إيران تتمسك بإدراج حق التخصيب في أي وثيقة اتفاق

لافروف يتوجه إلى جنيف.. ودبلوماسيون يتحدثون عن نقاط خلافية في المفاوضات مع طهران

المسؤولة عن السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، ووزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، أثناء المفاوضات حول الملف النووي الايراني بجنيف أمس (رويترز)
TT

دخلت المفاوضات بين القوى الست الكبرى وإيران حول ملفها النووي يومها الثالث من المباحثات الصعبة في جنيف أمس بينما أعلن في موسكو أن وزير الخارجية الروسي سيرغي سيشارك في المفاوضات حول الملف النووي الإيراني بين الدول الكبرى وإيران وفق وكالة إنترفاكس التي نقلت تصريحا ناطقا باسم الخارجية الروسية.

وأعلن الناطق لصحافيين في سان بطرسبورغ أن «سيرغي لافروف يتوجه إلى جنيف للمشاركة في المناقشات حول الملف النووي الإيراني».

وقال: «من الممكن في هذه المناسبة أن يجتمع أيضا مع وسيط الأمم المتحدة والجامعة العربية لسوريا الأخضر الإبراهيمي».

وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أعلن في وقت سابق أمس أن المحادثات بين إيران ومجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) التي تجري في جلسات مغلقة في جنيف منذ الأربعاء أحرزت تقدما «طفيفا» ولا تزال هناك «نقاط خلاف».

لكن ظريف أكد في المقابل أن وزراء خارجية كل الأطراف المخولين لوحدهم توقيع اتفاق، يمكن أن يصلوا قريبا إلى جنيف. وتتناول المفاوضات نصا تم الاتفاق عليه في التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) في جولة سابقة من المحادثات في جنيف انتهت بلا اتفاق.

وقال ظريف بعد لقاء استمر ساعة ونصف الساعة مع وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون «ما زال علينا العمل حول نقاط خلاف». وقال ظريف بأن «برنامج إيران لتخصيب اليورانيوم سيبقى جزءا أساسيا في كل مفاوضات أو حل».

من جهته، صرح مجيد تخت روانشي أن «وجهات النظر تقاربت» في هذا الاجتماع «الإيجابي مع أنه قصير»، بينما تحدث الرجل الثاني في الوفد عباس عراقجي عن «تقدم ضئيل» رغم «الإرادة الجدية» للطرفين، وفقا لمصادر عليمة من أصعب نقاط الخلاف بين الجانبين تمسك إيران ليس فقط بحقها في تخصيب اليورانيوم بل إصرارها أن يضمن ذلك صراحة في نص وثيقة يمكن أن توقع عليها مع مفاوضيها من دول مجموعة 5+1 (الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن زائد ألمانيا) وهو يعتبر واحدا من نقاط الاختلاف التي أخرت الوصول وترى إيران أن اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية تعطيها الحق كاملا في تخصيب ما تشاء من يورانيوم بمختلف النسب طالما كانت تحتاجه لاستخدامات سلمية كالعلاج والطاقة لمزيد من الصناعات المدنية وطالما ظل ما تقوم به من عمليات تخصيب يتم تحت إشراف ورقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وتقول إيران إن الدول الكبرى التي تتعامل بمعايير مزدوجة لا ترغب في تأكيد حق إيران في التخصيب حتى لا تفتح المجال أمام الدول النامية الطامحة في تقنية نووية.

من جهة ثالثة تسبب الاختلاف حول مفاعل أراك لأبحاث الماء الثقيل الذي يمكن أن ينتج البلوتونيوم المنضب في تأخير المفاوضات كعقبة من العقبات الأساسية إذ أصرت فرنسا منذ جولة جنيف الثانية على ضرورة التزام إيراني بعدم إكمال تشييد مفاعل أراك الذي لم يكتمل بناؤه وما تزال فرنسا متمسكة بذلك المطلب رغم ما توصلت إليه إيران والوكالة من اتفاق أخير بتاريخ 11 نوفمبر الحالي بموجبه التزمت إيران بفتح أراك أمام المفتشين. ومن المتوقع أن يزوروه ديسمبر (كانون الأول) القادم.

يقع مفاعل أراك المعروف باسم أي أر 40 جنوب شرقي طهران ورغم أن التفكير في إنشائه بدأ منذ عام 1980 فإن الإيرانيين لم يشرعوا في تخطيطه غير عام 2002 ولم يتم كمبنى حتى 2006 وحتى أكتوبر (تشرين الأول) هذا العام لم يكتمل تركيب خزانه الرئيسي، ورغم إعلانات سابقة ببداية تجربة العمل فيه فإن ذلك قد لا يتحقق العام القادم. ويتوقع أن ينتج في حال نجاحه ما يقدر بـ10 - 12 كيلوغراما بلوتونيوم في العام.

ويرجع الاهتمام الفرنسي بأراك (إذا تجاوزنا ما يشاع أن باريس تتعنت به لأغراض أخرى) لخطورة ما يمكن أن ينتجه يوما ما من مادة البلوتونيوم التي تعتبر مادة رئيسية في إنتاج قنابل نووية. إلى ذلك وكعقبة إضافية ما تزال إيران غير قابلة للنقاش بشأن ما تخزنه من يورانيوم مخصب يقدر بـ196 كيلوغراما مما خصبته بنسبة 20% و7154 كيلوغراما بنسب تتراوح ما بين 3.5 و5% يصر الغربيون على خطورة بقائه داخل الحدود الإيرانية خشية الإسراع بتعلية تخصيبه وبالتالي استخدامه متى شاءت فيما تعتبر إيران أن إرسال مخزونها خارج حدودها خط أحمر حمرة حق التخصيب.

نقطة أخيرة ظلت حجر عثرة تمثلت في المطلب الإيراني بفك الحظر عن أرصدة وأموال تم تجميدها في عدة مصارف قدرتها مصادر بما يفوق 45 مليار دولار. وهون دبلوماسيون غربيون على دراية بالمحادثات من احتمال تحقيق انفراجة وشيكة في المحادثات التي تستمر ثلاثة أيام والتي بدأت يوم الأربعاء بعد أن اقتربت الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا من الحصول على تنازلات من إيران في جولة المفاوضات السابقة قبل أسبوعين. وقالوا: إنه تم إحراز قدر من التقدم خلال أول يومين وقل عدد الأمور المختلف عليها. لكن إصرار إيران على أن تعترف الدول الست صراحة بحقها في تخصيب اليورانيوم كان من الصعب التعامل معه. واليورانيوم المخصب يمكن استخدامه في البرامج النووية المدنية والعسكرية على حد سواء. وحث عباس عراقجي نائب وزير الخارجية الإيراني والمفاوض النووي البارز الدول الست على التحلي بالمرونة.

ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عنه قوله نعمل حاليا على نص أغلب بنوده هناك تفاهم مشترك عليها وهذا يشير إلى إحراز تقدم. وتابع إذا أبدى الجانب الآخر مرونة يمكننا التوصل إلى اتفاق... إذا لم تبد القوى الست مرونة تجاه طلباتها المبالغ فيها لن تحرز المفاوضات تقدما.

واجتمع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مع كاثرين أشتون مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي صباح أمس لبحث سبل تضييق هوة الخلاف بشأن النقاط الشائكة. وأشتون هي التي تنسق المحادثات نيابة عن الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا.

ولم ترد أنباء فورية عن هذا الاجتماع بشأن ما إذا كانا نجحا في الاقتراب من اتفاق يمكن التوقيع عليه. لكن مندوبا إيرانيا قال جلسة هذا الصباح كانت خيرا من جلسة الليلة الماضية.

وقال مسؤول غربي بارز في وقت متأخر من مساء أمس الخميس بأنها لن تكون مأساة إذا رفعت جولة المحادثات الثالثة في جنيف دون التوصل لاتفاق وعقدت مرة أخرى بعد بضعة أسابيع.

من ناحية أخرى استمرت إسرائيل في حملة لانتقاد عرض تخفيف العقوبات المفروضة على إيران غير مبدية تفاؤلا يذكر فيما يتعلق بأن تؤدي إلى إنهاء ما تسميه إسرائيل والغرب خطر إنشاء ترسانة نووية إيرانية في نهاية المطاف.

وقال زئيف الكين نائب وزير الخارجية الإسرائيلي لراديو إسرائيل نعتقد أنه ليس اتفاقا مفيدا بل وربما يكون مضرا... نحن بالتأكيد مهتمون بتحسينه قدر الإمكان. لكن حتى الذين يؤيدون الاتفاق يقولون: إن الهدف الوحيد منه هو كسب الوقت.

ووصف مايكل مان المتحدث باسم الممثلة العليا للسياسة الأمنية والشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون، المفاوضات التي جرت صباح اليوم بينها وبين ظريف بالمفيدة. وأضاف: «هذه الجولة من المفاوضات انتهت وتجري أشتون حاليا مشاورات مع ممثلي مجموعة 5+1» بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا).

وبينما وصل في قوت لاحق لافروف بالفعل إلى جنيف قال دبلوماسيون غربيون أمس إن وزير الخارجية الأميركي جون كيري يفكر في الانضمام للمحادثات النووية بين إيران والقوى العالمية الست في جنيف غير أنه لم يؤكد خططه وقد يتراجع عن ذلك. وقال دبلوماسيون قريبون من المحادثات طلبوا عدم نشر أسمائهم إن وزراء خارجية القوى الست سيحضرون إلى جنيف إذا كان المفاوضون قريبين من التوصل إلى اتفاق مؤقت يحد من أنشطة البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع محدود للعقوبات الدولية التي أصابت الاقتصاد الإيراني بأضرار بالغة.