دمشق تسلم تقريرا مبدئيا عن أسلحتها الكيماوية.. ومنظمة حظر الأسلحة تؤجل اجتماعها حول سوريا

جون كيري يطالب مجلس الأمن بإصدار قرار ملزم لسوريا.. والمعارضة السورية تشعر بخذلان أميركي وروسي

لاجئون سوريون يقومون بالتسجيل في المفوضية العليا للاجئين في بيروت أمس (رويترز)
TT

أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في لاهاي، أمس الجمعة، أن سوريا قدمت لها تفاصيل عن أسلحتها الكيماوية. وسلمت الحكومة السورية خطابا يحمل تفاصيل ترسانتها من الأسلحة الكيماوية. وقال مايكل لوهان، المتحدث باسم المنظمة، إن «التقرير قيد المراجعة والتحقق من جانب خبرائنا»، مشيرا إلى أن المنظمة تتوقع من الحكومة السورية تقديم مزيد من المعلومات خلال يوم أو يومين. ورفضت المنظمة إعلان تفاصيل المعلومات التي تقدمت بها سوريا، لكن مسؤولين بالمنظمة أشاروا إلى أن هذه التفاصيل تعد جزءا فقط من المعلومات التي طلبتها المنظمة من الحكومة السورية.

في الوقت نفسه، أعلنت المنظمة تأجيل اجتماعها حول سوريا المقرر يوم الأحد إلى أجل غير مسمى. وأشارت إلى أن علمية تدمير الأسلحة الكيماوية السورية مهمة لم يسبق لها مثيل، وتتطلب إجراءات استثنائية، ويتطلب الأمر مزيدا من الوقت للتحضير. وقالت المنظمة في بيان لها إنها سوف تعلن عن الموعد الجديد في أقرب وقت.

وكان من المقرر أن تجتمع الدول الـ41 الأعضاء في المنظمة يوم الأحد لمناقشة موضوع انضمام سوريا إلى اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية ومناقشة كيفية البدء في برنامج تدمير الترسانة الكيماوية السورية. وقالت مصادر دبلوماسية إن نص المشروع الذي كانت الدول ستناقشه في اجتماعها يوم الأحد لم تتم الموافقة عليه من قبل كل من الولايات المتحدة وروسيا.

ويعتقد أن سوريا تملك نحو ألف طن متري من المواد الكيماوية السامة، وقد وافقت على تدميرها بموجب اقتراح روسي أميركي.

وفي واشنطن، دعا وزير الخارجية الأميركي جون كيري مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى العمل الأسبوع المقبل لإصدار قرار حاسم في ضوء التقرير حول استخدام الحكومة السورية للأسلحة الكيماوية في ريف دمشق الشهر الماضي. وقال كيري للصحافيين مساء الخميس «أقول للمجتمع الدولي إن الوقت قصير، ودعونا لا ننفق الوقت في الجدل حول ما نعرفه بالفعل، وبدلا من ذلك علينا أن ندرك أن العالم يراقبنا ليرى ما إذا كان بإمكاننا تجنب العمل العسكري وإنجاز ما يجب من خلال الوسائل السلمية لتحقق أكثر مما تحققه الضربات العسكرية، أم لا».

وشدد كيري على أن إزالة كل أسلحة سوريا الكيماوية هي أمر يمكن تحقيقه من خلال وسائل سلمية. وأكد أن هذا الأمر سيتقرر بناء على قرار الأمم المتحدة لمتابعة تنفيذ الاتفاق بين روسيا والولايات المتحدة الذي تم الاتفاق عليه في جنيف السبت الماضي. وطالب كيري مجلس الأمن بأن يكون مستعدا للعمل والتحدث بأشد العبارات الممكنة حول أهمية التنفيذ لتخليص العالم من الأسلحة الكيماوية في سوريا وجعل حمل سوريا على تدمير ترسانتها الكيماوية له معنى، وأنها تفعل ذلك (سوريا) بشفافية مع مساءلة.

من جانبها، تشعر المعارضة السورية بخذلان شديد من قرار واشنطن إبرام اتفاق مع موسكو لإزالة الأسلحة الكيماوية للرئيس السوري بشار الأسد. لكن دبلوماسيين يحذرون الائتلاف الوطني السوري المعارض من أنه يخاطر بفقدان الدعم الغربي إذا لم يتكيف مع الواقع الجديد.

ويقول دبلوماسيون ومصادر من المعارضة إن الخلاف الذي أدى إلى نفور المعارضة السورية من الولايات المتحدة يهدد بإخراج الجهود الدولية لإنهاء الحرب الأهلية السورية المندلعة منذ سنتين ونصف السنة عن مسارها. ويأتي الخلاف في حين تتحول الحرب إلى حالة من الجمود في ميدان المعركة. وكان مقاتلو المعارضة يتطلعون إلى الولايات المتحدة لإمالة الكفة لصالحهم بالتدخل عسكريا لمعاقبة الأسد على استخدام الأسلحة الكيماوية.

وتقول المصادر إن الخلاف الدائر في الكواليس والذي يبدو أن تركيا والسعودية تنحازان فيه إلى صف المعارضة تطور الأسبوع الماضي مع إبرام الولايات المتحدة وروسيا اتفاقهما لتدمير الترسانة الكيماوية للأسد بعد هجوم بغاز الأعصاب على مناطق يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في دمشق أدى إلى مقتل المئات.

وتأمل الولايات المتحدة أن يفتح الاتفاق الباب أمام التوصل لتسوية سياسية أوسع، لكنه قلص فرصة توجيه ضربة أميركية لقوات الأسد كانت المعارضة تأمل أن تضعفه عسكريا وترغمه على حضور مؤتمر جديد مقرر للسلام. وذكر أعضاء في الائتلاف أن المعارضة غاضبة من أن واشنطن غيرت مسارها فجأة ومن دون معرفتها بعد أسبوع من إبلاغ أعضاء الائتلاف الوطني السوري أن توجيه ضربة أمر وشيك.

ومن وجهة نظر المعارضة يتضمن الاتفاق مع روسيا إضفاء فعليا للشرعية على حكومة الأسد، مما يقوض هدف الانتفاضة السورية واحتمال أن تؤدي أي محادثات سلام إلى ترك الأسد للسلطة. وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما هذا الأسبوع إن هدفه لا يزال عملية «انتقالية» تبعد الأسد عن السلطة. لكن التعامل مع أسلحته الكيماوية ستكون له الأولوية. وقال دبلوماسيون تابعوا اجتماعا كبيرا للمعارضة في اسطنبول إن افتقار الائتلاف للمرونة في التعامل مع الأولويات الدبلوماسية المتغيرة كما أوضحها أوباما يمكن أن يحرم المعارضة من الدعم الغربي.

ويحتاج الجيش السوري الحر المدعوم من دول غربية وعربية إلى أي أصدقاء يمكنه الحصول عليهم، في حين يكافح للتعامل مع الفوضى المتزايدة في مناطق المعارضة. كما أن الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة، والتي تعارض ظاهريا حكومة الأسد، تقاتل أيضا المعارضة السورية المسلحة الرئيسة، وهزمت وحدات من الجيش السوري الحر.

وأصبحت التوقعات المتدهورة للمعارضة وخلافها مع واشنطن أمرا واضحا في اجتماعها في اسطنبول حين تغيب الدبلوماسيون الأميركيون. وانتقد دبلوماسيون غربيون كانوا هناك رد الفعل السلبي من المعارضة على اتفاق الأسلحة الكيماوية الذي لقي دعما إلى حد كبير من المجتمع الدولي. وقال دبلوماسي «يجب على الائتلاف أن يحدث جلبة في الحدود المناسبة، وأن يدرك أنه توجد لعبة بين القوى الكبرى». وأضاف «لا يمكنهم تجاهل أن التخلص من الأسلحة الكيماوية للأسد أمر جيد، وأن الناس ربما يمكنهم أن يهنأوا بنوم أفضل الآن في الغوطة»، مشيرا إلى موقع الهجوم الكيماوي يوم 21 أغسطس (آب). وتابع «وإلا فلن تواصل مجالسنا البرلمانية منحنا التفويض لدعم المعارضة السورية للأبد. علينا بالفعل أن نقنع المشرعين بأنه ليس كل سوري عضوا في (القاعدة)».

واعترف مسؤول كبير في المعارضة بأن اجتماع الائتلاف الذي اختتم يوم الاثنين لم يتوصل إلى أي استراتيجية جديدة. وكانت المعارضة لا تزال تترنح من الاتفاق الأميركي الروسي الذي وصفه بأنه كان «صفعة على الوجه» للمعارضة. وقال المسؤول المعارض «لم يكلف الأميركيون أنفسهم حتى بإرسال دبلوماسي واحد لإبلاغنا بما كانوا يفعلونه مع الروس». وأضاف «لا يمكن لدول الخليج أن تقول ذلك صراحة، لكن يوجد ميل متزايد لتجاهل الأميركيين، وتوجد فجوة كبيرة الآن بين الأميركيين من جانب والسعوديين والأتراك والإماراتيين من جانب آخر. حتى قطر ليست سعيدة بالاتفاق. كما لو أن المشكلة كانت الأسلحة الكيماوية وليس نظام الأسد».