، قد يؤدي في مكان آخر إلى استفادة بعض الأطراف من هذا الأمر لإرباك الداخل اللبناني، وذلك من خلال افتعال الأحداث المتنقلة أو زرع التفجيرات في بعض المناطق الحساسة. وعلى صعيد تأليف الحكومة المتعثّر بفعل الشروط والشروط المضادة من فريقي 8 و14 آذار، رأى عتريسي، أنّ نتائج الضربة العسكرية على سوريا، إذا نفذت، قد تنعكس أيضا على الوضع الحكومي، سلبا أم إيجابا، مشيرا إلى أنّ ضعف النظام عندها، يؤدي إلى تمسّك فريق 14 آذار بشروطه أكثر وبالتالي تشكيل حكومة ولو من دون حزب الله، فيما إذا لم تنفذ هذه الضربة فعندها سيكون النظام وحلفاؤه هم من ربحوا.

من ناحيته، رأى عضو «كتلة الوفاء للمقاومة» التي تضم حزب الله وحلفاءه النائب الوليد سكرية أنّ الضربة العسكرية الأميركية لن يكون لها تداعيات على لبنان، مشيرا إلى أنّ «حزب الله لا يقرر الحرب على إسرائيل، ولكن التطورات المتسارعة في سوريا وحجم الضربة الأميركية عليها سيكون لها تداعيات، وخصوصا إذا قررت سوريا ضرب إسرائيل فعندها لبنان لن يكون بمنأى عن المواجهة».

وفي موازاة كل ذلك، وفي سياق الضربة المفترضة على سوريا، يبقى التحدي القديم الجديد، أمام اللبنانيين، على المستويين الرسمي والشعب، وهو تدفق اللاجئين السوريين الذي تشير الإحصاءات إلى أنّ عددهم وصل خلال يومين إلى أكثر من 15 ألفا، وهو الأمر الذي تحاول الحكومة والوزارات المختصة اتخاذ الإجراءات بشأنه، وطلب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمس «الإسراع في تنفيذ القرارات التي اتخذت شأن ضبط عملية دخول السوريين إلى لبنان وتأمين مراكز ميدانية لإيوائهم، في حال استدعت التطورات ذلك، بالتعاون مع المنظمات الدولية المعنية»، فيما أعلن وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال وائل أبو فاعور أن «العمل جار لاستيعاب أي فيضان نزوح مرتقب عبر إقامة مركز استقبال للاجئين السوريين، وقد تم تحديد موقع لاستقبالهم داخل المنطقة العازلة بين البلدين وإيوائهم مؤقتا ريثما يتم تنظيمهم وإدخالهم إلى البلد». وشدّد على أن «إقامة مخيّمات للنازحين تحتاج إلى قرار سياسي غير متخذ حتى الآن»، مؤكدا أن «مركز الاستقبال عند الحدود سيؤوي النازحين مؤقتا، وهو ليس مخيما ويجب التركيز على خيارات كانت طرحت سابقا كاستضافتهم في دول غربية وعربية».