ليبيا:عودة الاغتيالات إلى بنغازي وزيدان يؤكد بقاءه

قائد ثوار الزنتان لـ «الشرق الأوسط»: نقل سيف الإسلام القذافي للمحاكمة في طرابلس أمر تقرره الحكومة

سيارة النائب العام العسكري في بنغازي بعد تفجيرها أمس (أ.ف.ب)
TT

عادت ظاهرة الاغتيالات مجددا وبشكل مفاجئ إلى مدينة بنغازي بشرق ليبيا بعدما تم أمس اغتيال العقيد يوسف على الأصيفر المدعي العام للمحكمة العسكرية بعبوة ناسفة تم زرعها بسيارته. وقال شهود عيان إن الأصيفر كان يستقل سيارته الخاصة التي انفجرت حال فتح بابها وتوفي في الحال قبل أن يتم نقله إلى مركز بنغازي الطبي بينما نجا شقيقه الذي كان يرافقه. وشغل الأصيفر منصب المدعي العام العسكري على مستوى ليبيا منذ بدايات ثورة فبراير (شباط) عام 2011 ضد النظام السابق، علما بأنه كان مسؤولا عن التحقيق في معظم عمليات الاغتيال التي شهدتها بنغازي أخيرا وطالت العشرات من العسكريين والسياسيين والإعلاميين. وقال مسؤول ليبي لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، إن اغتيال الأصيفر رسالة واضحة ممن وصفهم بطيور الظلام الذين يسعون لفرض حالة من الفوضى وعدم الاستقرار فى المدينة. وأضاف: «ثمة ضعف أمني كبير تتحمله الحكومة الحالية، بنغازي تمر بفترة صعبة للغاية، والاغتيالات لن تتوقف قبل وضع استراتجية أمنية شاملة».

وهذه هي أحدث عملية اغتيال تشهدها ليبيا منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011، علما بأن الدكتور علي زيدان رئيس الحكومة الانتقالية قد تعهد بكشف المتورطين في هذه العمليات دون جدوى.

واستقال محمد الشيخ ثاني وزير للداخلية في حكومة زيدان من منصبه أخيرا احتجاجا على ما وصفه بتدخل زيدان في عمله لكن الأخير نفى هذه الاتهامات.

إلى ذلك، أبلغ مختار الأخضر قائد ثوار الزنتان «الشرق الأوسط» أنه من الأفضل استمرار سيف الإسلام النجل للقذافي في محبسه الحالي في الزنتان لاعتبارات أمنية بدلا من نقله إلى العاصمة الليبية طرابلس.

وقال الأخضر إن سيف الإسلام يخضع لحراسة مشددة من ثوار الزنتان تشرف عليها السلطات الليبية بشكل رسمي ممثلة في مكتب النائب العام، مشيرا إلى أن نجل القذافي يتلقى معاملة وصفها بأنها جيدة داخل محبسه.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف: «أموره طبيعية وليست لديه مشكلة صحية، وهو يخضع لحراسة مشددة بواسطة كتيبة عسكرية تخضع لأوامر الدولة الليبية». وتابع: «بالتأكيد بقاؤه في محبسه الراهن في الزنتان أفضل لأنها منطقة مؤمنة جيدة بعكس الوضع غير المستقر في العاصمة طرابلس، لكن إذا رأت الحكومة ضرورة نقله إلى العاصمة فعليها تحمل تبعات ذلك الأمر».

ولفت إلى أن ثوار الزنتان يتعرضون أكثر من غيرهم من ثوار بقية المدن الليبية للكثير من الإشاعات المغرضة وغير الصحيحة، مؤكدا في المقابل أن دورهم في حراسة وتأمين سجين نجل القذافي هو دور وطني يقومون به من أجل ما وصفه بالمصلحة العليا للشعب الليبي.

وثارت في السابق اتهامات لثوار الزنتان بأنهم يرفضون تسليم نجل القذافي إلى السلطات الليبية بشكل رسمي ويفرضون شروطا معينة من أجل السماح بنقله للمحاكمة في العاصمة طرابلس. لكن الأخضر قال لـ«الشرق الأوسط»: «هذه كلها مزاعم كاذبة تستهدف تشويه سمعة الثوار والإساءة إليهم، نحن جزء من الشعب الليبي وفخورون بدورنا في القضاء على النظام السابق وليست لدينا أي مطامع ولم نساوم الحكومة يوما».

وكان النائب العام الليبي المستشار عبد القادر رضوان قد أعلن في مؤتمر الصحافي أول من أمس عن انتهاء التحقيقات في القضية المتعلقة بأحداث ثورة السابع عشر من فبراير، حيث ضمت لائحة المتهمين نجل القذافي وصهره عبد الله السنوسي عامر مدير إدارة الاستخبارات العسكرية والبغدادي المحمودي آخر رئيس حكومة لنظام القذافي قبل سقوطه ومقتله في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2011.

من جهة أخرى، أكد الدكتور علي زيدان رئيس الوزراء الليبي أنه باق في منصبه ولن يتقدم باستقالته على الرغم من تنظيم مناوئيه لمظاهرات أمام مقري الحكومة والمؤتمر الوطني العام (البرلمان) بطرابلس.

وقال زيدان في مؤتمر صحافي عقده أول من أمس بمكتبه: «من حق أي مواطن أن يطالب رئيس الوزراء بالاستقالة في ظل الجو الديمقراطي وكما قلت مرارا وتكرارا إن الأمر تحكمه عدة أمور، فرئيس الوزراء أعطي الثقة من المؤتمر وتسحب الثقة منه فقط من المؤتمر الوطني».

ودعا زيدان مواطنيه إلى معاونة جهاز الشرطة، مضيفا: «وضعية الجيش والشرطة تحتاج لإعادة إحياء، هؤلاء تعرضوا لقهر طويل طوال 42 سنة، وأداؤهم يحتاج لصبر ومساعدة والشرطي مستهدف والسلاح المنتشر سواء كتائب ثوار أو غيرها أو مجرمين، وخصوصا في المناطق التي حدثت فيها هذه الأمور وقضية الحماية تحد».

وقال: «لنتذاكر لأن المواطنين ما زالوا يحملون السلاح ويحتاج الأمر لوقت وما قلته أمر لا يستطيع أن ينكره أحد، ومن يتوقع أن تحل الحكومة الأمر بين عشية وضحاها فهذا غير ممكن وأجهزة الشرطة والغرفة الأمنية والصاعقة والجيش في شغل ليل نهار لإيجاد وضعية جديدة لمعالجة الموقف الأمني وهناك قبض على بعض الأشخاص وتحقيق معهم ومعلومات عن أسماء متهمين وهم تحت المطاردة».

وسئل عن ارتباط الاعتصامات في المنطقة الشرقية بمطالب سياسية فقال: «نحن التقينا بكل أطياف المنطقة الشرقية سواء أعيان القبائل ومشايخها وأعيان المدن وأهلها هم ضد هذا التوجه بالكامل، مشيرا إلى أن هناك أشخاصا من حرس الحدود والمنشآت النفطية ليسوا ذوي معرفة بالسياسة أو رؤية سياسية تمكنوا من السلاح وقاموا بهذه العملية.

وشدد على أن الحكومة ستسير في جملة الإجراءات من أجل إيقاف ما يجري في الحقول النفطية، وتمكين النفط من إعادة الضخ والتصدير بالطرق السلمية، موضحا أن «الحكومة ستتخذ التدابير السلمية الاجتماعية، وإذا لم تفلح ستتخذ إجراءات أخرى» لم يفضح عنها.

لكن مصادر تجارية أعلنت أمس أن أكبر مصفاة ليبية في رأس لانوف أغلقت بعد أن نفدت مخزوناتها من النفط الخام مع استمرار إغلاق معظم الحقول النفطية.