الائتلاف الوطني ينفي علاقته بكتب مدرسية تحمل صور معاذ الخطيب

المناطق المحررة تعتمد المنهج الليبي في اللغات والعلوم.. والسوري في التاريخ والجغرافيا

أحد المقاتلين السوريين يدرس أطفالا في منطقة سيف الدولة شمال حلب أمس (أ ف ب)
TT

أوضحت الهيئة الوطنية للتربية والتعليم في «الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة» قضية الكتب المدرسية التي رصدت في عدد من مدارس المناطق المحررة في سوريا، منبهة بأن شكلها ومضمونها يخالف بعض الشروط الأساسية الواجب توفرها في المواد التدريسية.

وأشارت الهيئة في بيان لها أمس، إلى انتشار كتب في المدارس التي تعنى بتدريس التلاميذ السوريين في المناطق المحررة بسوريا ودول الجوار المباشر لها، من دون عرضها على اللجنة المختصة بتدقيق المناهج العلمية في الهيئة الوطنية للتربية. وهذا ما لفت إليه، عمر إدلبي، ممثل تجمع أنصار الثورة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، مؤكدا أن هذه الكتب رصدت في منطقتين هما دير الزور والرقة، لكن بأعداد قليلة وسحبت من مدرسة واحدة.

ورأت الهيئة أن «صور بعض أعضاء الائتلاف الوطني السوري على أغلفة وصفحات هذه الكتب، إضافة لاقتباسات تؤخذ عن ألسنة شخصيات سياسية لها احترامها ومكانتها، تعبر عن خطأ كبير في الفهم الحقيقي للثورة السورية من قبل القائمين على إعداد هذه الكتب، لما تمثله من اختزال للثورة السورية بمؤسسة معينة كـ«الائتلاف» وأشخاص معروفين «مثل رؤساء الائتلاف ورؤساء المجلس الوطني» من ناحية، ولأن ممارسة الأدلجة على الأطفال أمر لا يكون إلا في ظل الأنظمة الشمولية وعهود الاستبداد التي يرفضها الشعب السوري من ناحية أخرى.

وكانت الكتب التي وجدت في بعض المدارس، تتضمن في صفحاتها الأولى صورة لرئيس الائتلاف الوطني السابق أحمد معاذ الخطيب وخطابه الذي ألقاه في مؤتمر الدوحة في مارس (آذار) الماضي، الأمر الذي اعتبره إدلبي بأنه لا يختلف عن سياسة التمجيد المتبعة من قبل النظام، المخالف تماما لمبادئ الثورة وأهدافها.

وأوضح أدلبي أن «المنهج الدراسي المتبع في المناطق المحررة يرتكز بشكل أساسي على المنهج التعليمي الذي أقره المجلس الوطني الانتقالي الليبي، ولا سيما فيما يتعلق باللغات والمواد العلمية، في حين يعتمد البرنامج السوري الأساسي في مادتي التاريخ والجغرافيا، وذلك، بعد إجراء تعديلات عليه وحذف معلومات وفقرات، تمجد الحزب الواحد وتزور التاريخ».

ولفت في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» إلى أن كتب التاريخ السورية، لا تأتي على ذكر أي رئيس سوري باستثناء الرئيسين حافظ وبشار الأسد، وهو الأمر الذي عدل في الكتب التي تدرس اليوم في المدارس التي تشرف عليها جهات معارضة، من بينها «تجمع أنصار الثورة» الذي يدير نحو 160 مدرسة، في مناطق حمص وحماه وإدلب والحسكة والرقة وحلب وريف اللاذقية، وأخيرا افتتح بعض المدارس في الغوطة. ورأى إدلبي أنه أضيف إلى «كتاب التاريخ المعتمد في هذه المدارس ملحق صغير يلقي الضوء، وإن باختصار على تاريخ سوريا، منذ العصر العثماني وصولا إلى الاستقلال وكيف انتقلت السلطة إلى حزب البعث».

وفي حين ألقى إدلبي بعض اللوم على الائتلاف، عادا أنه «يولي خلافاته والقضايا السياسية أهمية أكبر من تلك التي يوليها لمثل هذه القضايا الإنسانية والتربوية»، أشار إلى «تنسيق بدأ منذ فترة قصيرة بين المجموعات التي تشرف على هذه المدارس، عبر الائتلاف الوطني، لكن بوتيرة بطيئة».

وفي خطوة منها لحل هذه القضية، أرسلت الهيئة الوطنية للتربية والتعليم العالي في الائتلاف برقيات إلى المؤسسات الخاصة التي أعدت وطبعت ونشرت هذه الكتب، معربة فيها عن رفضها لما جاء في مضمون وشكل تلك المناهج، ونبهت إلى ضرورة تدارك الأخطاء التي وقعت فيها المؤسسات الخاصة بعدم الرجوع إلى الهيئة قبل إعداد وطباعة وإصدار هذه الكتب، وفق ما جاء في البيان، الصادر عن الهيئة.

وأشارت إلى أنها «تسعى بالتعاون مع وزارة التعليم، المزمع الإعلان عنها في الحكومة السورية المؤقتة ومؤسسات خاصة أخرى، لتبني مناهج علمية دقيقة توفر للطلاب السوريين تحصيلا معرفيا راقيا، وتتابع عملها الدؤوب لفتح القنوات المناسبة مع المدارس والجامعات العالمية للمساعدة في استقبال الطلاب السوريين وتقديم المشورة العلمية للكوادر التدريسية، بما يسهم في بناء مستقبل مشرق لأبنائنا الطلاب في المراحل الدراسية كافة».

وكانت الهيئة أعلنت، في بداية العام الدراسي الحالي، أي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عن إصدار وتوزيع 4 ملايين نسخة من الكتب في المناطق «المحررة» داخل سوريا وعلى اللاجئين في تركيا.

وقال عبد الرحمن كوارة، المدير التنفيذي في «الهيئة السورية للتربية» التي أعدت المناهج الجديدة، إن الكتب المنقحة حملت ختما يقول: «جرى التعديل بالتنسيق مع الائتلاف» لتجنب دخول طرف ثالث على الخط قد يدخل تعديلات جديدة إليها، موضحا أنه جرى «تصحيح المسار التعليمي»، من خلال حذف كل ما له علاقة بالنظام السوري وحزب البعث والرئيسين بشار وحافظ الأسد، لافتا إلى أن «التغيرات طالت كل ما له علاقة ببناء شخصية التلميذ السوري الذي تشرب سابقا عقلية الحزب الواحد والشخص الواحد».

والتعديل طال كذلك، بحسب كوارة، بعض المعلومات المتعلقة بالعلاقات مع دول الجوار، على سبيل المثال، تلك التي تتحدث عن فترة الحكم العثماني على أنها مرحلة احتلال، في حين أكدنا في مناهجنا أنها ليست إلا فترة امتداد للحضارة الإسلامية.