مصادر فرنسية: المهم التوصل إلى قرار «قوي» بـ«أكبر قدر من القيود»

أوساط غربية تقلب صفحة «الفصل السابع».. وكفة روسيا المطالبة بقرارين من المجلس لها الأرجحية

TT

بينما ستشهد الأمم المتحدة أسبوعا حافلا من الاتصالات الدبلوماسية عالية المستوى ستنصب بالدرجة الأولى على الملف السوري بتشعباته الكيماوية والعسكرية والسياسية، يبدو أن البلدان الغربية دائمة العضوية في مجلس الأمن قد وصلت إلى قناعة مفادها أن استصدار قرار «قوي» بموجب الفصل السابع من شرعة الأمم المتحدة أصبح هدفا بعيد المنال بسبب المعارضة الروسية القوية والصعوبة في حمل موسكو على تغيير موقفها. وقالت مصادر رئاسية فرنسية إن الهدف هو التوصل إلى قرار «يتضمن أكبر قدر ممكن من القيود والإجراءات» لحمل النظام السوري على تنفيذ التزاماته إن إزاء اتفاق جنيف حول نزع ترسانته النووية أو حول القرار الذي سيصدر عن المنظمة الدولية لمنع استخدام الأسلحة الكيماوية بحيث يكون مرغما على تطبيق كافة بنودهما. وبرأي هذه المصادر، فإنه «يمكن التوصل إلى قرار ملزم يكون بالقوة نفسها التي يتمتع بها قرار اتخذ تحت الفصل السابع وذلك من غير اللجوء إلى الفصل السابع»، إذ المهم في نظرها هو محتواه والتدابير التي ينص عليها للتأكد من أن النظام السوري سينفذ التزاماته كافة وأن عملية نزع ترسانته النووية ستنفذ «حقيقة».

وتعتبر باريس أن «موارد» الدبلوماسية لا تحصى وأن الدبلوماسيين الذين يعملون على مشروع القرار قادرون على الوصول إلى صيغة «لأن المهم استصدار القرار في أسرع وقت بحيث يبدأ العمل سريعا على تحييد الكيماوي السوري تمهيدا لإخراجه من سوريا أو تدميره داخلها».

وحتى الآن، لم تفض المناقشات داخل مجموعة الدول الخمس دائمة العضوية إلى بداية تسوية. لكن مصادر أخرى في العاصمة الفرنسية قالت لـ«الشرق الأوسط» إنه من «شبه المؤكد» أن العمل على فرض عقوبات على النظام السوري في حال تلكأ أو ماطل أو تهرب من تنفيذ التزاماته «سيكون على مرحلتين» ولن يتم البدء بتطبيق العقوبات أيا كان نوعها إلا بعد مناقشة جديدة في مجلس الأمن والتصويت على قرار جديد في مجلس الأمن. وإذا سارت الأمور على هذا المنوال، فإن الغربيين يكونون قد سلموا لروسيا بما كانت تطلبه تماما وهو أمران: الأول، رفض وضع القرار الذي تناقش مسودته حاليا تحت الفصل السابع. والثاني، العودة إلى مجلس الأمن مجددا قبل تطبيق التدابير العقابية أو الردعية ضد النظام السوري واستصدار قرار خاص بذلك. والحال، فإن العمل بهذه الآلية يعني العودة إلى المربع الأول، إذ سيكون القرار المرجو تحت رحمة «الفيتو» الروسي أو الصيني أو كليهما. وتعترف المصادر الغربية بأنها «لا تعرف» اليوم شكل ما سترسو عليه صيغة القرار الدولي الذي لن يصوت عليه إلا بعد أن تكون المنظمة الدولية لمنع استخدام السلاح الكيماوي قد أصدرت قرارها. وبحسب باريس، فإن الأسبوع القادم ربما يشهد صدور القرار المنتظر.

من جانبها، نبهت الخارجية الفرنسية إلى الخلط القائم في المفاهيم إذ يعتبر الكثيرون أن الإشارة للفصل السابع تعني آليا تخويل استخدام القوة. والحال، أن الفقرات 40 و41 و42 تنص على مروحة واسعة من التدابير الممكنة تحت الفصل السابع وآخرها اللجوء إلى القوة العسكرية. وبحسب فيليب لاليو، الناطق باسم الخارجية فإن «كل قرارات مجلس الأمن ملزمة أكانت تحت الفصل السابع أو السادس». والأهم في رأيه في حالة سوريا أن تتضمن الآليات التي تضمن التأكد من أن الطرف السوري سينفذ التزاماته وأن توفر «الوسائل» التي تلزمه على ذلك. ومن المخارج المطروحة إمكانية الإشارة إلى الفصل السابع ولكن إخراج الفقرة التي تنص على استخدام القوة منه أو القبول بالفصل السادس مع التهديد باللجوء إلى الفصل السابع في حال التعطيل. وتريد باريس ومعها الأطراف الغربية في مجلس الأمن أن يشير القرار إلى موضوع عدم الإفلات من العقاب لمرتكبي ما تسميه فرنسا «المجزرة الكيماوية». وبحسب الغربيين، فإن المسؤول هو النظام من غير أدنى شك ويستدلون على ذلك بما ورد في تقرير المحققين الدوليين. ويتوقع المراقبون أن تشهد هذه الفقرة من المشروع جدلا حادا إذ ما زالت روسيا تحمل المعارضة السورية المسلحة مسؤولية استخدام السلاح الكيماوي صبيحة 21 أغسطس (آب) في ضاحية دمشق كما في أماكن أخرى من سوريا. وسيعقد في نيويورك خلال الأسبوع القادم اجتماع وزاري للنواة الصلبة لأصدقاء الشعب السوري التي تضم 11 بلدا من أجل تقويم الوضع السياسي والميداني والنظر في الوسائل الممكنة لمساعدة المعارضة السورية.

وكان الرئيس الفرنسي أعاد طرح موضوع تسليح المعارضة الذي سيعود بقوة إلى الواجهة في حال عجز مجلس الأمن عن الخروج بقرار واستحالت العودة إلى التهديد بعمل عسكري ضد النظام السوري. وقال الرئيس الفرنسي إن بلاده «مستعدة» لتسليح المعارضة «في إطار يمكن التحكم به» و«بمعية مجموعة من البلدان». وبحسب باريس، فإن المطلوب عمل جماعي كما التأكد من الجهات التي يمكن تزويدها بالسلاح. ووفق مصادر الإليزيه، فإن باريس تقيم علاقات مع جماعات تعرفها وهي موثوقة الجانب وتتبنى قيم الديمقراطية وحماية الأقليات ومساعدتها لا تعني فقط تمكينها من مواجهة قوات النظام والقوى الخارجية التي تدعمه بل أيضا تقوية موقعها وموقفها بمواجهة الكتائب الجهادية «المتواطئة» مع النظام موضوعيا. وفي بادرة دبلوماسية مهمة، يلتقي الرئيس الفرنسي في نيويورك نظيره الإيراني حسن روحاني الذي كان بادر إلى طلب اللقاء في نيويورك صباح الثلاثاء على هامش أعمال الجمعية العامة، بينما يلتقي وزير خارجية فرنسا بوزير خارجية إيران. وتريد باريس أن تدفع طهران إلى التحول إلى عامل اعتدال إن في الملف السوري أو في خلافها النووي مع الأسرة الدولية. بيد أن باريس تستبعد ذلك ما دامت لم تتبن طهران الحل السياسي المنصوص عليه في ما يسمى باتفاق جنيف للعام الماضي الذي يدعو إلى إقامة سلطة انتقالية تعود إليها الصلاحيات التنفيذية كاملة وما دامت بقيت على مواقفها المتشددة والرافضة في الملف النووي.

وتريد باريس أن تعطي طهران «فرصة» لتبيان التغير الذي حصل على سياستها الخارجية ولتشجيع العناصر المعتدلة داخلها. وكانت باريس عارضت بشدة العام الماضي مشاركة طهران في «جنيف 1» وطرحت شروطها لقبول جلوسها على طاولة «جنيف 2» عندما كان الموضوع قيد النقاش الربيع الماضي.