مي أرسلان جنبلاط: جمعت بين «الزعامتين» وكانت المرجع الأهم لـ«وريث المختارة»

رحلت عن عمر يناهز 85 عاما وعرفت بشخصيتها المميزة

TT

بغياب مي أرسلان جنبلاط عن عمر يناهز 85 عاما، طويت صفحة ذهبية من تاريخ العائلة السياسي؛ فهي ابنة الراحل شكيب أرسلان الذي عرف بـ«أمير البيان» الذي ناضل في سبيل العروبة وفلسطين. اختارت أن تسير عكس التيار في عز الخلاف بين زعامتي الشوف «آل جنبلاط» و«آل أرسلان» فأحبت كمال جنبلاط، مؤسس الحزب التقدمي الاشتراكي، وتزوجته مدنيا في عام 1948 لتكسر التقاليد مرة ثانية. وبعد عام على زواجهما رزقت بابنها الوحيد وليد، لتصبح منذ اغتيال زوجها في عام 1977 ولسنوات طويلة، المرجع الأهم في حياة وريث زعامة المختارة، ولا سيما السياسية منها، وما شهدت من تغييرات جذرية.

ولدت مي أرسلان عام 1928 وتلقت دروسها في مدرسة «الليسيه الفرنسية»، وتابعت تعليمها في فرنسا. في عام 1945 جذبت التلميذة التي كانت لا تزال على مقاعد المدرسة، عقل وقلب الزعيم الدرزي «الخصم»، بعدما تعرف إليها عن طريق الأديب اللبناني أمين نخلة، ووجد فيها صاحبة شخصية مميزة تجمع بين العفوية والذكاء والثقافة.

لم يهتز الحب الذي جمع بين مي وكمال رغم الاختلاف في النظرة إلى الحياة الذي تجلى فيما بعد، بزهده بالثروة والمال وشبه اعتكافه عن الحياة الاجتماعية متفرغا للقراءة والغوص في الكتب، فيما كانت تميل إلى ممارسة النشاطات الاجتماعية والثقافية إلى جانب شغفها بالموسيقى والفنون والتراث، مشكلة بحضورها الأنيق شخصية بارزة في محيطها، رغم إطلالاتها الإعلامية القليلة.

وفي ظهور لها خلال أحد البرامج التلفزيونية، منذ سنوات، قالت مي عن والدة زوجها السيدة نظيرة جنبلاط: «كان همها زعامة المختارة التي ترتكز بالنسبة إليها الجبل الجامع للموارنة والدروز، انطلاقا من قناعة بأنه إذا اهتز الجبل اهتز لبنان»، مضيفة: «وقد يكون معها حق في ذلك».

مواقف مي السياسية هذه التي لم تكن تظهر إلى العلن وكانت مقتصرة على البيت الداخلي الجنبلاطي، يقول البعض إنه كان لها بصمة مهمة، بل أساسية، في حياة النائب جنبلاط منذ اللحظة الأولى التي ألبسه فيها المشايخ الدروز عباءة والده يوم اغتياله حتى أيامها الأخيرة، مرورا بالمحطات الأساسية، ولا سيما علاقته بالنظام السوري. ستقام مراسم الدفن اليوم في المختارة في الشوف اللبناني، على أن يتقبل نجلها والعائلة التعازي حتى يوم الأحد المقبل.