الفصائل المسلحة في حلب تدعو إلى نفير عام بعد التقدم اللافت لقوات النظام

اشتباكات عنيفة في محيط دمشق.. والغرب يرفض «قائمة مشتريات» الأسد لنقل مواد كيماوية

TT

وسط استمرار تقدم القوات الحكومية السورية في مدينة حلب (شمال البلاد)، دعت فصائل مسلحة إلى النفير العام في مدينة حلب لصد هجوم القوات النظامية والقوات الداعمة. وبينما استمرت المواجهات المسلحة جنوب العاصمة السورية، كشف دبلوماسيون عن أن القوى الغربية سترفض طلب النظام السوري إمداده بمعدات نقل عسكرية لشحن المواد الخاصة بالأسلحة الكيماوية إلى خارج البلاد، على أساس أن الشاحنات المصفحة وغيرها من العتاد المطلوب يمكن استخدامها في قتال الفصائل المعارضة.

وأصدر عدد من الفصائل المعارضة المقاتلة على جبهة اللواء 80 (المسؤول عن تأمين مطار حلب الدولي) بيانا دعوا فيه إلى «النفير العام»، وتوجهوا بدعوتهم إلى «كافة الفصائل والتشكيلات العسكرية الموجودة» في مدينة حلب وريف المحافظة.

وأعطت الفصائل الموقعة مهلة قدرها 24 ساعة من وقت صدور بيانها لـ«الالتحاق بغرفة العمليات»، وهددت بمحاسبة المتخلفين عن المشاركة في المعارك الدائرة في حلب وسحب سلاحهم، بالإضافة إلى تسليمهم لـ«القضاء الشرعي».

ووقع على البيان كل من «جبهة النصرة» وحركة «أحرار الشام» الإسلامية، بالإضافة إلى «لواء التوحيد» و«كتائب نور الدين زنكي» الإسلامية التابعين للجيش السوري الحر.

وأعلنت فصائل مسلحة إغلاق معبر بستان القصر أمام المشاة والبضائع وبشكل نهائي اعتبارا من اليوم (الأربعاء)، وذلك «لأسباب أمنية».

ويعد معبر بستان القصر، شريان حياة لسكان حلب الذين يستخدمونه للعبور من الجانب الذي يسيطر عليه الثوار إلى المنطقة التي تسيطر عليها الحكومة.

وفي المقابل، أغار الطيران الحربي السوري فجر أمس على محيط مطار كويرس العسكري بريف حلب، الذي تحاصره الكتائب المقاتلة منذ أشهر، ولم ترد معلومات عن سقوط ضحايا، كما تعرض مطار النيرب العسكري لقصف مدفعي وصاروخي.

ووردت تقارير عن مقتل أكثر من 172 شخصا، من بينهم 127 من القوات النظامية والكتائب المقاتلة و13 طفلا أمس، معظمهم في المعارك الدائرة بحلب.

وجاء ذلك بينما استمرت المعارك في محيط دمشق، وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن اشتباكات عنيفة دارت منذ صباح أمس في محيط بلدة حجيرة وأطراف منطقة السيدة زينب بين القوات النظامية مدعمة بمقاتلي حزب الله اللبناني، ومقاتلي «لواء أبو الفضل العباس العراقي».

في حين سقطت قذيفتا هاون أمام مبنى المصرف المركزي وسط العاصمة.

وقال ناشطون في تصريحات صحافية، إن قذيفتي هاون سقطتا في «محيط البنك المركزي بساحة السبع بحرات» وسط دمشق، مما أدى إلى إصابة 12 شخصا بجروح.

وفي حي برزة الدمشقي، ذكر ناشطون أن «الجيش الحر» يخوض معارك عنيفة على عدة محاور مع القوات الحكومية التي عمدت إلى استهداف الحي بقصف مدفعي «عنيف».

وأظهر تسجيل مصور بثه التلفزيون السوري، مساء أول من أمس، انفجارات ضخمة في برزة ثم تصاعد أعمدة الدخان لتلف أجزاء كثيرة من المدينة.

ويقول التلفزيون السوري إن الانفجارات نفذها مسلحون فارون من المنطقة في أعقاب هجوم حكومي. وأظهرت اللقطات أنفاقا، تقول الحكومة إن المسلحين يستخدمونها، كما أظهرت القوات الحكومية وهي تطلق نيران أسلحتها وتبحث في الأنفاق والمباني المحيطة خلال الهجوم، الذي يقول السرد المصاحب للصور إنه يستهدف تحرير برزة والمناطق المحيطة بها.

وفي غضون ذلك، قالت وكالة الأنباء السورية (سانا) إن الجيش تمكن في أحياء عدة من مدينة حمص من تدمير «أوكار وتجمعات للإرهابيين»، في إشارة إلى مسلحي المعارضة.

ونقلت الوكالة عن مصدر عسكري قوله، إن القوات الحكومية «صادرت أسلحة وذخيرة متنوعة وأجهزة اتصال وعبوات ناسفة.. خلال ملاحقتها فلول المجموعات الإرهابية المسلحة» في ريف حماه.

وفي سياق آخر، قال دبلوماسيون إن القوى الغربية سترفض طلب سوريا إمدادها بمعدات نقل عسكرية لشحن المواد الخاصة بالأسلحة الكيماوية إلى خارج البلاد، على أساس أن الشاحنات المصفحة وغيرها من العتاد المطلوب يمكن استخدامها في قتال المعارضين.

وقدمت حكومة الرئيس السوري بشار الأسد ما وصفها مبعوثان من حكومتين غربيتين بأنها «قائمة مشتريات طويلة» لتجهيز وتأمين القوافل البرية المتجهة من دمشق إلى الساحل عبر مناطق الصراع.

لكن المبعوثين قالا إن الوكالة التي تشرف على نزع الأسلحة الكيماوية السورية سترفض هذا الطلب، على أساس أن معظم هذه المعدات يمكن أن تعزز جيش الأسد في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا.

وقال دبلوماسي، تستطيع حكومته عرقلة أي قرار للمجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية التي تتخذ من لاهاي مقرا لها: «لا مجال لإمداد النظام بمعدات يمكن أن يستخدمها الجيش في قتل المزيد من السوريين الأبرياء». وأضاف: «هذا لن يحدث»، حسب وكالة «رويترز».

وذكر دبلوماسيون أن سوريا طلبت من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية يوم 21 أكتوبر (تشرين الأول) عشرات المركبات المدرعة والمولدات والمطابخ الميدانية، إلى جانب بعض المعدات الأخرى التي قالت إنها تحتاجها لنقل 1300 طن من المواد الكيماوية إلى ميناء اللاذقية المطل على البحر المتوسط لتنفيذ اتفاق توسطت فيه الأمم المتحدة للتخلص من أسلحتها الكيماوية.

وطلبت سوريا أيضا وسائل اتصال جديدة تربط بين دمشق والمدن الساحلية، قائلة إنها ستساعد على تأمين الطريق لعشرات الحاويات المطلوبة.

ويبسط الأسد سيطرته على دمشق والمعقل الساحلي لأقليته العلوية، ولكن مقاتلي المعارضة يهددون الطرق التي تربط بينهما. وقال دبلوماسي من قوة غربية أخرى عن الطلب السوري: «لن يحصلوا عليه منا، ولا أعتقد أن الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي اللذين فرضا عقوبات (على سوريا) سيفعلان ذلك أيضا».

ولم يتسن الحصول على تعقيب من متحدث باسم وزارة الخارجية السورية، كما لم يتضح ما إذا كان الرفض الغربي للطلب السوري سيؤدي إلى وقف عملية نزع السلاح الكيماوي.

وتعتقد القوى الغربية التي قدمت تمويلا للعملية أن سوريا يمكنها نقل المواد الكيماوية دون معدات إضافية قد يكون لها استخدامات عسكرية واضحة رغم مخاطر العنف التي تهدد الطرق. وذكر دبلوماسي أن الحكومات الغربية قد تدرس قائمة معدلة لمعدات مثل الشاحنات المسطحة وقد تصر أيضا على إخراج هذه الإمدادات من سوريا مع الشحنات الكيماوية وحرمان قوات الأسد منها.