مطالب في الكونغرس بأدلة على تورط النظام السوري في استخدام الكيماوي

أوباما: لم أتخذ قرارا بشأن ضربة عسكرية في سوريا

مفتشو الأمم المتحدة لدى معاينة موقع سقوط سواريخ في الغوضة الشرقية لدمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

تراجعت المواقف الغربية بشأن شن ضربة عسكرية وشيكة ضد النظام السوري في أعقاب انتقادات دولية كثيرة، والتحذيرات من الجامعة العربية وروسيا والصين، وعقبات تشكيل تحالف دولي للقيام بعمل عسكري تحت مظلة مجلس الأمن، في ظل فشل اجتماع مجلس الأمن عن إصدار قرار يدين النظام السوري، والتردد داخل حزب الناتو لدعم تلك الضربة، إضافة إلى انتقادات داخلية داخل الولايات المتحدة من الكونغرس الذي يطالب الرئيس بأخذ إذن وتفويض قبل الإقدام على شن ضربة عسكرية، ومن الرأي العام الأميركي الذي لا يساند تلك الضربة.

وكل تلك الاعتبارات جعلت بعض المحللين يرون أن أي تحرك عسكري لشن ضربة ضد سوريا كان بالأمس وشيكا، أصبح اليوم محل تأجيل لعدة أيام.

وتسربت أخبار أن التقرير الاستخباراتي الذي تعتمد عليه الإدارة الأميركية لتأكيد مسؤولية النظام السوري عن الهجمات الكيماوية على المدنيين والأدلة الدامغة على تورط النظام السوري لا يعد «ضربة قاضية» بحسب وصف أحد المسؤولين - لأنه يعتمد على معلومات من مصادر مجهلة ولا يعطي إجابات حول من يدير مخازن الأسلحة الكيماوية فعليا، ولم يحدد التقرير المواقع للأسلحة الكيماوية التي يعتقد أن الأسد استخدمها وقام بتحريكها خلال الأيام الماضية، ولا يجيب على الشكوك حول ما إذا كان الرئيس الأسد أعطى بنفسه الأوامر بشن الهجمات الكيماوية.

وقد استخدم مدير المخابرات الأميركية الأسبق جورج تنيت كلمة «ضربة قاضية» ليصف بها تقرير الاستخبارات في عام 2002 حول امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل والتي اتضح لاحقا أنها لم تكن صحيحة.

وأشارت مصادر بالكونغرس الأميركي أن الإدارة الأميركية أطلعت أعضاء لجان الاستخبارات بالكونغرس على تفاصيل التقرير من خلال مؤتمر تلفزيوني مغلق صباح الخميس بعد أن قطع أعضاء الكونغرس إجازاتهم لمناقشة الأوضاع في سوريا. وشارك في الدائرة التلفزيونية المغلفة مسؤولون من البيت الأبيض ووزارتي الخارجية والدفاع ومشرعين بارزين من بينهم دايان فاينشتاين رئيسة لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، والنائب مايك روجرز رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب.

وأشارت المصادر أن التقرير يبني قضية بناء على افتراضات أن النظام السوري هو الأرجح في مسؤوليته عن الأسلحة الكيماوية مما أثار كثيرا من الأسئلة والمخاوف. ويعتمد التقرير على صور للأقمار الصناعية تم التقاطها لقوات سورية تقوم بتحريك شاحنات إلى مخازن المواد الكيماوية التي تملكها النظام السوري وتقوم بنقل تلك المواد، لكن التقرير عجز عن تتبع مكان نقل تلك المواد، وفي بعض الحالات عجز عن التأكيد أن حمولة الشاحنات هي مواد كيماوية، وعجز على نفي احتمال استيلاء المعارضة السورية على مواقع تلك المواد الكيماوية.

ويظهر التقرير مناقشات حول ضربة عسكرية بين ضباط سوريين برتب عسكرية منخفضة وليسوا قادة كبارا. ولم يعتمد التقرير على معلومات من أشخاص داخل دائرة الأسد ولا يوجد دليل مباشر يربط الهجوم بالأسلحة الكيماوية بشكل مباشر للرئيس بشار الأسد أو أحد القادة السوريين رفيعي المستوي داخل النظام.

ووفقا للمصادر فقد طالب أعضاء لجان الاستخبارات بالكونغرس بمزيد من الأدلة وجمع المعلومات التي تربط الأسد بتلك الهجمات، وهو ما أدى إلى تأخر نشر هذا التقرير إلى وقت لاحق خلال الأسبوع القادم.

ورغم ذلك يعتقد الكثير من المشرعين الأميركيين أن هناك درجة معقولة من اليقين أن حكومة الأسد مسؤولة. وقال السيناتور الجمهوري ساكسبي تشامبليس العضو البارز بلجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ «بناء على المعلومات الاستخباراتية المتوافرة لا يوجد شك أن نظام الأسد هو المسؤول عن استخدام الأسلحة الكيماوية ضد الشعب السوري، وأعتقد أن الرد العسكري هو المناسب».

في سياق متصل طلب أكثر من 100 من أعضاء مجلس النواب في رسالة للرئيس أوباما ضرورة الحصول على تصويت من الكونغرس الأميركي قبل اتخاذ أي قرار بشن ضربة عسكرية ضد سوريا وقال الخطاب «نحن نحث بقوة على التشاور والحصول على إذن من الكونغرس قبل الأمر باستخدام القوة العسكرية الأميركية في سوريا» وقال الخطاب الذي وقعه 98 من الجمهوريين و18 من الديمقراطيين «إن إشراك قواتنا العسكرية في سوريا في وقت لا يوجد فيه تهديد مباشر للولايات المتحدة ودون إذن مسبق من الكونغرس من شأنه أن ينتهك مبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليه بوضوح في الدستور». وأرسل رئيس مجلس النواب الجمهوري جون بوينر رسالة إلى الرئيس أوباما يطلب منه أن يوضح للشعب وللكونغرس أهدافه وسياساته واستراتيجيته فيما يخص سوريا.

وفي حوار إذاعي لبرنامج «ساعة أخبار» على شبكة (PBS) أوضح الرئيس أوباما أن إدارته تعتقد أن الحكومة السورية شنت بالفعل هجمات كيماوية ضد المدنيين وأن هدف الرد الأميركي هو إرسال إشارة قوية للنظام السوري، لكنه أوضح أنه لم يتخذ بعد أي قرار بشأن إعطاء الأمر بشن هجوم عسكري محدود أو هجوم يمتد لفترة زمنية محدودة في سوريا.

وقال أوباما «لقد فحصنا جميع الأدلة ولا نعتقد أن المعارضة تملك سلاحا نوويا أو كيماويا من هذا النوع»، آخذا بعين الاعتبار أنظمة الإطلاق التي تعتمد على نوع معين من الصواريخ فإنه ليس بإمكان المعارضة أن تشن هذه الهجمات، ولا أحد تقريبا يشكك في أن هذه الأسلحة قد استخدمت على نطاق واسع ضد المدنيين السوريين، وأخذ كل ذلك في الاعتبار فإنه ينبغي أن يكون هناك تداعيات على الصعيد الدولي ونحن نتشاور في هذا الصدد مع حلفائنا.

وأضاف أوباما «إذا كان ذلك حدث» (في إشارة إلى مسؤولية النظام السوري في استخدام السلاح الكيماوي) فإن هناك حاجة إلى أن يكون هناك عواقب على الصعيد الدولي.

أوضح الرئيس الأميركي أن توجيه ضربة عسكرية ضد سوريا هي في مصلحة الولايات المتحدة وأنها تخدم مصالح الأمن القومي الأميركي وقال: «سنقول بطريقة واضحة وحاسمة ولكن حاسمة (للنظام السوري) يجب أن تتوقف عن القيام بذلك». وأضاف: «هذا يمكن أن يكون له تأثير على الأمن القومي على المدى الطويل وعلينا التأكد أنه لن يستخدمه مرة أخرى ضد الأبرياء من المدنيين».