ضغوط غربية على المعارضة للذهاب إلى «جنيف 2» و«الجيش الحر» يعلن رفضه بعد المجلس الوطني

إدريس يبلغ واشنطن وباريس ولندن بشروط أربعة للمشاركة

TT

تضاءلت احتمالات انعقاد مؤتمر «جنيف 2» للوصول إلى حل سياسي في سوريا، في أواخر شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، مع ازدياد أعداد المعارضين من أقطاب المعارضة السورية، للمشاركة فيه. وعلى الرغم من الضغوط التي تمارس على أقطاب المعارضة والاتصالات التي تجريها دول غربية، من أصدقاء الشعب السوري، لحثهم على المشاركة والتوقف عند شروطهم بغرض التباحث بها، تقود المؤشرات إلى أن فرص المشاركة بدأت تتضاءل، بعد تأكيد قيادة أركان الجيش السوري الحر أنه «لا حل سياسيا في سوريا في ظل وجود (الرئيس السوري بشار) الأسد».

وتقود تلك المؤشرات إلى أن جلسة الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري التي ستعقد في 25 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي لاتخاذ قرار المشاركة في «جنيف 2»، ستعلن رفض المشاركة، نظرا لأن المجالس العسكرية، بعد قرار المجلس الوطني، ترفض الذهاب للمؤتمر. وتعزز هذا المؤشر مع إعلان المتحدث باسم الائتلاف خالد صالح، أمس، أن الائتلاف «لم يتلق أي ضمانات من الأطراف المعنية لتشكيل حكومة انتقالية». وقال: «حتى الآن لدينا النقاط الست التي يتضمنها بيان (جنيف) لكن مسألة الانتقال إلى الديمقراطية ما زالت غائبة وتظل أمرا لا تستطيع ضمانه أي من الدول المعنية بهذا الشأن ولا الأمم المتحدة».

وانضمت هيئة الأركان في رفضها إلى قرار المجلس الوطني، إذ أكد المنسق السياسي والإعلامي لـ«الجيش الحر» لؤي المقداد، لـ«الشرق الأوسط»، أن موقف قيادة الأركان «واضح تجاه أي حل سياسي في سوريا»، مشددا على أن «أي حل، سواء أكان عبر (جنيف 2) أو غيره، يبدأ من أساس المشكلة، وهو وجود الأسد»، مشيرا إلى «أننا منفتحون على أي حل يبدأ من رحيله».

وكشف المقداد عن جملة شروط أبلغها رئيس الهيئة اللواء سليم إدريس للدول المعنية بالحل، وهي بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، مفادها أن «القيادة لا تستطيع ولا ترغب بالسير في أي حل لا يعبر عن مطلب الثوار على الأرض». وقال إن إدريس «لخص المطالب بأربعة وهي: لا مكان للأسد في أي حل سياسي بسوريا، ومحاسبة من تلطخت أيديهم بدماء الشعب السوري، ورفض تمثيل أي شخص ممن تلطخت أيديهم بالدماء في الحكومة الانتقالية، إضافة إلى شرط عدم حضور إيران في أي مؤتمر للحل».

وأشار المقداد إلى أن تلك الدول وافقت على الشروط الثلاثة الأولى، وتحفظت على الشرط الرابع، حيث «قالت إحدى الدول إنه إذا وافقت إيران على عدم وجود الأسد في الحل، وعلى تشكيل حكومة انتقالية تضمن التغيير في سوريا، فإنه من غير المناسب استبعاد إيران». ولفت المقداد إلى أن المجلس العسكري «في طور التباحث بنقطة مشاركة إيران، لكوننا نرفض الجلوس إلى جانب قتلة الشعب السوري».

وأكد المقداد أن كتلة هيئة الأركان في الائتلاف، التي تشكل 15 صوتا من أعضائه، «ملزمة بهذه الضوابط لكونها طلبات الثوار في الداخل، وبحكم التزام أعضائها بقرار رئيس هيئة الأركان». ورأى أن «رضوخنا للضغوطات الدولية أو الإقليمية، والسير بناء على أي أجندات فردية تنطلق من مصالح شخصية، سيفقدنا أي تمثيل للشعب السوري، كما يفقدنا وزننا الإقليمي».

وأكد المقداد أن «هناك ضغوطا تمارس من قبل بعض الدول للتسوية»، معربا عن اعتقاده أنه «من الغباء السياسي الانجرار وراء كل رغبات وطلبات السفراء والدول، خصوصا في قضية مثل مؤتمر جنيف الذي يعد أكبر مسؤولية أمام شعبنا وأمام التاريخ». وأضاف: «من يرضخ للضغوط ويكون ضعيفا لا يستحق أن يكون في موقع القيادة»، داعيا المعارضة إلى «التأمل بالتجارب السابقة».

لكن عضو الهيئة السياسية في الائتلاف أحمد رمضان نفى أن تكون هناك أي ضغوط تمارس على المعارضة للمشاركة في «جنيف 2». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الهيئة العامة للائتلاف ستدرس موضوع (جنيف 2)، وسيكون الموقف مستمدا من موقف القوى في الداخل والوضع على الأرض، وستكون هناك دراسة لمواقف الكتل الرئيسة التي تشكل الائتلاف، ويدرس الوضع السياسي والإقليمي والدولي».

وأعرب رمضان عن اعتقاده أن «الوضع الناتج بعد الضربة بالأسلحة الكيماوية التي تعرضت لها الغوطة، في أغسطس (آب) الماضي، وامتناع الولايات المتحدة والدول الأخرى عن الرد عليها، فضلا عن الاتفاق الروسي – الأميركي حول تجريد النظام من سلاحه الكيماوي وتجاهل الأزمة من أبعادها الأخرى، أدى إلى تعقيد الوضع بخصوص الحل السياسي». وأكد أنه «باتت هناك صعوبة في انعقاد (جنيف 2)، وصعوبة في المشاركة فيه». وإذ أشار إلى أنه «لا يريد استباق قرار الهيئة العامة للائتلاف»، رأى أن «الظروف بعد ضربة الغوطة بالكيماوي، والشروط المصاحبة لـ(جنيف 2)، ليست في صالح انعقاد المؤتمر».

ولفت رمضان إلى «اتصالات حثيثة» قامت بها دول غربية، وأحدها «بعد ساعات من موقف المجلس الوطني، لمعرفة قرار المعارضة من المشاركة، والوقوف عند موقف المجلس الوطني»، لافتا إلى أنه «في حال رفض الائتلاف المشاركة، فإنه لن يكون هناك مؤتمر جنيف 2».

في هذا الوقت، انتقد عضو الهيئة السياسية للائتلاف والرئيس السابق للمجلس الوطني برهان غليون، قرار المجلس الوطني، واصفا إياه بالمتسرع. وقال إن «موقف الائتلاف لا يختلف كثيرا عن موقف المجلس الوطني في رفض الذهاب إلى (جنيف 2) من دون ضمانات كافية لتنفيذ بيان (جنيف 1)». ورأى، في تعليق على حسابه في «فيس بوك»، أن «التهديد باستعداد المجلس الوطني للانسحاب من الائتلاف إذا قرر الذهاب إلى (جنيف 2)، من دون شروط، هو تعزيز للشك بأن هذا الاحتمال وارد، وتمهيد للعودة إلى سياسة التنافس والتنازع على الشرعية الثورية، بين المجلس والائتلاف، ونحن في أشد الحاجة إلى تجنبها اليوم».