قرار منح «الضبطية القضائية» لأمن الجامعات المصرية يثير جدلا حول منع المظاهرات السلمية

وزير التعليم العالي: ليس له علاقة بحرية العمل السياسي * أكاديميون: متعجل ويزيد الاحتقان

جامعة القاهرة
TT

أثار قرار وزير العدل المستشار عادل عبد الحميد ووزارة التعليم العالي بمنح الضبطية القضائية لأفراد الأمن الإداري بالجامعات، الجدل داخل الجامعات المصرية حول تقييد حريات الطلاب ومنع المظاهرات السلمية، وهو ما ينذر بفتح فصول مواجهة قضائية جديدة بين ما يعرف بـ«تيار استقلال الجامعات» ووزارتي التعليم العالي والعدل.

وفي أول رد فعل له، أكد الدكتور حسام عيسي، وزير التعليم العالي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «قرار الضبطية القضائية ليست له علاقة بالنشاط السياسي والتظاهر السلمي للطلاب داخل الجامعات، وحرية العمل السياسي مكفولة للجميع». في حين استقبلت الأوساط الجامعية والسياسية القرار بوجهات نظر مختلفة. فبينما اعتبر قطاع من الطلاب أن الضبطية القضائية سوف تنعكس بالإيجاب لتحقيق الاستقرار والهدوء بالجامعات ومنع الفوضى بين الطلاب. قال آخرون إنها تكرس لعودة البوليس السري وجهاز أمن الدولة والقضاء على العمل السياسي بالجامعات نهائيا.

«الشرق الأوسط» تجولت في جامعات مختلفة. وأكد عدد كبير من رؤساء الجامعات أن «الضبطية القضائية في مصلحة الطالب وتأكيد على استقلال الجامعات».

وأصدر وزير العدل المستشار عادل عبد الحميد، قرارا بمنح الضبطية القضائية لأفراد الأمن الإداري بالجامعات، طبقا لأحقيته في منح صفة الضبطية بموجب قانون الإجراءات الجنائية، وذلك قبل أيام من بدء العام الدراسي الجديد، المقرر له 21 سبتمبر (أيلول) الحالي.

وقال مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، إن «محكمة القضاء الإداري في مصر، قضت في 23 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2010 بإبعاد الحرس الجامعي التابع لوزارة الداخلية عن الجامعات، أعقبه قرار بإنشاء الأمن الإداري لتأمين الحرم الجامعي». وأضاف المصدر أن «الأوضاع في الجامعات الآن بعد ثورة 30 يونيو (حزيران) الماضي، تتطلب وجوب منح الضبطية لأفراد الأمن الإداري، وبموجبه يصبح لهم الحق في تحرير محاضر للطلاب المخالفين أو من يثبت عليهم ارتكابهم أي فعل يدخل في نطاق الجريمة».

من جانبه، أكد الدكتور حسام عيسي، نائب رئيس الوزراء وزير التعليم العالي، أنه «يحظر العمل الحزبي بالجامعات، لأنه لا يمكن قبول أن تتحول الجامعات لفروع للأحزاب». وأشار الوزير إلى أن الضبطية القضائية ستحفظ كرامة الطالب والجامعة، ولا تعني إطلاقا العودة لنظام الحرس الجامعي.

وقال مصدر أمني بجامعة الأزهر لـ«الشرق الأوسط» إن «القرار الغرض منه إضفاء صفة قانونية للمعاملة مع الشخص المخالف أو الحامل للسلاح، ولتسهيل التصدي لكافة أشكال العنف تجاه منشآت الجامعة»، موضحا أن هذا القرار سيكون لبعض العناصر الأمنية بالجامعة فقط والتي لديها دراية بالقانون، مشيرا إلى أن ذلك سيكون خلال وجود فرد الأمن داخل الحرم الجامعي فقط.

وظلت الجامعات في التاريخ المصري مصدر إزعاج للسلطات من أيام الاحتلال الإنجليزي لمصر، مرورا بسياسات الرئيس الراحل أنور السادات، وخلفه حسني مبارك. ويبلغ عدد الجامعات الحكومية في مصر حاليا نحو 26 جامعة، ونحو 27 جامعة خاصة، تضم جميعها مئات الكليات التي يدرس فيها أكثر من مليوني طالب. وشهدت الجامعات العام الماضي في عهد الرئيس محمد مرسي المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين، حوادث عنف وبلطجة وصلت لدرجة مقتل طالب في جامعة حلوان، كما شهدت جامعة عين شمس والأزهر اشتباكات ومعارك بالأسلحة البيضاء بين الطلاب.

وقال إبراهيم شرف، الطالب بكلية التجارة جامعة الأزهر، إن «الضبطية القضائية أمر محمود، وذلك لتجنب الاشتباكات والخلافات داخل الجامعة، خاصة مع ارتفاع حدة العنف بين الطلاب المنتمين لجماعة الإخوان والطلاب الآخرين المنتمين لمختلف التيارات الفكرية»، مؤكدا أن الضبطية القضائية تنعكس بالإيجاب لتحقيق الاستقرار والهدوء بالجامعات ومنع الفوضى والاضطرابات، لافتا إلى أن القرار سوف يحمي الطلاب من التعرض للإهانة أيضا في أقسام الشرطة.

فيما أعلن محمد شوقي، الأمين السابق لاتحاد طلاب جامعة بنها محافظة القليوبية (القريبة من القاهرة)، رفضه التام لمنح الضبطية القضائية لأفراد الأمن المدني بالجامعة، مؤكدًا صعوبة تحقيق القانون بسبب حالة الاحتقان داخل الجامعة بين الطلاب، مضيفًا أن استخدامه يجلب مشكلات عدة، لأن الهدف منه إسكات صوت الطلاب وضياع الحريات.

وقال أحد طلاب جماعة الإخوان في جامعة القاهرة، رفض ذكر اسمه، إن أفراد الأمن موظفون، فكيف يتم منحهم صلاحيات لا يعرفون كيفية تطبيقها؟ مشيرا إلى أن ذلك يترتب عليه عودة جهاز أمن الدولة من جديد.

في السياق ذاته، قال الدكتور أسامة العبد رئيس جامعة الأزهر، إن «الضبطية ستمنح لعشرة من قيادات الأمن بالجامعة، وسوف تحرر أي محاضر داخل الجامعة، ولن يتم السماح بدخول أي من رجال الشرطة أو القوات المسلحة داخل الحرم الجامعي مما يعد تأكيدا على استقلال الجامعات. وأكد رئيس جامعة الأزهر أن قرار منح الضبطية القضائية يصب في مصلحة الطالب، ويمنع ذهاب الطالب لقسم الشرطة واحتجازه أو معاملته بعنف أو تحويله للمحاكمة».

وأضاف الدكتور حسين عيسي رئيس جامعة عين شمس، إنه «لن يتم استخدام الضبطية القضائية تحت أي ظرف لتقييد حريات الطلاب أو منع المظاهرات السلمية»، مشيرا إلى أن أفراد الضبطية القضائية سيتدخلون فقط في حالات الشغب والعنف وارتكاب مخالفة صريحة داخل حرم الجامعة.

من جهته، أوضح الدكتور نبيل نور الدين، رئيس جامعة سوهاج (بصعيد مصر)، أن المتضرر الوحيد من قرار إعطاء الضبطية القضائية لأمن الجامعات هو الطالب المخرب وغير المنضبط.

في المقابل، طالب «تيار استقلال الجامعات» وزير التعليم العالي، بإلغاء القرار نظرًا لتأثيره السلبي على الجامعات، قائلين: «يزيد من حدة الاحتقان، خاصة أن الكثير من أفراد أمن الجامعات ليس لديهم الخبرة الكافية».

وانتقد الدكتور هاني الحسيني، عضو تيار استقلال الجامعات، توقيت إصدار القرار ووصفه بالمتعجل، خاصة أن الكثير من أفراد أمن الجامعات ليس لديهم الخبرة الكافية، وغير مدربين على استخدامه.

فيما انتقدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، (وهي مؤسسة تهتم بحماية حرية الفكر والتعبير)، قرار الضبطية القضائية، واعتبرته تهديدًا لاستقلال الجامعات. وذكرت في بيان لها أن «القرار يؤدي لنقل تبعية الأمن الإداري للجامعات إلى النائب العام، وليس لرئيس الجامعة وفقًا لنص المادة (22) من قانون الإجراءات الجنائية، الذي يتعارض مع نص (317) من قانون تنظيم الجامعات، التي نصت على أن تتلقى وحدات الأمن الجامعي تعليماتها من رئيس الجامعة مباشرة، وفي حالة منح بعضهم صفة الضبط القضائي سوف تنتقل تبعيتهم الإدارية للنائب العام».