تقدم ميداني ملحوظ للمقاتلين الأكراد على حساب «داعش» و«النصرة»

سيطروا خلال أيام على 24 قرية.. والنظام وتركيا لا يعترضانهم

سوريون في مدينة رأس العين يستقبلون المقاتلين الأكراد بعد طردهم مسلحي «داعش» و«النصرة» من المنطقة (رويترز)
TT

أحرزت وحدات «حماية الشعب الكردي» تقدما ميدانيا ملحوظا شمال شرقي سوريا مؤخرا على حساب التنظيمات الإسلامية المتطرفة كـ«داعش» وجبهة «النصرة»، إذ تمكنت من السيطرة على 24 قرية ونقطة عسكرية. وفي حين يؤكد قياديون أكراد أن «الهدف من التقدم الميداني حماية الشعب الكردي من الخطر الأصولي»، يوضح ناشطون متابعون أن «هذا التقدم يرمي إلى قطع طرق إمداد الكتائب الإسلامية على الحدود مع تركيا، إضافة إلى محاولة ربط الحدود العراقية مع الساحل السوري عبر المناطق الكردية».

وتشير الخريطة الميدانية لتقدم وحدات «حماية الشعب الكردية» إلى إمكانية الانفتاح الجغرافي بين الدولتين العلوية الساحلية والكردية الشمالية، بحسب ما يؤكد الناشط الكردي ميرال بروردا لـ«الشرق الأوسط»، معتبرا أن «هذه العملية تحتاج إلى تأمين المناطق الحدودية مع تركيا كي تتوقف طرق إمداد السلاح عن المجموعات الإسلامية». ولفت بروردا إلى أن «تركيا لن تمانع وجود قوات كردية على حدودها فهي أفضل بكثير من القوى الإسلامية المتعصبة».

وتمتد سيطرة وحدات «حماية الشعب الكردي» من أقصى الشمال الشرقي لمنطقة الحدود السورية – العراقية باتجاه اليعربية والقحطانية والجوادية، مرورا بريف القامشلي الشمالي وصولا إلى عامودا والدرباسية وتل تمر، إضافة إلى سيطرتهم على غرب مدينة «تل أبيض» ومنطقتي «عين العرب» و«عفرين».

ويرجع بروردا سبب تقدم الأكراد وتمكنهم من طرد المقاتلين الإسلاميين إلى «الحاضنة الشعبية التي تؤيدهم في مختلف مناطق الحسكة والقامشلي، إضافة إلى تشتت التنظيمات الإسلامية بسبب قتالها على عدة جبهات، فهي تقاتل الجيش الحر والأكراد والنظام».

وتخوض قوات الحماية في هذه الأثناء معارك عنيفة في غرب مدينة رأس العين بهدف طرد الإسلاميين منها، في حين يؤكد الناطق الرسمي باسم وحدات حماية الشعب الكردي ريدور خليل لـ«الشرق الأوسط» أن المقاتلين الأكراد سيطروا خلال الأيام الماضية على أكثر من 24 قرية ونقطة عسكرية، وكان آخر هذه القرى تل حلف وأصفر نجار في ريف رأس العين في محافظة الحسكة السورية.

وأشار خليل إلى أن الاشتباكات مع مقاتلي جبهة «النصرة» و«الدولة الإسلامية في العراق والشام»، أسفرت عن مقتل العشرات من عناصر التنظيمين، والاستيلاء على كم هائل من الأسلحة والمعدات العسكرية.

ونفى الناطق الرسمي باسم وحدات حماية الشعب الكردي «وجود أي دعم لوجستي أو عسكري يقدم لوحدات حماية الشعب من قبل أطراف أخرى، محلية وخارجية»، موضحا أن «ما يقدم لتلك الوحدات يقتصر على الدعم المادي من خلال حملات تبرع ينظمها الأكراد في تركيا والعراق وإيران».

وكان رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي صالح المسلم أعلن أول من أمس: «قرب انتهاء تحرير كافة المناطق الكردية»، مشيرا إلى أن «الوحدات الكردية تسيطر بصورة كاملة على أكثر من 30 ألف كيلومتر مربع من المناطق الكردية بسوريا». وأكد، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية أن «النظام السوري لم يعترض طريقهم في تحريرهم لتلك المناطق لانشغاله بالدفاع عن العاصمة دمشق»، نافيا «حدوث أي اشتباكات أو حتى احتكاكات من الجانب التركي تجاه القوات الكردية عقب سيطرتها على المناطق الحدودية».

من ناحيته، أكد خليل أنه «ما من احتكاكات مع القوات النظامية لأنها انسحبت من مناطقنا منذ مدة، بسبب الضغط الشعبي الرافض لوجودها»، نافيا وجود أي تواصل أو تنسيق مع النظام السوري. وأشار إلى أن «الفرق الهندسية التابعة لوحدات حماية الشعب، تعكف حاليا على إزالة الألغام داخل مدينة اليعربية الحدودية، التي استعادت السيطرة عليها أخيرا، وتشكيل مجلس محلي لإدارة المدينة»، لافتا إلى أن «المجلس المحلي سيتولى إدارة كافة المؤسسات ومنها المعبر الحدودي، إضافة إلى تشجيع العائلات التي تركت المدينة على العودة إلى مساكنها».

وأكد أن «الاستقرار الأمني الذي تشهده المناطق الكردية الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردي، شجع عائلات عدة سبق وهربت إلى العراق وتركيا على العودة إلى مناطق سكنها»، لافتا إلى أن «إدارة هذه المناطق من مهام مجالس محلية تضم ممثلين عن كافة مكونات المنطقة من عرب وأكراد وآشوريين».

وبرغم أن وحدات «حماية الشعب الكردي» يقودها حزب الاتحاد الديمقراطي وهو الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني فإنها تضم مقاتلين أكراد من توجهات سياسية مختلفة. وتتوزع هذه الوحدات في مناطق مختلفة تساند بعضها البعض.