حكومة طعمة تزاول أعمالها من غازي عنتاب التركية.. والأكراد يعلنون حكما ذاتيا

ثلاث وزارات ما زالت شاغرة.. وضغوط وراء ذهاب «الائتلاف» إلى «جنيف 2»

TT

يتجه وزراء الحكومة السورية المؤقتة، التي شكلت، أول من أمس، إثر اجتماع «الائتلاف الوطني المعارض» في إسطنبول، الذي اختتم الاثنين، لممارسة مهامهم في مقر خاص في مدينة غازي عنتاب التركية. ويتركز عمل هؤلاء الوزراء في المرحلة المقبلة، على تأمين الخدمات في المناطق المحررة وتقديم المساعدات الإغاثية للنازحين، إضافة إلى ضبط الأمن وتنظيم عمل المعابر الحدودية. وجاء ذلك بينما أعلن الأكراد عن تشكيل مجلس حكم انتقالي ذاتي لإدارة مناطقهم شمال سوريا.

وبينما يتواصل تقدم الأكراد ميدانيا على حساب الجماعات الإسلامية المسلحة، أعلن بيان نشر على موقع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري أمس أن اجتماعا عقد في القامشلي «ضم جميع مكونات المنطقة من الكرد والعرب والمسيحيين والشيشان (انتهى بالإعلان) عن تشكيل الإدارة المدنية الانتقالية لمناطق غرب كردستان - سوريا».

وحسب البيان فإن اجتماعا كان عقد قبل يومين بين هذه المكونات لمناقشة مشروع الإدارة المدنية الانتقالية الذي تقدم به حزب الاتحاد الديمقراطي أسفر عن تشكيل المجلس العام التأسيسي الذي يتألف من 82 عضوا من مكونات المنطقة من كرد وعرب ومسيحيين وشيشان.

وجاء في الإعلان أنه جرى تقسيم المنطقة إلى ثلاث مناطق هي الجزيرة وكوباني وعفرين، وأن كل منطقة ستشكل مجلسها الخاص بها وسيكون لكل منطقة أعضاء في المجلس العام تمثلها. وأضاف أن مهمة الإدارة المرحلية هي إعداد قوانين الانتخابات المحلية والتحضير للانتخابات العامة وإقرار القوانين بالإضافة إلى القضايا السياسية العسكرية الأمنية والاقتصادية التي تعيشها المنطقة وسوريا.

وجاء ذلك بعد انتخاب أعضاء أول تشكيلة حكومية للمعارضة السورية برئاسة أحمد طعمة، خلال اجتماعاتهم في إسطنبول، لكن أعضاء «الائتلاف السوري المعارض» تعثروا في استكمال عملية الانتخاب لتشمل وزراء الصحة والداخلية والتعليم، حيث لم يفز المرشحون لهذه المناصب.

ويؤكد عضو «الائتلاف الوطني المعارض» أحمد رمضان لـ«الشرق الأوسط» أن «انتخاب المقاعد الشاغرة في الحكومة سيجري في أول اجتماع تحدده الهيئة العامة للائتلاف»، مشيرا إلى أن «رئيس الحكومة أسند هذه الوزارات بالإنابة إلى وزراء في الحكومة بشكل مؤقت، وحرصا على سير العمل وعدم تعطيله».

ويوضح رمضان أن «الحكومة ستبدأ بممارسة مهامها خلال اليومين المقبلين في مقر خاص قرب الحدود السورية - التركية».

وانتخب الائتلاف المعارض، أحمد طعمة، في سبتمبر (أيلول) الماضي، لرئاسة الحكومة «المؤقتة»، وإدارة مناطق تسيطر عليها المعارضة، بعد أن تنازل سلفه غسان هيتو عن تشكيل الحكومة، في حين تعارض أطياف أخرى تشكيل هذا الكيان من الأساس.

ونفى رمضان أن «تكون المناطق المحررة تعيش حالة فوضى، مما يحول من دون إتمام الوزارات عملها»، مؤكدا أن «الحكومة ستستكمل إنجاز ما تراكم حتى اليوم من قبل المجالس المحلية والهيئات التنظيمية الأخرى».

وحاولت المعارضة السورية في عميلة انتخاب الحكومة المؤقتة مراعاة الحساسيات الطائفية والإثنية في المجتمع السوري، إذ انتخب وزيرا كرديا وآخر مسيحيا، إضافة إلى انتخاب امرأة وزيرة للمرأة والثقافة، من دون أن ينتخب أي وزير يتحدر من الطائفة العلوية، التي ينتمي إليها الرئيس السوري بشار الأسد.

وبعد التصويت على المناصب الوزارية في حكومة طعمة، احتفل أعضاء الائتلاف بتشبيك أيديهم، وبدت على بعضهم فرحة عارمة. وقال طعمة بعد إعلان النتائج إن «هذا يوم تاريخي بالنسبة لسوريا». وفي هذا السياق، أشار رمضان في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «انتخاب الوزراء جاء على أساس الخبرة والكفاءة، وليس على قاعدة التمثيل الطائفي والإثني». وتأتي تصريحات رمضان بعد انتقادات وجهت إلى طريقة تشكيل الحكومة الانتقالية من قبل الكتلة السريانية الأشورية في الائتلاف الوطني المعارض، معتبرة أنه «جرى تجاهلها عند تشكيل هذه الحكومة».

وشملت التشكيلة الحكومية التي انتخبت بعد اجتماع «الائتلاف» كلا من أحمد طعمة رئيس الحكومة ومكلف بوزارة الصحة، وإياد القدسي نائب رئيس الوزراء ومكلف بالنيابة بوزارة التعليم، وأسعد مصطفى وزير الدفاع ومكلف بالنيابة بوزارة الداخلية، إبراهيم ميرو وزير المالية والاقتصاد، ومحمد ياسين النجار وزير الاتصالات والصناعة، وعثمان بديوي وزير الإدارة المحلية، وفايز الضاهر وزير العدل، وإلياس وردة وزير الطاقة والثروة الحيوانية، ووليد الزعبي وزير البنية التحتية والزراعة، وتغريد الحجلي، وزير الثقافة والأسرة.

وبحسب قرار صادر عن «الائتلاف المعارض»، فإن على أعضاء الحكومة المنتخبة أن يقدموا شرحا عن ممتلكاتهم وثرواتهم إلى «الائتلاف» تطبيقا لمبدأ الإشهار المالي، فور منحهم الثقة، وقبل قبول استقالتهم، على أن يقدم هذا الإشهار إلى اللجنة القانونية في الائتلاف. وتعتبر هذه الحكومة بحكم المستقيلة بحسب قرار صادر عن الائتلاف، فور انتهاء عمل «الائتلاف» أو تأسيس جمعية تأسيسية منتخبة، بعد سقوط النظام السوري. وفي غضون ذلك، كشف مسؤول في المعارضة شارك في تسمية وزراء الحكومة أن الولايات المتحدة «تعارض الحكومة المؤقتة، لأنها تعتقد أنها ستقوض محادثات جنيف».

ونقلت وكالة «رويترز» عن المسؤول أن «الإحساس في داخل الائتلاف هو أنه، حتى إذا انعقدت محادثات جنيف، فإنها ستكون عملية طويلة ولا يمكننا الاستمرار في ترك المناطق المحررة فريسة للفوضى في الوقت الحالي».

ووافق الائتلاف السوري، أول من أمس، على حضور محادثات السلام «جنيف 2»، التي تسعى واشنطن وموسكو إلى إجرائها، لكنها قالت إن الرئيس السوري بشار الأسد لا يمكن أن يكون له دور في مستقبل سوريا.

وقال مسؤول الائتلاف إن «انتقال الحكومة المؤقتة إلى داخل سوريا على الفور سيكون صعبا، بسبب مخاطر تعرضها للهجوم من قوات الأسد، أو من المتشددين المرتبطين بتنظيم القاعدة». وأضاف أن «الحكومة ستعمل على الأرجح من مدينة غازي عنتاب الحدودية التركية إلى الشمال من مدينة حلب».

وقال أعضاء في المعارضة إنه في سبتمبر (أيلول) عين الائتلاف بقيادة الجربا إسلاميا معتدلا هو أحمد طعمة في منصب رئيس الوزراء، على الرغم من أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري اتصل بالجربا، وطلب منه عدم تشكيل حكومة.

وأضاف الأعضاء أنه ليس من المرجح أن تحظى الحكومة الجديدة بالاعتراف الدولي، لكنها قد تحصل على أموال من دول صديقة، ومن المانحين الأجانب الذين يتطلعون إلى توصيل المساعدات الإنسانية بشكل أفضل. وقالوا إن بعض الدول الغربية مستعدة لاستخدام الحكومة كوسيلة لنقل المساعدات، دون الاعتراف بها رسميا.

وفي غضون ذلك، تحدثت صحيفة «نيويورك تايمز» عن ضغوط تعرض لها الائتلاف السوري لحثه على التصويت للذهاب إلى «جنيف 2». ونقلت عن الناشط السوري جميل سالو قوله إنه إذا رفض الائتلاف إلى جنيف، فإنه سيضفي شرعية على النظام. ونقل الناشط عن روبرت فورد السفير الأميركي الخاص لدى سوريا، على هامش اجتماعات إسطنبول، قوله إن عدم ذهاب الائتلاف إلى جنيف، يعني إما قبول استمرار حكومة دمشق الحالية في السلطة أطول مما ينبغي، أو قبول صعود الجماعات الإسلامية المتطرفة التي أرهبت السكان، واشتبكت مع الفصائل المسلحة الأخرى وقوضت الدعم الغربي. أي أن الائتلاف أمام خيار، إما الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، أو النظام.

وقال هاشم مروة عضو الائتلاف إن الأخير، كحل وسط، سيجلس خلال اجتماعات جنيف مع أطراف في الحكومة السورية ومعارضين من خارج الائتلاف، في إشارة إلى شخصيات تدعمها روسيا، مثل قدري جميل نائب رئيس الوزراء السوري المقال.

وفي سياق متصل، رحب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في بيان، أمس، بقرار الائتلاف الانضمام إلى محادثات «جنيف 2»، ووصفه بأنه «خطوة كبيرة تجاه حل سياسي».

وبدوره، قال جون ويلكس المبعوث البريطاني لدى المعارضة السورية إن تشكيل الحكومة «خطوة مهمة»، وبريطانيا مستعدة لمساعدتها في توصيل الخدمات والمساعدات داخل سوريا.