انتخابات كردستان.. فوز محسوم لـ«الديمقراطي» والصراع يحتدم بين «الاتحاد» و«التغيير» في السليمانية

نسبة المشاركة في حدود 80%.. ونيجيرفان بارزاني وزوجته كانا أول المصوتين

مسعود بارزاني يملأ استمارة الاقتراع قبيل الإدلاء بصوته
TT

استهل نيجيرفان بارزاني وعقيلته، الساعة السابعة من صباح أمس، التصويت في أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، عندما أصر الزعيم الكردي الشاب على أن يكون أول من يلقي بقسيمة التصويت في صندوق الاقتراع بمركز انتخابي خاص للمسؤولين الحكوميين والبرلمانيين في فندق «روتانا أربيل».

وحضر بارزاني، رئيس حكومة الإقليم، وزوجته مبكرا، وقبل موعد افتتاح أبواب المركز الانتخابي، وبقي منتظرا في صالة الانتظار، بينما كان المسؤول عن المركز يعرض للصحافيين والقاضي المسؤول صندوق الاقتراع الشفاف، الذي بدا خاليا، كما تلا على القاضي والصحافيين أرقام أقفال الصندوق، قبل أن يعطي القاضي الإذن لرئيس حكومة الإقليم وزوجته بالدخول إلى القاعة، المركز الانتخابي، حيث تم تسليمهما الاستمارات الخاصة بالتصويت، بعدما أبرزا بطاقتي الهوية المدنية للتعريف بهما، حسبما تقضي قوانين الانتخابات.

وشعر مسؤول المركز بالإحراج، عندما تأخر جهاز ترقيم الاستمارات القانونية، الذي يمنع حدوث حالات التزوير، عن عمله، وبقي بارزاني يتبادل الحديث مع زوجته، وعندما بدأ الجهاز بالعمل، قال رئيس حكومة الإقليم بصوت عالٍ مخاطبا الصحافيين ومازحا معهم: «اطمئنوا.. لقد اشتغل». وكانت أجهزة الترقيم الإلكتروني سببا في تأخير عمليات التصويت في عموم الإقليم.

الانتخابات البرلمانية، التي انطلقت أمس في إقليم كردستان، من المفترض أن يكون قد شارك فيها ما يقرب من ثلاثة ملايين شخص لانتخاب ممثليهم في برلمان الإقليم، ولتشكيل الحكومة المقبلة، وصفها نيجيرفان بارزاني بأنها «مهمة للغاية»، وهنأ شعبه بعد الإدلاء بصوته، وقال: «هذا يوم تاريخي ومهم في تاريخ شعب كردستان»، وأشار خلال حديثه إلى أن «الرابح الأول سيكون شعب كردستان، وأن نجاح هذه العملية هو نجاح هذا الشعب».

وأدلى رئيس الإقليم مسعود بارزاني في الساعة التاسعة والنصف من صباح أمس بصوته في أحد مراكز الاقتراع بمصيف صلاح الدين، حيث تقع مكاتبه ومقر الرئاسة. كما أدلى نجله مسرور بارزاني بصوته في أحد مراكز الاقتراع في مصيف صلاح الدين (بيرمام) أيضا.

وكان برهم صالح قد رافق زوجته للإدلاء بصوته في الانتخابات في السليمانية واصفا، بعد الاقتراع، الانتخابات بأنها «كرنفال بهيج، أتاح للشعب أن يختار بإرادته الحرة من يريد أن يمثله بالسلطة التشريعية».

وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «منذ ما يقرب من شهر ونحن - الأحزاب السياسية جميعا - نطرح برامجنا الانتخابية والشعب يستمع إلينا، وقد حان الوقت لننتظر نحن اليوم قرار الشعب». وأضاف: «هذا يوم مشهود بتاريخ شعب كردستان، وكلنا ننتظر ما يقرره الشعب، وأتمنى على كل الأطراف السياسية التي خاضت حملاتها الانتخابية بكل أدواتها أن تنتظر قرار الشعب وتحترمه، وأن تعي بأن الشعب هو وحده من يقرر وعبر صناديق الاقتراع، وما علينا سوى القبول بقراره وإرادته، وأن نعمل جميعا على حماية الوحدة الوطنية بما يعزز من مكانة كردستان، مهما كانت نتائج الانتخابات، فنحن نعيش حاليا في خضم أحداث تلهب المنطقة من الحروب والصراعات والتحولات الإقليمية، بالإضافة إلى ما تعترض سبل الحركة الديمقراطية عموما في المنطقة من تحديات، مما يتطلب من الجميع الوحدة والتعاون».

من جهته، أدلى رئيس حركة التغيير الكردية المعارضة نوشيروان مصطفى بصوته في الانتخابات، وأعرب عن أمله بأن تكون هذه الانتخابات بداية طيبة لمرحلة سياسية جديدة بكردستان، والتأسيس لحكم ديمقراطي عادل وجديد، مضيفا: «أتمنى أن تسير الانتخابات بصورة هادئة، وأن تكون نتائجها بما يلبي رغبة الشعب جميعا».

وعلى الرغم من التطمينات الرسمية والإعلامية بسير العملية بشكل طبيعي خال من التجاوزات والخروقات، فإن مركز أجيال السلام، وهو مركز أهلي تطوعي تشكل قبل فترة قصيرة لمراقبة الانتخابات من ائتلاف عدة منظمات مدنية وغير حكومية، أكد وقوع بعض التجاوزات والخروقات في عدد من المراكز.

وبحسب مصادر المفوضية، فإن عدد الناخبين في انتخابات إقليم كردستان يبلغ نحو مليون و135 ألف ناخب في السليمانية، و991 ألف ناخب في أربيل، و615 ألف ناخب في دهوك، حيث يتنافس 1138 مرشحا عبر 31 قائمة للحصول على 111 مقعدا برلمانيا. ويبلغ عدد وكلاء الكيانات السياسية لمراقبة الانتخابات 41 ألف مراقب، ومن منظمات المجتمع المدني أكثر من أربعة آلاف مراقب، ونحو ألف صحافي معتمد رسميا من قبل المفوضية لتغطية الانتخابات.

وقال كاطع الزوبعي عضو مجلس المفوضين في تصريحات صحافية: «نسبة المشاركة كانت مرتفعة، ووصلت بحدود ساعات الظهيرة إلى أكثر من 50 في المائة في السليمانية و48 في المائة في أربيل و47 في المائة في دهوك، وهي نسب تتجه نحو الارتفاع، بسبب ما نلحظه من حماس الجماهير». لكن مراقبين محايدين أبلغوا «الشرق الأوسط» أن نسبة المشاركين في التصويت ارتفعت، وإلى ما قبيل إغلاق المراكز الانتخابية، إلى نحو 80 في المائة.

وقال الزوبعي: «لم نتلقّ أي شكوى من القوائم الانتخابية، وفي حال وجود شكاوى فإننا بالطبع سنتحقق منها».

وإلى حين صدور النتائج الرسمية بعد بضعة أيام، يتوقع مراقبون سياسيون أن يحقق الحزب الديمقراطي الكردستاني، برئاسة مسعود بارزاني، نتائج جيدة، وربما يحصل على ما بين 42 إلى 45 من مقاعد البرلمان، وأن محافظتي أربيل ودهوك محسومتان له، بينما الصراع يشتد بين الاتحاد الوطني وحركة التغيير في السليمانية.