كيري يصف الاستيطان بأنه «غير شرعي» ويقدم 75 مليون دولار للسلطة الفلسطينية

الفلسطينيون والإسرائيليون يتبادلون الاتهامات بشأن عرقلة مفاوضات السلام

كيري يشكر بائعا أعطاه هدية خلال تجواله في مدينة بيت لحم أمس (أ.ف.ب)
TT

اتخذ وزير الخارجية الأميركي جون كيري، موقفا مساندا للفلسطينيين في الأزمة الأخيرة المشتعلة مع إسرائيل، بإعلانه أن الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية «غير شرعي».

وقال كيري بعد لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في بيت لحم أمس، «موقف الولايات المتحدة من الاستيطان واضح.. نحن نعتبر وطالما قلنا أن الاستيطان غير شرعي».

ولا يعتبر هذا الموقف جديدا، إذ كرره كيري قبل أشهر لكنه جاء في وقت حساس تشهد فيه المفاوضات بين الطرفين أزمة كبيرة بشأن الاستيطان تحديدا، إلى جانب قضايا أخرى.وأكثر ما أغضب الفلسطينيين أن إسرائيل تبث معلومات متكررة بأنهم وافقوا على الاستيطان الأخير في الضفة مقابل إطلاق سراح أسرى.

ووصل كيري إلى إسرائيل مساء أول من أمس في الوقت الذي كانت تنفض فيه جلسة جديدة لمفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين وسط خلافات عميقة بسبب الاستيطان. وشهدت الجلسة في نهايتها اتهامات وصراخا من قبل الوفد الفلسطيني الذي اعترض على «إيهام» العالم بموافقتهم على الاستيطان.

وهدد الفلسطينيون باتخاذ إجراءات أخرى إذا استمر الوضع على ما هو عليه.

لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي التقى كيري قبل أبو مازن اتهم الفلسطينيين باصطناع الأزمات.

وقال نتنياهو لكيري: «الأزمات التي يثيرها الفلسطينيون مصطنعة». وعبر لكيري عن «قلقه» إزاء مستقبل عملية السلام متهما الفلسطينيين بـ«التهرب من اتخاذ قرارات تاريخية».

وتمنى نتنياهو بأن تساعد زيارة كيري وجهوده في «نقل المفاوضات لمرحلة نستطيع من خلالها التوصل إلى سلام تاريخي».

ولأول مرة يعترف كيري بأن المفاوضات تمر في فترة «متوترة وصعبة»، إلا أنه أعرب عن قناعته بأنه «يمكن التغلب على الصعوبات إذا أبدى الطرفان حسن النية والاستعداد لاتخاذ قرارات صعبة».

وقال كيري إنه والرئيس الأميركي باراك أوباما «يؤمنان بقدرة الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني على تحقيق تقدم في المفاوضات خلال الأشهر الستة التي تبقت وفقا للجدول الزمني المقرر».

والتقى الفلسطينيون والإسرائيليون أكثر من 18 مرة منذ ثلاثة أشهر لكن دون تقدم.

ولم يوافق الإسرائيليون على طلبات واقتراحات الفلسطينيين الخاصة بالحدود والمستوطنات والقدس، وطرحوا مواقف مرفوضة فلسطينيا.

وقال نمر حماد، المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني، أمس، إن الرئيس عباس اقترح بأن تنسحب إسرائيل من القدس الشرقية كي تكون عاصمة لدولة فلسطين، وتبقى الغربية عاصمة لإسرائيل، على أن يشكل مجلس بلدي للقدس الشرقية وآخر للغربية، ومجلس أعلى يرأسهما (إدارة بلدية مشتركة).

وأضاف للإذاعة الرسمية: «لكن الإسرائيليين لا يريدون الدخول في الجوهر».

وتابع: «في حال لم يحصل أي تقدم في المفاوضات ولم يجر التوصل إلى حل فإن الجانب الفلسطيني سيعيد القضية إلى الأمم المتحدة».

وحاول كيري أمس تلطيف الأجواء الغاضبة في بيت لحم بتقديم دعم مالي للسلطة.

وأعلن كيري وهو يتفقد شوارع أعيد تعبيدها قرب كنيسة المهد الشهيرة، أن واشنطن ستقدم مساعدات إضافية بمبلغ خمسة وسبعين مليون دولار للسلطة الفلسطينية، ستستخدم لتحسين البنية التحتية وتوفير فرص عمل جديدة.

وقال كيري من على منصة بسيطة وسط ساحة مفتوحة أمام الكنيسة: «السلام ضروري وعادل وممكن، وبالطبع هناك أوقات تتقدم فيها الجهود وأوقات تتراجع ولكن التزامنا بالسلام لن يتوقف والرئيس أوباما والولايات المتحدة مستمران من أجل تحقيق السلام، ونحن متأكدون من أنه رغم الصعوبات فإن كلا من رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو والرئيس محمود عباس عازمان على تحقيق السلام». وأضاف: «الكل ملتزم بتحقيق السلام، والازدهار الاقتصادي سيكون نتيجة مثمرة للسلام». وتابع: «همنا ليس من سيقرر طبيعة الحدود على الخارطة، همنا معرفة مدى إمكانية رسم الشعبين مستقبل أفضل لأنفسهم ولأطفالهم. رأيت ما يحلم به الأطفال، رأيت الشباب هنا يتطلعون لاستثمارات وابتكارات في البنية التحتية، وإنني أحمل رسالة سلام إلى هذه المدينة ويسرني القول إنني أحضر الأموال معي».

وأردف: «سنعمل على إيجاد طرق لإطلاق إمكانيات القطاع الخاص، وسنستمر في العمل بشراكة وثيقة مع السلطة الوطنية والقطاع الخاص».

لكن الفلسطينيين يربطون بين التقدم الاقتصادي والسياسي، ويقولون إن الحل السياسي هو مفتاح التقدم الاقتصادي، وليس العكس.

ومن جهتها عدت حركة حماس، زيارة كيري للأراضي الفلسطينية بـ«غير المرحب بها». وقالت: «إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس غير مفوض فلسطينيا بإجراء مفاوضات مع إسرائيل».

وقال الناطق باسم حماس، سامي أبو زهري في تصريح تلقت «الشرق الأوسط» نسخة عنه إن «زيارة كيري غير مرحب بها وهي توفر غطاء للاحتلال للاستمرار في جرائمه». وأضاف: «على كيري أن يعلم أن المفاوضات الحالية لا تمثل الشعب الفلسطيني وأن محمود عباس غير مفوض فلسطينيا بإجراء أي مفاوضات أو التوصل إلى نتائج وأن أي نتائج يتم التوصل إليها لا تلزم شعبنا ولا يمكن السماح بتمريرها».