انتخاب خان ساجنا زعيما جديدا لطالبان باكستان

إسلام آباد تعلن حالة التأهب القصوى تحسبا لهجمات انتقامية

خان ساجنا
TT

انتخب المجلس التنفيذي المركزي لطالبان باكستان خان سعيد ساجنا قائدا أعلى جديدا لحركة طالبان في المناطق القبلية. لم ينل زعيم طالبان الجديد أي قسط من التعليم، لكنه متمرس في القتال ولعب دورا رئيسا في تنفيذ هجمات متنوعة على المنشآت العسكرية والمدنيين.

انتخب ساجنا، البالغ من العمر 36 عاما، بأغلبية أصوات اللجنة التنفيذية المركزية، التي عقدت في مكان مجهول في المناطق القبلية الباكستانية. وقالت المصادر إن 43 من بين 60 عضوا في اللجنة صوتوا لصالح ساجنا، فيما صوت 17 ضده.

وكان مجلس شورى طالبان قد بدأ جلسته في وقت مبكر من صباح أمس لاختيار زعيم جديد خلفا لحكيم الله محسود الذي قتل في غارة لطائرة من دون طيار أول من أمس. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن قادة طالبان غيروا مقر عقد إقامة مجلس الشورى عدة مرات خلال اليوم خوفا من هجمات الطائرات من دون طيار «الدرون». وتشير المصادر إلى احتمالية ضلوع ساجنا في الهجوم على القاعدة البحرية في كراتشي، وينسب إليه البعض أنه العقل المدبر لاقتحام سجن شمال غربي مدينة بانو عام 2012، والذى أدى إلى هروب 400 عنصر من طالبان. وقال مسؤول في الشرطة «لم يتلق ساجنا تعليمه الأساسي أو التقليدي أو الديني، لكنه متمرس في القتال وكانت له خبرة في القتال في أفغانستان».

وينتمي ساجنا إلى مجموعة داخل حركة طالبان كانت تؤيد إجراء محادثات سلام مع الحكومة، وكان مقربا من الزعيم السابق ومؤسس حركة طالبان باكستان بيعة الله محسود، الذي قتل أيضا في غارة لطائرة من دون طيار عام 2009. وقد اختار مجلس من طالبان ساجنا زعيما جديدا خلال اجتماع في مكان لم يكشف عنه في المنطقة القبلية. والزعيم الجديد قاتل في صفوف حركة طالبان الأفغانية منذ أن كان عمره 18 عاما، وقد تم استدعاؤه من أفغانستان في وقت سابق من العام الحالي بعد مقتل نائب زعيم طالبان باكستان ليشغل مكانه. وينتمي سجنا إلى قبيلة محسود، ويقول مراقبون إنه يحظى بعلاقات قوية مع قيادة «القاعدة» وطالبان وقبائل شمال وزيرستان. وذكر أعضاء في الحركة في وقت سابق أن ساجنا شارك في التخطيط لهجوم عام 2011 على قاعدة بحرية باكستانية في كراتشي قبل عامين، قتل خلاله 18 شخصا، إلى جانب مشاركته في هروب جماعي من سجن عام 2012 فر خلاله نحو أربعمائة من عناصر الحركة.

وقتل محسود أول من أمس عشية بدء الحكومة وحركة طالبان محادثات السلام بعد عقد من الصراع. وحركة طالبان الباكستانية تأسست في ديسمبر (كانون الأول) 2007، إثر هجوم عسكري عنيف على المسجد الأحمر للمتطرفين في إسلام آباد. وهي تبايع رسميا الملا عمر قائد حركة طالبان التي حكمت كابل من 1996 وحتى 2001، لكن المجموعتين منفصلتان مع قيادتين مستقلتين. وقال وزير الإعلام برفيز رشيد إن الحكومة لن توقف جهودها الرامية إلى التوصل إلى اتفاق سلام مع المتشددين على الرغم من الهجوم. وأضاف رشيد «لقد زللنا جميع العقبات أمام فتح حوار مع حركة طالبان، وسنستمر في محاولة البناء على ذلك». ولم يعرف على الفور ما إذا كانت طالبان مهتمة أيضا بالشروع في عملية المصالحة أم لا.

من جهته، اتهم وزير الداخلية الباكستاني شودري نثار، أمس، الولايات المتحدة «بإحباط» الجهود الهادفة لفتح محادثات سلام مع طالبان عبر قتلها زعيم حركة طالبان الباكستانية محسود في غارة من طائرة من دون طيار. وقال إنه ستتم مراجعة «كل جانب» من تعاون باكستان مع واشنطن إثر الضربة الصاروخية التي أدت، الجمعة، إلى مقتل محسود في المنطقة القبلية شمال غربي باكستان.

إلى ذلك، قال أحد قادة المسلحين في بلدة ديرا إسماعيل خان، شمال غربي باكستان، إنه من المبكر للغاية القول ما إذا كانت الحركة المسلحة ستستجيب لمبادرات الحكومة أم لا. وقال محللون إن مستقبل طالبان الباكستانية ومحادثات السلام المقترحة يعتمدان على مدى نجاح الزعيم الجديد في الحفاظ على الحركة متحدة. وقال عرفان شهزاد، كبير الباحثين في معهد دراسات السياسة البحثي «إذا انقسمت الحركة إلى عدة مجموعات فلن يكون من السهل على الحكومة التعامل مع كل واحدة منهم». وأعلنت الحكومة الباكستانية حالة التأهب القصوى خلال الليل بعد مقتل حكيم الله محسود تحسبا لهجمات انتقامية. وأمرت بتعزيز الإجراءات الأمنية حول المطارات والمنشآت الرئيسة الأخرى. وتم نشر الجيش أمس في جميع المدن الرئيسة القريبة من المناطق القبلية بعدما حذرت وكالات الاستخبارات من أن طالبان ربما تشن هجمات للانتقام لمقتل زعيمهم. وقال مسؤول إن حكيم الله محسود دفن أمس.

وقتل محسود وأربعة متشددين آخرين عندما أطلقت طائرة من دون طيار أربعة صواريخ على مجمع في منطقة داندي داربا خيل بمنطقة وزيرستان الشمالية المضطربة قرب الحدود الأفغانية. وقال مسؤول أمني إن زعيم المتمردين الذي لقي حتفه ومساعديه دفنوا في أماكن متفرقة بالمنطقة القبلية، لكنه امتنع عن الكشف عنها تحديدا. وكان محسود (34 عاما) قد تزعم حركة طالبان باكستان المحظورة، وهي جماعة تضم أكثر من 12 فصيلا للمتمردين منذ عام2009، وخلف مؤسس الحركة بيعة الله محسود. وينحدر ساجنا من منطقة لاداه في منطقة وزيرستان الجنوبية القبلية بالقرب من الحدود الأفغانية.

من جهتها، نددت حركة طالبان الأفغانية أمس بمقتل زعيم طالبان الباكستانية حكيم الله محسود، معتبرة إياه «خسارة كبرى». وحثت إسلام آباد على منع أي ضربات جديدة من الطائرات الأميركية من دون طيار.

ومحسود الذي كانت الولايات المتحدة وضعت مكافأة بقيمة خمسة ملايين دولار لمن يعثر عليه قتل في ضربة من طائرة أميركية من دون طيار استهدفت سيارته في منطقة شمال وزيرستان القبلية قرب الحدود الأفغانية. وقالت طالبان الأفغانية في بيان إن «إمارة أفغانستان الإسلامية تدين بشدة هذا العمل الإرهابي الذي قامت به أميركا، وتصف استشهاد الملا حكيم الله محسود بأنه خسارة كبرى». وأضافت أن «أميركا لا يمكنها خلق فراغ أو تحقيق هدفها الشرير بقتل المجاهدين». وتابع البيان أن «الإمارة الإسلامية تدعو شعب وحكومة باكستان إلى بذل المزيد من الجهود أكثر من أي وقت مضى لمنع مثل هذه الهجمات الوحشية من قبل الغزاة الأميركيين».