ابن كيران يتعرض لمساءلة قاسية من قيادة «العدالة والتنمية» المغربي

انتقدوا سوء تدبيره لمفاوضات تشكيل حكومته الثانية.. وسماحه بعودة الوزراء المستقلين

ابن كيران
TT

تعرض عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية، أول من أمس، لجلسة مساءلة قاسية من طرف أعضاء الأمانة العامة للحزب.

وذكرت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، أن ابن كيران وجد نفسه أمام عاصفة قوية من الانتقادات بسبب سوء تدبيره لمفاوضات تشكيل النسخة الثانية من حكومته، التي لاقت استياء كبيرا وسط حزبه بسبب تنازلات كثيرة قدمها، وتضخم مناصبها الوزارية بعدما انتقلت من 32 وزيرا في النسخة الأولى إلى 39، فضلا عن تداخل اختصاصاتها، مما يضع التجانس الحكومي على المحك أثناء مرحلة إصدار مراسيم الاختصاصات الأسبوع المقبل.

وأعلنت المصادر ذاتها أن الاجتماع، الذي دام أكثر من أربع ساعات، استمع في البداية إلى عرض سياسي مفصل قدمه رئيس الحكومة حول الظروف والإكراهات التي رافقت تشكيل النسخة الثانية من الحكومة، مبديا اعترافه بنوع من التقصير الخارج عن إرادته بشأن ما آلت إليه الهندسة الحكومية الجديدة.

وكشف ابن كيران عن أنه يشاطر أعضاء «العدالة والتنمية» هذه المرارة، لكنه قال إنه حقق أفضل ما يمكن تحقيقه في ظل ظروف وسياق تفاوض غير داعم، مضيفا أن مجرد إخراج هذه الحكومة في حد ذاته يعد نجاحا كبيرا للحزب.

ورفض ابن كيران التأويلات التي أعطيت لخروج سعد الدين العثماني من وزارة الخارجية، نافيا أن يكون ذلك بسبب ضغوط بعض الدول العربية أو بسبب أخطاء دبلوماسية جرى تداولها في كواليس السياسة المغربية.

وشدد رئيس الحكومة المغربية على أن استبعاد رفيقه في الحزب خضع لحسابات فرضتها قواعد التفاوض مع حزب «التجمع الوطني للأحرار» - الوافد الجديد على الائتلاف الحكومي الذي طالب بالإشراف على هذه الحقيبة مقابل بقاء عين «العدالة والتنمية» على وزارة المالية في شخص إدريس الأزمي، الوزير المنتدب في الميزانية. بينما رجحت مصادر داخل الحزب سبب استبعاد العثماني إلى الأدوار الجديدة التي ستدخلها الدبلوماسية المغربية، خصوصا في قضية الصحراء المغربية بعد خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس خلال افتتاح البرلمان، حيث دعا إلى التفكير في استراتيجية دبلوماسية جديدة لتجاوز الصعوبات التي يعرفها هذا الملف.

ووجه بعض أعضاء الأمانة العامة انتقادات لاذعة لابن كيران جراء ما عدوه تعاملا قاسيا له إزاء رئيس الفريق النيابي، عبد الله بوانو، الذي هدده ابن كيران بإقالته أثناء اجتماعه مع الكتلة النيابية للحزب الأسبوع قبل الماضي بسبب انتقاد بوانو نتائج المفاوضات الحكومية، قبل أن يتراجع عن ذلك.

في غضون ذلك، شن قادة «العدالة والتنمية» خلال اجتماعهم هجوما شرسا على سماح ابن كيران بالعودة القوية للوزراء المستقلين في حكومة سياسية محضة، حيث أصبح المستقلون يشكلون القوة الثانية فيها، إذ أصبح عددهم ثمانية وزراء بعد حزب العدالة والتنمية (12 وزيرا).

كما انصبت اعتراضات أعضاء الأمانة العامة على توسيع قاعدة وزارات السيادة، معتبرين أن إعطاء ابن كيران وزارة التعليم لرشيد بلمختار (الشخصية المقربة من القصر) والتنازل عن قيادة شخصية حزبية لوزارة الداخلية لفائدة شخصية مستقلة يعد تراجعا كبيرا في التنزيل الديمقراطي للدستور الذي أعطى نفسا سياسيا للبنية الحكومية، وعودة إلى حكومات ما قبل دستور 2011.

وتركزت انتقادات قادة «العدالة والتنمية» على بعض الأسماء التي جرى استيزارها، وزعمت أن شبهات تحوم حولها، معدة أن سمعة هؤلاء الوزراء ستكون عنصر إضعاف للأداء الحكومي، بينما رد ابن كيران على ذلك بالقول إن قادة أحزاب التحالف هم من يتحملون مسؤولية اقترح وزراء أحزابهم.

ونجا ابن كيران من اللجوء إلى عقد المجلس الوطني الاستثنائي (برلمان الحزب) لتوسيع قاعدة المحاسبة انطلاقا مما عده البعض إخفاقات في تدبير المفاوضات بعدما تعالت الأصوات الداعية لذلك، قبل أن يقرر قادة الحزب الحاكم تعويض هذا الاقتراح بدعوة لعقد خلوة تنظيمية على امتداد يومين بعيدا عن العاصمة الرباط، لتدارس الأوضاع التنظيمية للحزب الذي تعرض لهزة كبيرة. بينما لم تستبعد مصادر قيادية في الحزب أن ينجم عن هذا اللقاء قرارات حاسمة مرتبطة بمستقبل إدارة ابن كيران للشؤون السياسية والتنظيمية للحزب.