المعارضة السورية توجه انتقادات حادة للإبراهيمي عشية وصوله إلى دمشق

روحاني يلتقي المبعوث الدولي ويعلن استعداد إيران لإرساء الاستقرار في سوريا

الرئيس الإيراني حسن روحاني لدى استقباله المبعوث الدولي إلى سوريا الأخضر الابراهيمي في طهران أمس (إ.ب.أ)
TT

بينما واصل المبعوث الدولي لسوريا الأخضر الإبراهيمي أمس زيارته إلى طهران ملتقيا بالرئيس الإيراني حسن روحاني، وجدت المعارضة السورية، السياسية منها والعسكرية، في إصرار الإبراهيمي، على مشاركة إيران في مؤتمر «جنيف2» للسلام في سوريا، المزمع عقده في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، دليلا واضحا على عدم جدية المجتمع الدولي في إيجاد حل سياسي في سوريا وبالتالي إعاقة انعقاد المؤتمر. وكررت موقفها الرافض الجلوس على طاولة المفاوضات إلى جانب إيران التي تعدها «شريكا أساسيا للنظام في قتل الشعب السوري».

وأعلن روحاني الذي استقبل الإبراهيمي أمس أن طرد «المجموعات الإرهابية» من البلاد يشكل أول خطوة نحو عودة الهدوء وفق ما أفادت وكالة «إيرنا» الإيرانية الرسمية.

وقال روحاني إن «جمهورية إيران الإسلامية ترى أن مواصلة المساعدة الإنسانية، ومنع الإرهابيين من دخول سوريا، وتدمير الأسلحة الكيماوية، وطرد المجموعات الإرهابية، من بين الخطوات الأولى لإرساء سلام دائم في هذا البلد». وأضاف أن إيران «مستعدة للمساعدة على أي جهد لإعادة الاستقرار في سوريا سواء في (جنيف2)، أو أي جهد آخر». غير أنه شدد على أن «مستقبل سوريا تحدده أصوات السوريين عبر انتخابات حرة تشارك فيها كل الأطراف».

وكان الإبراهيمي، الذي من المتوقع أن يصل اليوم إلى دمشق، عد لدى وصوله إلى العاصمة الإيرانية السبت في إطار جولة إقليمية للحشد لعقد مؤتمر «جنيف2» مشاركة إيران أمرا «طبيعيا وضروريا».

وقال مصدر حكومي سوري لوكالة الصحافة الفرنسية إن «الإبراهيمي يبدأ غدا، (اليوم) زيارة لدمشق للبحث في انعقاد مؤتمر (جنيف2)»، مشيرا إلى أن الزيارة قد تستمر يومين يعقد خلالهما لقاءات مع المسؤولين السوريين للتوصل إلى حل للأزمة السورية بمشاركة ممثلين عن النظام والمعارضة.

وأثار إصرار الإبراهيمي على إشراك إيران في المؤتمر استفزاز المعارضة السورية، وعد مصدر في الائتلاف السوري المعارض، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» المبعوث الدولي «ليس وسيطا محايدا؛ بل كل ما يقوم به في الملف السوري ينطلق من رغبة إقليمية ودولية، لا سيما بعد التقارب الإيراني - الأميركي، لمكافأة إيران على دورها الإيجابي في تسليم النظام السوري سلاحه الكيماوي».

مع العلم بأن موقف الإبراهيمي الذي أعلنه من إيران، والذي يبدو أنه شكل «صدمة» للمعارضة السورية، أتى قبل أيام من اجتماع الهيئة العامة للائتلاف الوطني، الذي كان قد أرجئ للمرة الثانية إلى التاسع من نوفمبر المقبل، للإعلان عن الموقف النهائي بشأن المشاركة في «جنيف2» أو عدمها، وذلك، على أثر الضغوط التي أعلنت المعارضة أنها تتعرض لها من المجتمع الدولي لا سيما من أميركا للقبول بالمشاركة في المؤتمر، وبعدما كان المجلس الوطني السوري (أكبر تشكيلات ائتلاف المعارضة) أعلن رفضه المشاركة فيه، مهددا بالانسحاب من الائتلاف إذا اتخذ موقفا عكس ذلك.

ويشترط الائتلاف للمشاركة في مؤتمر «جنيف» إيجاد ممرات إنسانية للمناطق التي يحاصرها النظام في سوريا وإطلاق المعتقلين في سجون النظام قبل بدء التفاوض، على أن يرتكز البحث على انتقال السلطة بكل مكوناتها وأجهزتها ومؤسساتها، وألا يكون للأسد أي دور في المرحلة الانتقالية.

ورأى هشام مروة، عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني والائتلاف المعارض، أن ما أعلنه الإبراهيمي يدل «وكأنه لا يريد مشاركة المعارضة السورية في (جنيف2)»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «قد تكون هناك أمور لا نعرفها وراء هذا التصرف، لا سيما أنه من المفترض في أي عملية تفاوض أن ينطلق الوسيط مما يجمع الطرفين وليس بإضافة عناصر (إيران) من شأنها أن تزيد التوتر، خصوصا إذا كانت هذه العناصر أحد الشروط الأساسية لدى طرف معين». وقال إنه «يبدو ألا رغبة دولية وإقليمية في التوصل إلى حل سياسي لإنهاء الأزمة السورية».

وفي قراءة سياسية للمستجدات الأخيرة، لا سيما تلك المتعلقة بجولة الإبراهيمي ومواقفه، رأى مروة، أن نفي المبعوث الدولي تحديد موعد لـ«جنيف2» بعد إعلان أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي موعد 23 نوفمبر المقبل، في المؤتمر الصحافي الذي جمعهما الأسبوع الماضي، «يدل على قناعة الإبراهيمي بعدم الفائدة من تحديد الموعد ورغبة منه في تأجيل المؤتمر، وها هو أتى الآن ليشدد على ضرورة مشاركة إيران، وهو الأمر (عدم مشاركة إيران) الذي نضعه شرطا أساسيا، إضافة إلى شروط أخرى لحضور (جنيف2)»، مضيفا «أصبحنا نقول اليوم، ليس فقط الرئيس السوري بشار الفاسد وحلفاؤه لا يرغبون في التوصل إلى حل؛ بل أيضا هناك جهات أخرى أصبحت تعمل وفق هذا التوجه».

من جهته، استبعد الناطق الرسمي باسم الائتلاف الوطني السوري لؤي صافي الموافقة على الجلوس مع إيران على طاولة المفاوضات في «جنيف2»، معللا ذلك «بعدم وجودها في (جنيف1)، وأنها جزء من المشكلة وليس من الحل». وردا على تصريحات الإبراهيمي التي عدّت وجود إيران على طاولة المفاوضات بجنيف «ضروريا وطبيعيا» قال صافي: «هو يتكلم ما يشاء ونحن نذهب بشروطنا». مضيفا: «نستغرب كلام الإبراهيمي، فهذه ليست المرة الأولى التي يصر بها على وجود إيران منذ تسلمه هذا الملف حتى الآن». وأشار صافي إلى أن «الائتلاف قدم للإبراهيمي عدة تصورات لنجاح المؤتمر، ولكن لم يأت أي قرار واضح تجاه هذه التصورات، ولم يستطع الإبراهيمي حتى الآن الحصول على ضمانات حقيقية من جانب الأسد كفيلة بإنجاح المؤتمر الدولي للسلام في سوريا».

كذلك، لم يكن موقف المعارضة العسكرية تجاه ما قاله الإبراهيمي، مختلفا؛ إذ رفض «المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر» الجلوس على طاولة التفاوض مع من «تلطخت أيديهم بدماء السوريين» وقال في بيان له: «فليذهب (جنيف2) إلى الجحيم في حال لم يأخذ المجتمع الدولي موقفا حاسما تجاه المجازر المروعة الممارسة في حق المدنيين». وعدّ الجيش الحر صيغة «جنيف2» تفتقر إلى كل ما يوحي بإمكانية التوصل إلى نتيجة ملموسة، مشددا على ضرورة وضع جدول زمني ومحدد لكل مراحل التفاوض، مع إدراج بنود ملزمة للطرفين للتطبيق تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وعدم السماح بتقسيم سوريا.

وأصدر 11 فصيلا في المعارضة العسكرية، بيانا أمس، قالت فيه إن «جنيف2» لم ولن يكون خيار الشعب السوري ومطلب ثورته، وعدّ البيان المؤتمر «حلقة في سلسلة مؤامرات الالتفاف على ثورة الشعب في سوريا وإجهاضها». وأكد أن «أي حل لا ينهي وجود الأسد بكل أركانه ومرتكزاته العسكرية ومنظومته الأمنية ولا يقضي بمحاسبة كل من اشترك في ممارسة إرهاب الدولة سيكون حلا مرفوضا جملة وتفصيلا».

مع العلم، أن رئيس الائتلاف الوطني أحمد الجربا كان قد تطرق في كلمة ألقاها أمام اجتماع «أصدقاء سوريا» في لندن الأسبوع الماضي، بشكل واضح إلى مشاركة إيران في «جنيف2» رافضا القبول بإيران وسيطا على طاولة التفاوض، إضافة إلى من سماهم «مرتزقتها من ميليشيا حزب الله وكتائب أبو الفضل العباس والحرس الثوري» عادّا إياهم «من أهم الدعائم العسكرية والسياسية لقوات بشار الأسد في قتل السوريين».