المحكمة العسكرية بلبنان تصدر مذكرة توقيف بحق مشتبه بهم في تفجيري طرابلس

شربل: المرحلة الثانية من الخطة الأمنية لعاصمة الشمال معقدة وتحتاج لتوافق سياسي

TT

أصدر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية في لبنان القاضي صقر صقر ثلاث مذكرات توقيف بحق يوسف دياب، أحد عناصر الحزب العربي الديمقراطي، وشخصين آخرين، على ذمة التحقيق للاشتباه في تورطهم بتفجيري مسجدي «السلام» و«التقوى» في مدينة طرابلس، عاصمة شمال لبنان، يوم 23 أغسطس (آب) الماضي، اللذين أديا إلى سقوط أكثر من 45 قتيلا ومئات الجرحى. كانت شعبة المعلومات قد أوقفت دياب أول من أمس في ضاحية جبل محسن الطرابلسية ذات الأغلبية العلوية، الأمر الذي أدى إلى اندلاع اشتباكات وعمليات قنص استمرت طوال الليل بين الجبل وضاحية باب التبانة المجاورة، ذات الغالبية السنية، سقط خلالها عدد من الجرحى. ومع اعتبار رفعت عيد، أمين عام الحزب العربي الديمقراطي، توقيف دياب «محاولة لإلغاء الطائفة العلوية» وتحذيره من أنها «لن تمر مرور الكرام»، مطالبا بتسليمه إلى الجيش اللبناني، أعلن علي فضة، القيادي في الحزب، ذي القاعدة العلوية، رفض اعتقال «فرع المعلومات» لدياب و«ذلك نتيجة تبعية هذا الفرع إلى فريق سياسي»، قاصدا بذلك «تيار المستقبل».

هذا، وعلى الرغم من استئناف عمليات القنص في ساعات الصباح الأولى، فإن الهدوء عاد أمس إلى طرابلس التي شهدت شوارعها حركة سير عادية. وفتحت جميع المحال التجارية والمؤسسات العامة والخاصة والدوائر الرسمية والمصارف والجامعات والمدارس أبوابها كالمعتاد، في موازاة انتشار دوريات الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي عند الخط الفاصل بين المنطقتين وفي شوارع المدينة. كذلك أعيد فتح الطريق الدولي بين طرابلس ومنطقة عكار الحدودية مع سوريا بعدما كان الجيش اللبناني قد أقفلها حفاظا على سلامة المواطنين.

من جهة ثانية، كان انفجار الوضع الأمني في طرابلس، لا سيما بعد أيام قليلة على بدء تنفيذ المرحلة الأولى من الخطة التي وضعتها وزارة الداخلية لعاصمة الشمال، موضع بحث بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الداخلية والبلديات مروان شربل وقادة الأجهزة الأمنية.

وفي هذا الإطار، قال شربل إن «الجيش اللبناني يقوم بواجباته في طرابلس ضمن الإمكانات والأصول»، وأوضح أنه «تم وضع خطة أمنية لطرابلس على مرحلتين بعد الانفجارين الأخيرين، ففي المرحلة الأولى تم وضع حواجز على مداخل المدينة لمنع دخول السيارات المفخخة، أما المرحلة الثانية من الخطة الأمنية فلم تبدأ بعد، ونحن في طور المشاورات»، واصفا المرحلة الثانية بـ«المعقدة».

وأردف شربل لـ«الشرق الأوسط»: «المرحلة الثانية تحتاج إلى وفاق وحلول سياسية تنفيذية على الأرض وليس فقط في المواقف». وأشار إلى أن اجتماعا سيعقد بعد عيد الأضحى المبارك بينه وبين ميقاتي واللجنة الأمنية التي شكلت لإدارة الخطة، وإلى إطلاع الفرقاء السياسيين عليها فيما بعد «على أمل أن يتسنى تذليل كل العقبات».

وعما إذا كان هناك عديد كاف من العناصر لإنجاز هذه المهمة، أوضح شربل: «إذا وصلنا إلى توافق سياسي، فالأمر لا يحتاج إلى أكثر من العدد الموجود الآن».

على صعيد آخر، أعطى المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم التوجيهات لضباط الأمن العام للبقاء في جهوزية تامة في طرابلس، وذلك خلال جولته على حواجز الأمن العام في المنطقة، واطلع على أوضاع العسكريين، مشددا على أن «أهالي طرابلس يستحقون العيش بأمان وأن تتأمن لهم الحياة الكريمة». أحداث طرابلس كانت قد استدعت مواقف مستنكرة، لا سيما أن التصعيد جاء على خلفية توقيف أحد المطلوبين للعدالة. ولقد اعتبر فيصل كرامي، وزير الشباب والرياضة في حكومة تصريف الأعمال، أن «النكسة المحدودة التي تعرض لها الوضع الأمني في طرابلس نتيجة عدم استكمال الخطة الأمنية الخاصة بالمدينة، لا تمنح أي طرف المبرر لإطلاق النار على هذه الخطة تحت عناوين سياسية». وذكر بما سبق لوزير الداخلية أن أعلنه قبل بدء تنفيذ خطة طرابلس لجهة وجود غطاء سياسي للفلتان الأمني ولانتشار السلاح، وأن كل ما يجري الاتفاق عليه في الاجتماعات حول رفع الغطاء لا يتم الالتزام به على الأرض. وأبدى كرامي استغرابه مما وصفها بـ«بدعة قطع الطرقات» وتوتير الأجواء كلما قامت المؤسسات الأمنية بواجباتها وبالأعمال المنوطة بها. كذلك، تساءل نائب المنطقة في كتلة «تيار المستقبل» محمد كبارة: «هل يجوز إذا تم توقيف شخص من جبل محسن أن تصبح المناطق المجاورة (فشة خلق) ويطلق النار عليها عشوائيا؟». وحث الأجهزة الأمنية على ردع «هذه التصرفات الهمجية واللامسؤولة التي تدل على أن أهالي التبانة هم المعتدى عليهم».

وتوجه إلى أهالي التبانة مناشدا إياهم ضرورة ترك معالجة الأمور للجيش اللبناني وحده، وألا ينجروا إلى «فتنة يريدها الرئيس السوري بشار الأسد في جبل محسن، خصوصا قبيل عيد الأضحى المبارك، لضرب اقتصاد المدينة أولا، وتشويه صورتها ثانيا، والإمعان في العبث بأمنها واستقرارها بهدف تفشيل الخطة الأمنية الموعودة».