هولاند يدعو عباس إلى تأجيل مسألة عودة اللاجئين.. ويندد بالاستيطان

الرئيس الفرنسي يدعو لجعل القدس عاصمة لدولتين.. ونتنياهو يطالب أبو مازن بزيارة «الكنيست»

الرئيسان الفرنسي فرنسوا هولاند والفلسطيني محمود عباس في مؤتمر صحافي مشترك في رام الله أمس (رويترز)
TT

أكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند على «عمق الصداقة» بين بلاده وإسرائيل. وقال هولاند في كلمته التي ألقاها أمس في الكنيست الإسرائيلي بالقدس: «لقد صنع التاريخ رباطا بيننا قويا لا يتزعزع».

كما أشار الرئيس الفرنسي إلى أن علاقات بلاده بالدولة العبرية شهدت اهتزازات ولكن العلاقات بين البلدين لم تكن أبدا في خطر.

وذكر الرئيس الفرنسي بالضحايا اليهود الأربعة الذين قتلوا في هجوم استهدف مدرسة يهودية في مدينة تولوز عام 2012 وقال إن فرنسا ستظل تكافح «العداء للسامية» بكل حزم.. وتأتي تصريحات أولاند في مستهل زيارة تستمر ثلاثة أيام للشرق الأوسط.

ودعا هولاند إلى تقاسم القدس لتكون عاصمة للدولتين الإسرائيلية والفلسطينية. وقال هولاند: «موقف فرنسا معروف. تسوية عن طريق التفاوض تتيح لدولتي إسرائيل وفلسطين التعايش بسلام وأمن، مع القدس عاصمة للدولتين». وأضاف في خطاب ألقاه بحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: «يجب أن يتوقف الاستيطان لأنه يقوض حل الدولتين».

ودعا هولاند أيضا الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي التقاه قبل ذلك في رام الله في الضفة الغربية إلى مزيد من «الجهود» والتحلي بـ«الواقعية في جميع المواضيع».

من جانبه دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى زيارة البرلمان الإسرائيلي «للاعتراف بالرابط بين الشعب اليهودي وأرض إسرائيل».

وقال نتنياهو أمام الكنيست الإسرائيلي بحضور الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند: «أدعوه (عباس) من هنا إلى كسر الجمود».

وأضاف نتنياهو مخاطبا عباس: «تعال إلى الكنيست الإسرائيلي وسآتي أنا إلى رام الله. اصعد على هذه المنصة واعترف بالحقيقة التاريخية: لدى اليهود رابط عمره نحو أربعة آلاف عام مع أرض إسرائيل».

وطالب نتنياهو مرارا الفلسطينيين «بالاعتراف بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي» الأمر الذي يرفضه المسؤولون الفلسطينيون بشكل قاطع لأنهم يعتبرونه بمثابة تنازل عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

وكان الرئيس الفرنسي دعا نظيره الفلسطيني محمود عباس إلى تأجيل بحث قضية عودة اللاجئين الفلسطينيين خلال مفاوضات السلام مع إسرائيل، وتقديم حلول واقعية في هذا الملف، الذي هيمن إلى جانب ملف الاستيطان على مباحثات الرجلين في رام الله أمس.

وقال هولاند في مؤتمر صحافي مشترك مع عباس «ينبغي أن يحدد الفلسطينيون موقفهم حول موضوع حق العودة. هذا الموضوع إلى جانب قضية المستوطنات، كان جزءا من النقاش مع الرئيس عباس». وأضاف «يجب دائما تقديم المبادرات. والمبادرة المطلوبة من الجانب الفلسطيني هي تأجيل بحث مسألة اللاجئين. وتحدثنا مع الرئيس عباس بهذا الموضوع، كما تحدثنا عن ضرورة إيجاد حل واقعي لهذه القضية. حل واقعي تحكمه معايير وأفكار ليس لنا أن نكون طرفا فيها». وأردف «أما المبادرات المطلوبة من إسرائيل فهي وقف الاستيطان فورا».

ورد أبو مازن بقوله إنه يجب حل القضية وفق ما اقترحته مبادرة السلام العربية. وقال «يجب حل مشكلة خمسة ملايين لاجئ فلسطيني من أجل التوصل إلى إنهاء الصراع. ونحن ملتزمون بما اقترحته مبادرة السلام العربية، التي أصبحت قرارا في مجلس الأمن، يحمل الرقم 1515، وتقول بصراحة إن المطلوب حل عادل ومتفق عليه لمشكلة اللاجئين». وأضاف «نحن نقول تعالوا لنجلس على الطاولة ونبحث الحل الذي يمكن أن نتفق عليه وبالتالي نوقع معاهدة السلام».

ويشكل موضوع اللاجئين أحد أكثر الملفات المعقدة على طاولة البحث. ويقول الإسرائيليون إن على الفلسطينيين أن يتنازلوا عن مطلب حق العودة، وإن بإمكانهم إعادة اللاجئين إلى دولتهم في الضفة الغربية. بينما يطالب الفلسطينيون بحل يتضمن إعادة عشرات آلاف منهم إلى القرى التي هجروا منها في إسرائيل على دفعات سنوية، على أن تستوعب الدولة الفلسطينية البقية الباقية بحسب قدراتها الاستيعابية.

وفي المباحثات السابقة فشل الطرفان في التوصل إلى اتفاق حل وسط. ووصل هولاند رام الله قادما من إسرائيل التي التقى فيها برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس شيمعون بيريس، وبحث معهما مفاوضات السلام والمباحثات الخاصة بالنووي الإيراني.

واستهل هولاند زيارته إلى رام الله بوضع إكليل من الزهور على ضريح الرئيس الراحل ياسر عرفات، ثم التقى بعباس، قبل أن ينطلق عائدا إلى إسرائيل التي يغادرها اليوم إلى فرنسا. وقال هولاند «إن أمن إسرائيل لن يتحقق إلا بإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة». وطالب إسرائيل بوقف الاستيطان «الذي يقوض مفاوضات السلام»، مؤكدا رفض فرنسا للاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.

وأكد هولاند أن بلاده ملتزمة بالحق الفلسطيني المتمثل في إقامة دولة ذات سيادة، وبالحق الإسرائيلي المتمثل في الأمن، مضيفا أن «هذين الحقين لا يعطل أحدهما الآخر، بل إن كلا منهما ضمانة للآخر». وتابع هولاند «نحن نقول إن الحل هو الوصول إلى السلام بقيام دولتين لشعبين تعيشان جنبا إلى جنب بسلام، وأن تكون القدس عاصمة للدولتين، وأن تكون الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، مع إمكانية تبادل أراض، وإيجاد آلية دولية للتعويض، وهذا ما يجب الذهاب فيه إلى النهاية في طريق السلام».

ومن جانبه، قال أبو مازن «إن السلام العادل وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، هي الضمان الأكيد للأمن والاستقرار الذي سينعكس على المنطقة كلها». وعد عباس النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية وممارسة المستوطنين العدوانية واستمرار احتجاز الأسرى الفلسطينيين، بأنها يشكل أكبر تهديد قد يقوض عملية السلام.

وتحدث عباس عن إمكانية عقد مؤتمر ثان للاقتصاد على غرار مؤتمر باريس، الذي انعقد في 2007، مشيدا بالدعم الاقتصادي الفرنسي للحكومة والقطاعات المختلفة من خلال الدعم المباشر للموازنة أو عبر الوكالة الفرنسية للتنمية في قطاعات التعليم والصحة والدعم الفني. وقال «الشراكات بيننا وبينهم (الفرنسيين) في غاية الأهمية لدورها في تمكين التعاون والصداقة بين شعبينا، ونعول على جهود فرنسا لإنجاح مؤتمر (دنكرك) الذي سيعقد نهاية الشهر الحالي».

وتعهد هولاند باستمرار تقديم الدعم لفلسطين، وطالب الشركات الفرنسية بضخ استثمارات في الأراضي الفلسطينية. وقال «فلسطين تعيش في تنمية، والمؤسسات الدولية تقر ذلك، صحيح أن هناك عجزا في الميزانية، ولكن فلسطين ليست وحدها تعاني العجز، والكلمة الأساس هي الثقة، وأن يحصل تقارب، لأن الاقتصاد أداة قوية لتحقيق السلام». وأضاف «زيارتي الأخيرة إلى هنا كانت منذ 8 سنوات، وأنا أرى الفارق من خلال المباني والشوارع والبنى التحتية وعمل الشركات التي استقرت هنا».

ووقعت فرنسا مع فلسطين خمس اتفاقيات بحضور عباس وهولاند، شملت التعاون في مجالات الطاقة في فلسطين والحكم المحلي وإنشاء مدارس والنقل والتخطيط. ونصت الاتفاقية الأولى على تحويل الدفعة الثانية من مساعدة للميزانية بقيمة 10 ملايين يورو، فيما نصت الاتفاقية الثانية على تمويل مزدوج للمرحلة الثانية من مشروع كفاءة الطاقة بقيمة 3 ملايين يورو. ونصت الثالثة على دعم فرنسي إداري في مجال الحكم المحلي الذي يرمي إلى إنشاء دعم فني لصالح الوزارة. أما الاتفاقية الرابعة فبحثت إنشاء مدرسة فرنسية في مدينة رام الله تديرها البعثة العلمانية الفرنسية بتعاون ومشاركة بلدية رام الله. ونصت الاتفاقية الخامسة على تعزيز العلاقات بين وزارات النقل، وتشجيع مشاركة فرنسا في مشاريع النقل الفلسطينية.