تفجير إرهابي يستهدف مقهى في بنغازي.. وقرار حكومي للسيطرة على الأمن في أجدابيا

ليبيا: حركة جديدة تدعو إلى مظاهرات حاشدة لإسقاط المؤتمر الوطني وحكومة زيدان

ليبي ينظر إلى الدمار الذي لحق بكافيتريا في مدينة بنغازي بسبب تفجير عبوة ناسفة أمس (رويترز)
TT

بدا أمس أن الوضع السياسي في ليبيا يتجه إلى مرحلة جديدة، حيث تعتزم مجموعة من الشباب شكلت مؤخرا ما يسمى بحركة 9 نوفمبر، وتضم مختلف التيارات السياسية، تنظيم مظاهرات حاشدة الأسبوع المقبل في مختلف المدن الليبية اعتراضا على مساعي المؤتمر الوطني (البرلمان) لتمديد ولايته التي ستنتهي قانونا في شهر فبراير (شباط) من العام المقبل.

كما تطالب الحركة بإقالة الحكومة الانتقالية التي يترأسها على زيدان منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتعيين حكومة جديدة برئاسة شخصية محايدة لا تنتمي لأي من الأحزاب والتيارات الموجودة الآن على الساحة السياسية.

ولاحظ فراس بوسلوم، الناطق باسم الحركة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف أن المدة القانونية للمؤتمر الوطني الذي يعتبر أعلى هيئة سياسية في البلاد ستنتهي في فبراير من العام المقبل، لافتا إلى أن هناك توجهات لسبب أو لآخر لتمديد فترة عمل المؤتمر إلى عام 2015.

وقال فراس: «أغلبية الشعب الليبي رافض للتمديد شكلا وموضوعا، ونحن مجموعة من الشباب ننتمي إلى تيارات ليبرالية وإسلامية وفيدرالية تجمعنا لهدف واحد لصالح ليبيا وهو رفض التمديد، ولسنا محسوبين على أحد»، وأضاف: «نطالب ونطرح مبادرة بانتخاب مؤتمر وطني عام جديد بالتزامن مع انتخاب لجنة الستين التي ستقوم بوضع الدستور المقبل للبلاد». وظهرت في السابق عدة حركات وتنظيمات مماثلة تبنت نفس المطالب لكن عدم قدرتها على الحشد الجماهيري أظهر انقساما واضحا في الشارع الليبي حول مستقبل المؤتمر الوطني والحكومة.

لكن فراس قال لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا اتصالات مباشرة مع الجميع ونسعى لحشد جماهيري مميز ومختلف، ينبغي أن يخرج الشعب لمساندة هذه الدعوة».

وشن فراس هجوما لاذعا ضد المؤتمر الوطني والحكومة الانتقالية، معتبرا أن أداء أعضاء المؤتمر والحكومة سيء للغاية في هذه الفترة ولا يرتقي للمرحلة التي تمر بها ليبيا الآن». وتابع: «لهذا نحن نريد رؤية مؤتمر جديد وتشكيل حكومة جديدة برئاسة شخصية وطنية مستقلة لا تنتمي إلى أي حزب وذات كفاءة عالية». وبينما قلل مسؤولون في المؤتمر الوطني والحكومة من أهمية الحراك الشعبي الذي تعتزم هذه الحركة تنظيمه في التاسع من الشهر الحالي، قال الناطق باسمها لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نأمل في استجابة الناس ولدينا تواصل مع مختلف المناطق ونركز على الشباب ونعول عليه في مختلف المدن والتركيز سيكون على العاصمة طرابلس»، وأضاف: «نرتب لمظاهرة شعبية حاشدة من الرابعة عصرا إلى العاشرة مساء بالتوقيت المحلي ولن يكون هناك اعتصام، وسنعطي مهلة للمسؤولين للاستجابة لمطالبنا وإلا اتجهنا لخطوات تصعيدية أخرى». في المقابل قال مسؤول في الحكومة الانتقالية برئاسة علي زيدان لـ«الشرق الأوسط» إن البعض يستغل بعض الإشكاليات التي تواجه عمل الحكومة أو الانقسامات السياسية التي يمر بها المؤتمر الوطني من أجل القفز على الشرعية ومؤسساتها».

وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه هاتفيا لـ«الشرق الأوسط» من العاصمة طرابلس: «نحن نتفهم استياء الرأي العام، لكن الأمر لا ينبغي أن يصل إلى حد المطالبة بإسقاط المؤتمر الوطني والحكومة الانتقالية، ليبيا ستدخل مرحلة خطيرة من الفوضى إذا حدث هذا». وكشف المسؤول النقاب عن اتجاه داخل المؤتمر للتوصل إلى صيغة توافقية بين مختلف الأحزاب والكتل السياسية من أجل تجاوز الوضع السياسي الراهن، وتفادي حدوث أي هزات قد لا تحمد عقباها، على حد تعبيره.. لكن أعضاء في المؤتمر الوطني قالوا مع ذلك لـ«الشرق الأوسط» إنهم يساندون مطالب حركة 9 نوفمبر، وإن بعضهم قد يشارك فيها الأسبوع المقبل.

وترفع الحركة الجديدة شعار «حراك ينطلق ليحيا الوطن»، فيما اقترب عدد أعضاء صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» إلى نحو 25 ألف مشترك. وتقول الحركة في تعريفها: «حراك 9 نوفمبر هو حراك شعبي، يهدف إلى إنقاذ الوطن من الصراع الدائر بين الأطياف التي غاب عنها مبدأ الوفاق والصالح العام.. حراك ينطلق من الأزقة والحواري الليبية العتيقة، ليرجع إلى الثورة جذوتها ويضعها على الطريق الصحيح مجددا»، وأضافت: «حراك يضم كل وطني غيور، ولا تحركه مصلحة ولا منصب ولا فكر إلا مصلحة الوطن بكل ألوانه وأطيافه».

ويعتبر المؤتمر الوطني المكون أساسا من 200 عضو أعلى وأرفع مؤسسة سياسية ودستورية في ليبيا عقب الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي، إثر الثورة الشعبية التي دعمها حلف شمال الأطلنطي (الناتو) في شهر فبراير من عام 2011. وجرى طرد عشرات الأعضاء بعد تمرير قانون للعزل السياسي يمنع أي مسؤول ارتبط في السابق بعلاقات مع نظام القذافي من تولى أي مناصب رسمية أو حكومية في الدولة الليبية.

وتعانى حكومة زيدان المكونة من نحو 29 حقيبة وزارية من ضعف واضح في إعادة فرض هيبة الدولة وتحقيق الأمن والاستقرار، حيث تم خطف زيدان نفسه لمدة سبع ساعات تحت تهديد السلاح مؤخرا في العاصمة طرابلس من قبل ميلشيات مسلحة ما زالت بمنأى عن العقاب.

من جهة أخرى، اقتحم مسلحون مقرات الحكومة والمؤتمر في العاصمة طرابلس كما تصاعدت عمليات الاغتيال والتفجيرات التي طالت مؤسسات رسمية وشخصيات أمنية وعسكرية خاصة في مدينة بنغازي بشرق ليبيا والتي تعتبر معقل الثوار ضد النظام السابق. وفى أحدث عمل إرهابي، تم أمس استهداف مقهى بمنطقة الحدائق بمدينة بنغازي بواسطة عبوة ناسفة أسفرت عن إلحاق خسائر مادية جسيمة دمرت الواجهة الأمامية للمقهى والأثاث والمعدات الموجودة به.

ونقلت وكالة الأنباء المحلية عن العقيد عبد الله الزايدي، الناطق الرسمي باسم الغرفة الأمنية المشتركة بالمدينة أن التفجير تم بواسطة عبوة محلية الصنع، فيما قال مالك المقهى إن التفجير لم يسفر عن أية أضرار بشرية، لافتا إلى أنه ليس له عداوات مع أحد ولم يتلق أي تهديد من أي شخص كان. من جهة أخرى، تم أمس الإعلان عن تكليف العقيد خليفة مصطفي رئيسا لغرفة العمليات الأمنية المشتركة بأجدابيا، التي قررت الحكومة الليبية الشهر الماضي إنشاءها للحفاظ على الأمن بمنطقة أجدابيا والمناطق المحيطة بها. وقالت الحكومة في قرار لها أمس إنها كلفت الغرفة بمهمة السيطرة الأمنية الكاملة على مدينة أجدابيا وضواحيها، وفتح نقاط التمركز الأمني لفرض الأمن والمجاهرة به، ومكافحة الهجرة غير الشرعية والتهريب الجمركي وتجارة المخدرات.