باريس لا تستبعد العودة للخيار العسكري إذا رفض الأسد التخلي عن الكيماوي

فابيوس يريد تضمين قرار مجلس الأمن خمسة شروط قاسية

TT

عجلت باريس، أمس، في صياغة مشروع قرار لعرضه على مجلس الأمن الدولي ضمنته خمسة شروط أساسية تعتبر قبول النظام السوري وحليفه الروسي لها مؤشرا لجديتهما، وخصوصا لجدية موسكو التي التقطت سريعا الفكرة التي أطلقها وزير الخارجية الأميركي جون كيري ردا على سؤال صحافي في لندن لتحولها لمبادرة سياسية دبلوماسية. غير أن فرنسا، على لسان وزير خارجيتها لوران فابيوس، لم تتخل عن حذرها ولم تستبعد أن تكون المبادرة مجرد مناورة لكسب الوقت ولتفادي الضربة العسكرية ضد النظام السوري. لذا، فإنها تريد الإسراع بنقل الملف إلى مجلس الأمن الدولي.

وقالت مصادر دبلوماسية فرنسية لـ«الشرق الأوسط»، إن استعجال باريس الإعلان منذ صباح الأمس عن تقديم مشروع القرار «غرضه أن تجري المناقشات المنتظرة في مجلس الأمن على أساس الأفكار والشروط الفرنسية وليس على أساس الأفكار الروسية». وأضافت هذه المصادر أن الغرض الثاني هو «منع الانزلاق إلى مهاوٍ أو الوقوع في فخ ما عن طريق وضع المعالم التي نتمسك بها والتي لن نتخلى عنها بحيث لا تكون كل هذه الحركة الدبلوماسية مهربا وكسبا للوقت».

ومنذ ليل الاثنين/ الثلاثاء، أصدر فابيوس بيانا رفع فيه سقف «الشروط» الفرنسية، إذ طالب بقرار ملزم من مجلس الأمن الدولي مع روزنامة تنفيذ دقيقة وقصيرة وتهديد باللجوء إلى القوة لفرض احترام التزامات النظام السوري. والأهم من ذلك أنه طالب بإحالة المسؤولين عن مجزرة 21 أغسطس (آب) الكيماوية إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده قبل ظهر أمس، كشف فابيوس عن تفاصيل إضافية للشروط التي تتمسك باريس بتضمينها القرار الدولي المفترض أن يكون تحت الفصل السابع، وهي تريد تحديدا: تحميل النظام السوري مسؤولية المجزرة الكيماوية، مطالبة النظام بالكشف عن كافة تفاصيل برنامجه الكيماوي وأن يضعه تحت إشراف دولي تمهيدا للقضاء عليه، وإقامة جهاز متكامل للرقابة والتفتيش تحت إشراف المنظمة الدولية لمنع الأسلحة الكيماوية، والتهديد بتدابير «بالغة القسوة» في حال عدم احترام النظام لتعهداته وأخيرا معاقبة المسؤولين عن المجزرة الكيماوية وسوقهم أمام العدالة الدولية.

وقال فابيوس إن بلاده «تنظر إلى الاقتراح الروسي باهتمام ولكنها تقاربه بحذر»، مضيفا أن باريس «لا تريد أن تستغل في محاولات تضليلية»، وهو ما تحذر منه المعارضة السورية. ويعزو الوزير الفرنسي «انعطافة» موسكو برغبتها في العثور على «مخرج». وبرأيه أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «يوفر لنفسه هكذا بابا للخروج من الأزمة السورية بحيث لا يبقى مربوطا كصخرة ببشار الأسد». ويرى وزيرا الدفاع والخارجية الفرنسيان، أن «الضغط الدولي فعل فعله ولولاه لما تحركت روسيا من موقعها». وقال جان إيف لودريان، إن ما حصل «كوة فتحت ويتعين استغلالها كما يتعين على نظام الأسد أن يقبلها رسميا وأن يلتزم بتنفيذها سريعا». ونبه لودريان من أن الضغط الدولي العسكري «لن يتراخى أبدا وجهوزيتنا للقيام بالضربة العسكرية تامة».

وحرص الوزير فابيوس على تأكيد أن بلاده في «قلب الاتصالات» التي جرت والحالية حاليا حول الموضوع الكيماوي، مشيرا إلى سلسلة من الاتصالات مع نظرائه الأميركي والروسي والصيني وأمين عام الأمم المتحدة. وينتظر أن يقوم فابيوس بزيارة موسكو بداية الأسبوع القادم لاستمرار التشاور مع الطرف الروسي. وتتوقع المصادر الفرنسية «نقاشات حادة» في مجلس الأمن الدولي قبل التوصل إلى إجماع حول القرار المرتقب، وخصوصا في موضوع تخويل اللجوء إلى تدابير ردعية في حال أخلت دمشق بالتزاماتها وفق مضمون القرار. وخلال عامين ونصف العام من الحرب السورية، رفضت موسكو دائما اللجوء إلى الفصل السابع وليس مؤكدا قبولها له في الأيام القادمة.

بيد أن باريس لا تعتبر أن موضوع الضربة العسكرية للنظام السوري قد طوي. وقال فابيوس صبيحة أمس إنه لا يتعين «تأكيد هذه المقولة. التشدد هو ما سمح لنا بأن نحقق تقدما.. وإذا لم يقبل الأسد أن ننزع منه أداة القتل (السلاح الكيماوي) يتعين أن يكون هناك رد فعل، أي ضربة عسكرية».

وفي مؤتمره الصحافي اعترف فابيوس بصعوبة إقامة نظام رقابة متكامل وفعال بشأن الترسانة الكيماوية السورية بسبب الأوضاع الأمنية فيها.