رئيس جنوب السودان يهدد بطرد أمين عام حزبه الحاكم باقان أموم

مصدر قيادي في الحركة الشعبية لـ«الشرق الأوسط»: نخشى أن ينضم جنوب السودان إلى الأنظمة الشمولية

TT

هدد رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت بإمكانية طرد أمين عام حزبه الحاكم (الحركة الشعبية) باقان أموم الموقوف منذ يوليو (تموز) الماضي لرفضه المثول أمام لجنة التحقيق التي شكلها له منذ أكثر من شهرين، فيما سخر قيادي في الحزب الحاكم من تصريحات رئيسه، واعتبرها مخالفة لدستور الحركة الشعبية. وكان كير يتحدث في لهجة غاضبة خلال لقاء جماهيري في مدينة أويل في ولاية شمال بحر الغزال عندما تطرق للحديث عن الأمين العام للحركة الشعبية (الحزب الحاكم) بحسبان أن أموم رفض المثول أمام لجنة التحقيق التي شكلها كير قبل شهرين بعد إيقافه من نشاطاته، ومنعه من الحديث للإعلام والسفر خارج البلاد.

وغادر أموم قبل أيام عاصمة جنوب السودان جوبا متوجها إلى مسقط رأسه في ملكال بولاية أعالي النيل لزيارة والده المريض. وقال كير إنه أرسل رسائل إلى عدد من المسؤولين يطالبهم باستعادة مبلغ 4 مليارات دولار فقدت خلال وجود باقان أموم في منصبه أمينا عاما للحركة الشعبية، وأضاف: «لكن فشلنا في الحصول على رد.. لقد فتحت حسابا بنكيا مع وزير المالية في نيروبي وطلبت منه إعادة الأموال، لكن أيضا لم يستجيبوا وبدلا من الاستجابة بدأوا في أنشطة غير قانونية». وقال لقد صادقوا لأنفسهم وحولوا مبلغ 8 ملايين دولار، وقد قامت الحكومة باستعادتها، وأردف أن الأموال التي جرى أخذها عن طريق أفراد وهم مسؤولون حكوميون قد أبعدتهم من الحكومة أخيرا، في إشارة إلى إبعاده وزيري المالية كوستا مانيبي ومجلس الوزراء دينق ألور السابقين اللذين أحالهم إلى التحقيق بعد أن رفع الحصانة عنهم، وقد رفعت لجنة التحقيق تقريرها إلى سلفا كير منذ شهر.

وقال كير إن الخلاف بينه وبين الأمين العام للحزب الحاكم باقان أموم ينبع من تورطه أخيرا بوقوفه إلى جانب المشتبه فيهم بتحويل مبلغ 8 ملايين دولار كانت مخصصة لشراء أجهزة إطفاء حرائق بشكل غير قانوني، مضيفا: «بدلا من أن يقدر أموم هذا القرار قال لأجهزة الإعلام لماذا أوقف الرئيس بقرار وأبعد هؤلاء القادة الكبار من دون الرجوع إلى أجهزة الحزب».

وحذر كير أمين عام حزبه باقان أموم مواجهة الطرد من الحزب، واضعا أمامه خيارين، إما المثول فورا أمام لجنة التحقيق أو مواجهة خطر الطرد من الحزب، وقال: «هو (ويقصد أموم) رفض الحديث إلى لجنة التحقيق، لكنه سيتحدث، وعليه أن يختار، لأنه لن يكون مقبولا لشخص أن يضعف قيادة الحزب ويتوقع ألا يصدر قرار في مواجهته»، مضيفا: «هذا لن يحدث لأن لدينا نظاما».

وحذر كير الوزراء الجدد من الفشل في أداء مهامهم، وقال إن الوزراء الذين يجعلون مصالحهم الذاتية فوق الأجندة الوطنية سيواجهون فتح النار عليهم، في إشارة لإبعادهم من الحكومة وإحالتهم للقضاء، وأضاف: «مجلس الوزراء الجديد الذي شكلته منح تفويضا لتقديم الخدمات لمواطني هذا البلد، لن يكون مجلس وزراء الذي كان يقوده أولئك الذين وضعوا مصالحهم فوق الأجندة الوطنية». وتابع: «إذا لم يستطع الوزراء الجدد تقديم الخدمات فإنهم سيذهبون كما ذهب الآخرون بالطريق ذاته، وسنقوم بتعيين آخرين للعمل من أجل هذا الوطن وهذا هو الذي تريدونه».

من جهته اعتبر قيادي بارز في الحركة الشعبية الحاكمة في جنوب السودان، فضل عدم الكشف عن هويته، لـ«الشرق الأوسط» أن رئيس الحزب الحاكم رئيس الدولة سلفا كير ميارديت أصبح يتجه نحو حكم الفرد، وأضاف أن دستور الحزب لا يسمح له باتخاذ قرار بإبعاد الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم، وأن القرار مكفول للمؤتمر العام أو مجلس التحرير، وقال إن أموم مثل أمام لجنة التحقيق لأول مرة وكان التفويض الممنوح لها بقرار سلفا كير نفسه قد انتهى، وأضاف: «لقد كانت اللجنة لديها تفويض لمدة شهر، وقد انتهت المدة عندما التقى بها أموم وطلب منهم تجديد التفويض من سلفا كير أو اعتبار أنها لجنة منتهية».

وقال المصدر إن المناخ داخل الحزب الحاكم أصبح مشحونا ومتوترا، وإن كل شيء متوقع أن يقوم به سلفا كير، وأضاف أن تصريحات كير الأخيرة حول أموم لا علاقة لها بقراره السابق في توقيفه من الأمانة العامة، وقال سلفا كير: «أصبح بعيدا عن روح ونهج الحركة الشعبية التي ناضل فيها الكثيرون وفي مقدمتهم باقان أموم»، معتبرا أن كير وحوله عدد من القيادات لا علاقة لها بتاريخ الحركة أصبحت تقود البلاد إلى ديكتاتورية جديدة، وتابع: «نخشى أن ينضم جنوب السودان إلى صفوف الدول الشمولية والديكتاتورية، وهذا لم يناضل من أجله شعب جنوب السودان لأكثر من 50 عاما ضد دولة السودان القديم».

إلى ذلك أبلغت الجبهة الثورية المعارضة في اجتماع لها مع المبعوث الأميركي الخاص للسودان وجنوب السودان دونالد بوث، هو الأول من نوعه، بعدم رضائها بما وصفته بالدور السالب للأمم المتحدة في مناطق دارفور، جبال النوبة والنيل الأزرق التي تشهد حروبا بينها وبين القوات السودانية، واعتبرت أنه يماثل ما تقوم به الخرطوم التي قالت إنها تعرقل وصول المساعدات الإنسانية للنازحين في تلك المناطق، وشددت الجبهة التي تضم الحركة الشعبية لتحرير السودان، حركات العدل والمساواة وفصيلي تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي وعبد الواحد نور، على أنها مع الحل الشامل وضد تجزئتها.