بن حلي: نأمل في قمة الكويت إقامة شراكة عربية ـ أفريقية حقيقية

نائب الأمين العام للجامعة العربية يتوقع لـ «الشرق الأوسط» أن يعيد الاتحاد الأفريقي النظر في موقفه من مصر

TT

قال نائب الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير أحمد بن حلي إن القمة العربية - الأفريقية في الكويت تحظى باهتمام غير مسبوق من كل القادة العرب والأفارقة، وتركز على التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وإيجاد آليات تنفيذ ومتابعة، وقال في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» إن أحداث المنطقة والثورات التي حدثت عرقلت كثيرا من تنفيذ قرارات التعاون العربي الأفريقي، وإن الوقت قد حان لاستئنافها من جديد، وأشاد بمكانة مصر لدى العرب والأفارقة، وقال إن مشاركتها مهمة، ودورها مطلوب وبقوة، كما تحدث عن أهمية دعم القضية الفلسطينية في كل المحافل، ورغبة الرئيس الفلسطيني في عقد اجتماع للجنة المتابعة على المستوى الوزاري، وأفاد بأن الأمر لم يُحسم بعد في انتظار تحديد الموعد، نظرا لأن جدول الأعمال منصبّ على القضايا الاقتصادية والتنموية للتعاون العربي الأفريقي، ووصف ما يحدث في سوريا بالكارثة، وقال إنها غير مطروحة في القمة، ولها إطارها الذي تبحث فيه، مؤكدا على اجتماع سيعقد يوم 25 الشهر الحالي، بين روسيا الاتحادية والولايات المتحدة والأمم المتحدة والأخضر الإبراهيمي، للاتفاق على عقد مؤتمر «جنيف 2». وفيما يلي نص الحوار:

* هل ستؤسس القمة العربية الأفريقية الثالثة لعلاقة جديدة بين العرب والأفارقة؟

- هذه القمة ذات طابع خاص، لأنها تركز على قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والاستفادة من البعد الثقافي والتاريخي والجغرافي لبناء علاقة تعاون عربية - أفريقية بشكل متدرج، نأمل أن تصل إلى إقامة شراكة حقيقية، لأن كل المقومات لدى الجانبين متوفرة؛ أفريقيا قارة واعدة وتملك من القدرات والموارد ما لم يُستغل بعد، كذلك الجانب الآخر يمتلك كفاءات اقتصادية وبشرية وإمكانيات تكنولوجية، ولديها أيضا التمويل الكافي، وكل هذا إذا اجتمع يشكل قوة هائلة للطرفين, إضافة إلى دور الصناديق السيادية لبعض الدول، حيث يمكن أن تكون إحدى الآليات والعناصر الأساسية لإنجاز هذه المشاريع.

* ألا ترى أن هناك عوائق تعطل الإنجاز المطلوب، خاصة وجود إهمال وعدم اهتمام من الجانب الأفريقي، وكذلك عدم التعارف وشح المعلومات عن الفرص المتاحة للتعاون، وأيضا سيطرة الدول الغربية على موارد الخام والمعادن الثمينة؟

- هذا كله يرجع إلى مرحلة اللاتعاون على المستوى الجماعي، التي امتدت من قمة 1977 حتى قمة أكتوبر (تشرين الأول) 2010، لكن على المستوى الثنائي، كان هناك نشاط عربي - أفريقي تمثل في دعم دول الخليج من خلال الصناديق العربية، وكان هناك شيء من المعوقات؛ سواء فيما يتعلق بحجم التجارة والاستثمارات, أو في النقل المباشر بين العالم العربي وأفريقيا، سواء البرى أو البحري أو الجوي, وعدم معرفة كل طرف بقوانين تنظم وتيرة العمل الاقتصادي, وركزنا في الماضي على التنسيق السياسي وإدارة الأزمات، خاصة أن عددا منها كان في الدول العربية والأفريقية، وتركنا الجانب التنموي والاقتصادي، وحتى الجوانب الفكرية والثقافية والاجتماعية، والآن وبعد قمة سرت حدث، وعلى مدار ثلاث سنوات، ظروف التحولات والتغييرات في العالم العربي، التي عطلت حجم التعاون، واليوم يمكن لقمة الكويت استعادة زخم التعاون المؤجل، خاصة خطة التنمية التي جرى إقرارها، وهو نحو أربعة أهداف أساسية، هي المجال السياسي والأمني, والاقتصاد والتجارة والمالية, والزراعة والأمن الغذائي, والمجال الاجتماعي والثقافي، وكان المقدر لهذه الخطة مدى زمني هو 2011 و2016، وبالتالي سنعمل على إعادة هذه الخطة لحيز التنفيذ وفق جدول زمني، كما سنعمل على تحديد آليات التمويل، والآن في قمة الكويت يجري النظر في هذا الشأن، وهو وضع آلية لمتابعة التمويل.

* هل سيجري استحداث صندوق جديد لتمويل المشاريع المشتركة؟

- نهدف إلى استحداث لجنة كي تتابع مع الصناديق ومع المؤسسات المالية، للبحث عن كيفية التمويل وطرح المشاريع, والأمر الآخر المهم الأمن الغذائي، فإن له الأولوية، وقد اجتمع وزراء الزراعة والأمن الغذائي في شرم الشيخ، وآخر اجتماع لهم كان في الرياض خلال شهر أكتوبر العام الحالي، واستطاعوا وضع ملامح خطة عملية، منها إنشاء لجنة لتسيير مشاريع عربية - أفريقية في أراضٍ أفريقية على المستوى الجماعي, كما تهتم قمة الكويت بالقطاع الخاص ورجال الأعمال، ووضعتهم في المقدمة للتعامل مع هذه القضايا من منطلق الربح والإنتاجية، وبالتالي فليس هناك مشاريع هلامية أو سياسية, وكان انعقاد المنتدى العربي الأفريقي، الذي خرج بعدد من التوصيات المهمة، التي تطرح على القمة لدعمها, وأعتقد أن أجواء المنتدى الاقتصادي كانت فرصة للتعارف وعقد الصفقات بين رجال الأعمال، وكلها تعظم فرص التجارة ما بين القارة الأفريقية والدول العربية، كما نسعى من الآن وصاعد لدعم مشاريع الربط الكهربائي وربط الطرق السريعة وبين الموانئ.

* هل يمكن الربط من خلال دول شمال أفريقيا وأيضا الجزائر؟

- على ذكر الجزائر، هناك طريق الجزائر لاغوس، وتصوري أن هذا الطريق يمر على مناطق ودول، وغير ذلك من المشاريع التي ينظر إليها بشكل جدي، وأرى أن القمة الرابعة المقبلة سوف تضيف الكثير أيضا إلى قمة الكويت.

* ماذا عن سيطرة بعض الدول الغربية على النفط والماس والذهب والخامات المهمة في أفريقيا؟

- هذا ليس عائقا.. لماذا؟ نذكر أنه في خطة سرت 2011 كان من بين العناصر أنه يمكن إشراك أطراف أخرى في المشاريع المتعددة، وحتى هؤلاء، مثل الصين واليابان والدول الأوروبية، يهمها أن يكون الطرف العربي حاضرا، لأنه يعرف جيدا المنطقة، وبحكم الثقافة والتقارب بين العالمين العربي والأفريقي، الذي يسهل التعاون.

* ماذا عن الملف الأمني والسياسي؟ وما الذي يمكن تنفيذه عربيا وأفريقيا خلال هذه الفترة؟

- حتى هذه اللحظة، كل التحضيرات التي جرت تركز على الملف الاقتصادي والاجتماعي والتنموي، لكن هناك تقريرا مشتركا يقدمه الأمين العام لجامعة الدول العربية ومفوضية الاتحاد الأفريقي يتناول كل المحاور الأساسية، التي يمكن التعامل معها في مجال القضايا السياسية والأمن والتعاون؛ سواء مكافحة الإرهاب والجرائم المنظمة، أما طرح مواضيع أخرى، فسوف يتضمن القضية الفلسطينية بالدرجة الأولى، وربما يطرح القادة العرب والأفارقة، وأيضا وزراء الخارجية، مواضيع أخرى، لكن القضايا السياسية والأمنية حتى الآن محصورة في تقريري الأمين العام ورئيس المفوضية, أما بقية القرارات والوثائق فهي تركز على الجانب التنموي الاقتصادي والتنموي.

* هل ستشارك كل من روسيا والصين؟

- دائما يدعى في مثل هذه المؤتمرات بعض الرؤساء، مثل روسيا، بحكم أنها ترأس مجموعة العشرين.

* ماذا عن مشاركة مصر وتجميد الاتحاد الأفريقي لنشاطها، ما الموقف؟

- لم يطرح موضوع مصر للمناقشة، وهي عضو مؤسس في المنظمة الأفريقية ودولة مقر الجامعة، والكل يدرك دورها، وهي حاضرة، ولم يثر أي إشكالية بالنسبة لحضور مصر. أما الاتحاد الأفريقي من منطلق تنظيماته وقراره الذي اتخذه، وهو إجرائي بالنسبة لتجميد الأنشطة، وليس العضوية، أعتقد أن هناك تطورا في الأحداث سوف يفرض على الاتحاد الأفريقي إعادة النظر في موقفها، وهذا يعود للاتحاد والتصور أن الموقف مع مصر مجرد وقت وسوف ينتهي, والأمور تسير بشكل جيد على مستوى التعاون العربي الأفريقي حقيقي.

* ألا ترى أنه بوجود 66 دولة على مستوى القمة فإن هناك أهمية لإصدار قرار يدعو لوقف الاقتتال في سوريا حتى يخفف من تعقيدات الحل؟

- الموضوع السوري يعالج في إطار آخر، وهو الأمم المتحدة، والجامعة، والتوافق الأميركي - الروسي، والمبعوث المشترك يبذل جهوده، وسيكون هناك يوم 25 الشهر الحالي اجتماع يجمع بين روسيا الاتحادية والولايات المتحدة والأمم المتحدة لمواصلة المناقشات حول تنظيم مؤتمر «جنيف 2» وموعده.

* هل حان الوقت لحسم قضية انعقاد مؤتمر «جنيف 2»؟

- الجهود تبذل والاتصالات مكثفة ومتواصلة والجامعة تواصل متابعة هذه الجهود ونبذل جهود كبيرة، وتنسيق كامل لإنهاء هذه الأزمة التي تعد كارثة بكل المقاييس لأنها كلما طالت تزيد تعقيدا، ولذا أملنا أن نجد انفراجة خاصة، إذا استطاع اللاعبون الإقليميون، وفي المقدمة السوريون، أن يستجيبوا ويحسموا أمرهم لإيجاد حل سياسي لإنهاء هذا الكابوس الذي طال.

* الرئيس الفلسطيني محمود عباس طلب من الأمين العام للجامعة عقد لجنة مبادرة السلام العربية على مستوى وزاري على هامش الاجتماعات في الكويت، هل سيعقد هذا الاجتماع؟

- المشاورات مستمرة، ويهمنا أن تكون الأضواء والاهتمام دائما، وبالفعل هناك طلب فلسطيني لعقد هذا الاجتماع، والجامعة العربية تبحث هذا الأمر في الكويت، أو بعد القمة مباشرة في أي مكان آخر.

* بالنسبة لمجلسي الأمن والسلم العربي والأفريقي متى نرى منظومة أمنية تعمل لدعم الاستقرار في الفضاء العربي والأفريقي؟

- انعقد اجتماع في أديس أبابا مؤخرا بين المجلسين، واتفق على النظر على إمكانية عقد اجتماع آخر بعد القمة، وهناك بعض التواريخ مستهدفة، لكن لم تحدد بعد. والأمر الثاني أن الاتحاد الأفريقي قطع شوطا في هيكلة المجلس، وإعطاء اختصاصات قوية لمجلس السلم والأمن. أما المجلس العربي، فما زال في طور محدود، لهذا هو من بين القضايا المطروحة في تطوير الجامعة العربية، وبالذات في مسألة توسيع أعضائه واختصاصاته وإيجاد مواءمة ما بين دوره لمجلس للسلم والأمن ودور وزراء الخارجية، وهذا سوف يحسم بشكل نهائي خلال اجتماع قمة مارس في الكويت أيضا، وقد يكتفي باجتماعات لوزراء الخارجية العرب تبحث فقط في موضوع الأمن والسلم، إذا لم نتوصل لحسم هيكلة مجلس الأمن والسلم العربي.