إجراءات أمنية مشددة في الميادين والساحات المصرية لمواجهة «شغب الإخوان» في العيد

عائلة مرسي تؤكد أنه لن يقبل أي حلول وسط مع السلطات الحالية * جدل حول قانون التظاهر

سائحة وابنها يستريحان خلال جولتهما داخل المتحف المصري في وسط القاهرة، مع بوادر عودة حركة السياحة إلى مصر عقب فترة من الاضطرابات (رويترز)
TT

قالت مصادر أمنية مصرية أمس إن السلطات بدأت في فرض إجراءات مشددة في الميادين والساحات لمواجهة «أي شغب من جماعة الإخوان المسلمين» خلال أيام عيد الأضحى الذي يبدأ اليوم (الثلاثاء)، في وقت أعلنت فيه عائلة الرئيس المعزول محمد مرسي، المنتمي للجماعة، أنه لن يقبل بأي حل وسط مع السلطات الحالية، وذلك على خلفية جهود متعثرة للوساطة يحاول أحد الفقهاء الدستوريين المتعاطف مع الإسلاميين، القيام بها لتهدئة الاحتقان في الشارع المصري.

وناشد وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم قواته أمس بضرورة التصدي الحاسم لأي محاولات لإفساد احتفالات عيد الأضحى المبارك، في إشارة إلى المظاهرات والمسيرات التي يعتزم أنصار مرسي إطلاقها بعد فشل جهود الوساطة لإيجاد حل سياسي للأزمة.

ودعا «التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب»، الذي تتزعمه جماعة الإخوان، أنصاره إلى التظاهر أمس بمناسبة وقفة عرفات لـ«الدعاء لمصر»، كما دعاهم إلى صلاة عيد الأضحى اليوم (الثلاثاء) في كل ميادين وساحات الصلاة في عموم البلاد.

وتأتي هذه الدعاوى في وقت يثار فيه جدل كبير حول مشروع قانون جديد لتنظيم التظاهر، الذي سيصدره الرئيس المؤقت عدلي منصور خلال أيام. وتقول جهات حقوقية ومعارضين إنه سيعمل على التضييق على عملية التظاهر بشكل كبير، لكن سياسيين ومسؤولين أكدوا حاجة البلاد لمثل هذه الإجراءات لمنع الانزلاق إلى الفوضى مع استمرار المظاهرات بشكل عشوائي.

وشهدت العاصمة القاهرة أمس تشديدا أمنيا مكثفا تحسبا لمسيرات أنصار الرئيس المعزول، وأغلقت قوات الجيش ميادين «التحرير»، و«رابعة العدوية»، و«نهضة مصر» بالدبابات والمدرعات تحسبا لأي تظاهرات، كما انتشرت قوات الأمن في الميادين الرئيسة بجميع المحافظات.

وقال مصدر أمني إنه لن يتم السماح لمؤيدي الرئيس المعزول بالتظاهر أو الاعتصام في ساحات صلاة العيد، بالإضافة إلى عدم السماح لأي فصيل سياسي بإقامة الصلاة في ميدان التحرير، رغم توجيه قوى ثورية دعوات للصلاة هناك.

من جهته، أعرب الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور عن تهنئته للشعب المصري بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، وقال: «إن التضحية والفداء في سبيل الله فريضة واجبة، قبل أن تكون قيما ومبادئ إنسانية رفيعة». وأضاف في بيان رئاسي أمس: «لقد تزامنت هذه الأيام المباركة مع أيام نصر صنعتموه أنتم وجيشكم بملحمة من الجدية والتضحية والعلم والعمل.. وبمثله ستصنعون مستقبلكم الواعد بإذن الله تعالى علما وعملا وجدا وتضحية، من أجل وطن هذا حقه علينا جميعا».

إلى ذلك، طالب وزير الداخلية قوات الأمن «باليقظة الكاملة وتنفيذ الخطط والإجراءات الأمنية بدقة وكفاءة والتصدي الحاسم لأي محاولات تستهدف إفساد أجواء الاحتفال بعيد الأضحى». وناشد في بيان له أمس «رجال الشرطة بالتعامل مع الحوادث الطارئة ومختلف الأزمات وفقا للأطر القانونية»، وأضاف: «إنهم مؤمنون بقدسية رسالتهم في الدفاع عن حق كل فرد في وطن آمن، وعازمين على المضي في تحقيق أهدافهم والحفاظ على مقدرات الوطن.. ومواجهة أي محاولات من شأنها زعزعة أمن واستقرار البلاد بكل حسم وحزم».

ومن جانبه كشف اللواء هاني عبد اللطيف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية، عن خطة أمنية شاملة لتأمين البلاد خلال عيد الأضحى تشمل تأمين المساجد وساحات الصلاة وكل المناطق المحيطة بها قبل وأثناء وبعد الصلاة لحين انصراف جميع المصلين، ومتابعة مناطق التجمعات الجماهيرية وتأمينها ومنها محطات المترو والنوادي والمتنزهات والمراكز التجارية ودور العرض السينمائي.

فيما أكد شريف شوقي، المستشار الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء المصري، أنه ليس هناك أي تعديل في مواعيد حظر التجوال خلال أيام عيد الأضحى المبارك، حيث سيبدأ حظر التجوال كما هو من الساعة 12 ليلا وحتى الخامسة صباحا، فيما عدا الجمعة حيث يبدأ الحظر من السابعة مساء.

وأضاف شوقي في تصريحات صحافية أمس أنه «ليس هناك مبرر في الوقت الحالي لتعديل مواعيد حظر التجوال، والتي تراعي الحفاظ على الأمن والانضباط بالشارع المصري وحماية المواطنين وممتلكاتهم».

وفي غضون ذلك، تعثرت جهود الوساطة التي يقوم بها الفقيه الدستوري الدكتور كمال أبو المجد، من أجل البحث عن حل للأزمة السياسية التي تشهدها البلاد منذ عزل مرسي مطلع يوليو (تموز) الماضي، بعدما رفضت جماعة الإخوان الشروط التي وضعها أبو المجد من أجل قبول الدولة دمج الإخوان في الحياة السياسية مرة أخرى.

وقال محمد علي بشر، القيادي الإخواني، وزير التنمية المحلية في عهد مرسي، إن «التحالف الوطني (الذي تقوده الجماعة) يرحب بأي مبادرة من أي طرف وأي حوار من خلال أي جهة محايدة لا تتبني رأي أحد أطراف الأزمة في مصر»، مشيرا في بيان له نشره موقع الحرية والعدالة التابع للجماعة، إلى أن أيادي التحالف ممتدة للجميع من أجل صالح الوطن ومن أجل ترميم الجماعة الوطنية في مصر، وأن الشرط الوحيد الذي يشترطه التحالف هو العودة لما أسماه بـ«الشرعية الدستورية» التي قال إنها «خيار الشعب المصري، والتي تسمح باستكمال المسار الديمقراطي على أسس سليمة».

وأكد بشر أن الشروط التي أعلنها أبو المجد والتي تتمثل في الاعتراف بـ«سلطات الحكم الثوري القائم» ووقف التصعيد الإعلامي والتظاهرات، «ليست مقبولة أصلا لأن تكون بداية لحوار حقيقي، يؤدي إلى نتائج إيجابية»، مضيفا «القبول بهذه الشروط تعد تحيزا لطرف من الأطراف دون آخر، وتعد اعترافا بالانقلاب الذي جرى، وهو أمر غير مقبول جملة وتفصيلا».

كما أعلنت عائلة الرئيس المعزول محمد مرسي في بيان لها نقلته وكالة «رويترز» أنه «لن يدخل في مفاوضات ولن يقبل أي حل وسط، بعد حملة من السلطات المدعومة من الجيش على جماعة الإخوان المسلمين». مضيفة: «الرئيس مهما أبعدوه.. لن يتراجع عن عودة المسار الديمقراطي حتى لو كانت روحه ثمنا لمسار ديمقراطي ارتضاه الشعب ومنحه لنفسه».

ويحتجز مرسي في مكان سري منذ الإطاحة به، ومن المقرر أن تبدأ محاكمته في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل بتهمة التحريض على العنف.

من جهة أخرى، أثار مشروع قانون جديد للتظاهر، قدمته الحكومة المصرية، جدلا كبيرا في البلاد. وكان الرئيس المؤقت تسلم أول من أمس من رئيس الوزراء الدكتور حازم الببلاوي، مشروع قانون «تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية في الأماكن العامة»، تمهيدا لإصداره مستخدما حق التشريع الذي يملكه الرئيس حاليا.

وقال طلعت مرزوق، عضو المجلس الرئاسي لحزب النور، إن قانون التظاهر، «لا مسمى له سوى منع التظاهر»، مشيرا إلى أنه «يتعارض مع المعاهدات والمواثيق الدولية الخاصة بالحقوق والحريات».

وأضاف مرزوق، في تصريح له أمس أن «القانون يشتمل على عبارات مطاطة غير واضحة يمكن استخدامها بأشكال متعددة، قائلا: «ما الذي يضمن عدم مماطلة قسم الشرطة في استلام الإخطار الذي يرسله منظمو المظاهرة، خصوصا أنه لا بد من التوقيع على صورة منه، حتى لا تكون هناك فرصة للادعاء بعدم وجود هذا الإخطار، خصوصا أن المشروع يفرض عقوبة على التظاهر دون إخطار (مسبق)».

وتابع أن «المادة السابعة التي تتيح لوزير الداخلية تنبيه الجهة المعنية بمطالب المتظاهرين للتواصل معهم وحل المشكلة لا ينبغي أن تشمل تأجيل المظاهرة، ومساحة المكان الذي يحظر على المتظاهرين تجاوزه أمام المنشآت العامة المنصوص عليها في المادة (14)؛ والمحدد من 50 إلى 100 متر، مساحة كبير جدا».

وأوضح أنه «ينبغي إلغاء حظر تحول المظاهرة إلى اعتصام وضرورة تنظيم حق الاعتصام والأماكن التي يمكن أن يمارس فيها، والقواعد التي تحكمه والفترة التي يستغرقها».

وبينما أعلنت حركة 6 أبريل (الجبهة الديمقراطية) رفضها الشديد لقانون التظاهر، قبل طرح خطوات جدية لملف إعادة هيكلة وزارة الداخلية، وملف العدالة الانتقالية، قال الناشط الحقوقي علاء عبد الفتاح إن مشروع قانون التظاهر «به هوس واضح لمنع الاعتصام».

كما أشار الحقوقي جمال عيد، رئيس الشبكة العربية لحقوق الإنسان، إلى أن القانون هو نفسه قانون نظام مرسي السابق، وأن الاختلاف بينهما طفيف. وكان مشروع قانون مماثل قد ترددت أنباء عن تقديمه إلى مجلس الشعب المنحل في مايو (أيار) 2012، قوبل برفض ونقد شديدين من جانب الحركات والأحزاب السياسية والساسة المناهضين لجماعة الإخوان فتم سحبه في ذلك الوقت.