إيران وروسيا.. بين احتمالات الرد على الضربة العسكرية وانتظار التسوية

خبير مقرب من حزب الله: مواقع أميركية ستكون مستهدفة

TT

تصاعدت ردود فعل حلفاء النظام السوري حيال الأنباء عن احتمال توجيه ضربة عسكرية ضد دمشق ردا على استخدام السلاح الكيماوي.. فبينما حذر المرشد الأعلى للثورة في إيران علي خامنئي الأميركيين من أنهم سيتضررون كما تضرروا في العراق وأفغانستان، هدد رئيس هيئة الأركان الإيرانية بأن أي «هجوم على سوريا سيطال إسرائيل». أما روسيا التي سبق أن أكدت عدم الدخول في حرب مع أي طرف في حال تعرضت سوريا لضربة عسكرية فتتحضر لإرسال سفينة حربية كبيرة مضادة للغواصات إلى البحر المتوسط.

وفي حين يشير محللون سياسيون وعسكريون إلى أن «الرد على الضربة الأميركية لن يقتصر على النظام السوري بل يتعدى ذلك إلى محور الممانعة (إيران - حزب الله) لضرب مواقع عسكرية استراتيجية للدول المعتدية على سوريا»، يرى آخرون أن «المناخ الإقليمي القائم لا يسمح لإيران وحزب الله وكذلك روسيا بالإقدام على أي خطورة ميدانية تندرج في إطار الرد على الضربة التي ستستهدف دمشق».

وفي هذا السياق، يقول العميد المتقاعد اللبناني المقرب من حزب الله، أمين حطيط، لـ«الشرق الأوسط»، إن «احتمال توجيه ضربة عسكرية إلى النظام السوري ضعيف جد وما يجري حاليا هو حرب نفسية وتهويل إعلامي». لكنه يشير في الوقت عينه إلى أن «الضربة لو حصلت فإن الجهة المعتدية قد حددت نفسها حيث اجتمع رؤساء أركان عشر دول في الأردن وشكلوا حلفا دوليا يهدف إلى تنفيذ ضربة ضد سوريا بصرف النظر عن الترتيبات الميدانية لذلك». وأوضح حطيط أنه «من المعروف والبديهي أن الهجوم الذي تنفذه دولة ضد دولة أخرى من دون قرار من مجلس الأمن والأمم المتحدة، يعتبر عدوانا، وبالتالي فإن العمل الدفاعي ضد من اعتدى هو أكثر من مشروع».

وأكد حطيط أن «الدور الدفاعي لن يقتصر على النظام السوري بل سيشترك محور الممانعة والمقاومة ولا سيما إيران وحزب الله للرد على الغزاة»، مرجحا أن تكون «مساحة الأهداف التي من الممكن أن تكون في مرمى نيران محور الممانعة، فيما لو استهدفت سوريا، واسعة جدا، إذ ستشمل المصالح العسكرية والحيوية للدول العشر التي دعمت وشاركت بالعدوان على سوريا».

وتابع حطيط أن «معظم القواعد العسكرية التابعة لهذه الدول ستكون مستهدفة، إضافة إلى إمكانية ضرب الممرات المائية وممرات النفط ومراكز اقتصادية كبرى». وأشار إلى أن «الرد الدفاعي من قوى المقاومة لن يعتمد على حجم الضربة العسكرية ضد سوريا، فحتى لو كانت محدودة وعابرة كما يروج من الإعلام الغربي، فإن المواقع العسكرية الأميركية في المنطقة ستكون مستهدفة ومن غير المستبعد أن يقوم حزب الله بتوجيه ضربات ضد إسرائيل». في المقابل، استبعد الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، علي الأمين، أن «يقوم النظام السوري بأي رد عسكري على الضربة الأميركية المحتملة والتي ستستهدف منشآته وقواعده العسكرية»، مذكرا في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بأن العديد من الضربات الإسرائيلية كانت قد استهدفت مواقع للنظام في دمشق وغيرها ولم يقم بأي رد مكتفيا بالتهديدات اللفظية، وأوضح الأمين أن «الرد قد يكون من قبل قوى أخرى، مثل (القيادة العامة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين) التي يرأسها أحمد جبريل حليف النظام السوري»، علما أنه ليس لديها القدرة اللوجستية للرد ميدانيا.

وفي حين أعلن الرئيس السوري بشار الأسد، أن «بلاده ستدافع عن نفسها في وجه أي عدوان»، ذكر مصدر عسكري روسي أن «أي تدخل عسكري غربي في سوريا لن يحقق (نصرا سهلا) لأن النظام السوري لديه ما يكفي من أنظمة الدفاع الجوي لصد الهجمات». ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء عن المصدر قوله إن «نظام (بوك- إم 2 آي) لصواريخ أرض - جو المتعدد الوظائف وغيره من وسائل الدفاع الجوي التي تملكها القوات السورية سترد بالشكل المناسب على المعتدين»، موضحا أن «سوريا تملك حاليا ما يصل إلى 10 بطاريات من أنظمة الدفاع الجوي هذه».

لكن الخبير العسكري اللبناني العميد نزار عبد القادر قلل من أهمية الدفاع الجوي السوري، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن «دخول سلاح الجو الأميركي إلى الأجواء السورية سيتلازم مع زخات هائلة من الصواريخ تستهدف مراكز السلاح الجوي النظامي الأمر الذي سيحيدها عن المعركة»، وأوضح أن «هناك فارق جيلين من التطور التكنولوجي العسكري بين النظام السوري والقوى التي ستنفذ الضربة مما يعني حسم المعركة سريعا لصالح الأخيرة من دون أن تملك القوات النظامية أي إمكانية للرد أو الصمود». وعن احتمال تدخل إيران في المعركة، قال الكاتب والمحلل السياسي علي الأمين، إن «المناخ الإقليمي لا يوحي بأن إيران ستذهب نحو التصعيد في ردود فعلها حيال الضربة ضد النظام السوري»، مشيرا إلى أن «وجود ممثل الأمم المتحدة جيفري فيلتمان في طهران تزامنا مع زيارة السلطان قابوس، كلها إشارات إلى أن المسار الإيراني ذاهب إلى إجراء تسويات ولن يتهور في حرب للدفاع عن نظام (الرئيس السوري بشار الأسد)»، لافتا إلى أن «حزب الله لن يتجاوز خطوط السياسة الإيرانية في هذا الإطار، ولا سيما أنه متورط في الحرب السورية إلى جانب النظام وأي رد فعل من قبله ضد إسرائيل سيعتبر مغامرة غير محسوبة وسيدخله في مشاكل جمة».

يأتي ذلك بعد إعلان مصدر في «هيئة الأركان العامة الروسية» أمس أن الهيئة ستقوم خلال الأيام القليلة المقبلة بتعزيز سفنها الحربية الموجودة في مياه البحر المتوسط. ونقلت قناة «روسيا اليوم» عن مصدر عسكري روسي قوله إن «الأوضاع الحالية في شرق المتوسط تجبرنا على إجراء تعزيزات في سفننا الحربية المرابطة هناك»، مضيفا أن «الأيام المقبلة ستشهد انضمام سفينة حربية كبيرة مضادة للغواصات لأسطول الشمال الروسي».

وحول الإجراءات الروسية، أوضح الأمين أن «الروس يحاولون فتح جميع الأبواب على إجراء تسويات سياسية من شأنها إخراجهم من الملف السوري بنتائج إيجابية، مما يجعلهم يبتعدون في موقفهم عن الموقف الرسمي السوري»، موضحا أن «هذا لا يعني أن الروس باتوا مؤيدين للضربة العسكرية ضد النظام ولكنهم يساومون ويضعون أوراقهم لدى أكثر من جهة كي يضمنوا لهم مساحة نفوذ في سوريا أيا كان شكل النظام السياسي».