استياء من «قانون التظاهر» ينذر بموجة جديدة من الاحتجاجات في مصر

وزير الداخلية قال إن التشريع الجديد لا ينتقص الحق في التعبير السلمي عن الرأي

قوات من الشرطة والجيش تغلق شارعا بالقرب من مسجد «رابعة العدوية» تحسبا لمظاهرات أنصار «الإخوان المسلمين» أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

في أول تحد لقانون مثير للجدل ينظم حق التظاهر في مصر، تعتزم قوى ثورية تنظيم مظاهرات احتجاجا على القانون الذي يصفونه بـ«القمعي». وتعد الدعوات إلى التظاهر ضد القانون الذي أصدره الرئيس المؤقت عدلي منصور قبل يومين، أبرز تحرك ضد الحكومة المدعومة من الجيش من قوى مؤيدة لها منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي في يوليو (تموز) الماضي، لكن وزير الداخلية، محمد إبراهيم، قال أمس إن التشريع الجديد لا ينتقص الحق في التعبير السلمي عن الرأي.

وقبل ساعات من تقديمه أول طلب للتظاهر ضد «قانون تنظيم التظاهر»، قال محمد عادل، القيادي في حركة شباب 6 أبريل، لـ«الشرق الأوسط»، أمس: «نحن بالطبع ضد قانون التظاهر، ولن نلتزم به، لكن في إطار المشهد العبثي الذي نعيشه حاليا، رغبنا في أن تصل رسالتنا الساخرة من القانون بتنظيم مظاهرة لتقديم طلب للتظاهر».

وأصدر منصور قبل يومين قانونا لتنظيم حق التظاهر يعطي الحق لوزارة الداخلية؛ إذا ما توافرت لديها معلومات جدية أو دلائل على وجود ما يهدد الأمن والسلم، إصدار قرار مسبب بمنع الاجتماع العام أو الموكب أو المظاهرة أو إرجائها أو نقلها إلى مكان آخر أو تغيير مسارها، على أن يبلغ مقدمو الإخطار ذلك قبل الميعاد المحدد، بأربع وعشرين ساعة على الأقل.

ونظم عادل وقوى سياسية مظاهرة أمس لتقديم أول طلب للتظاهر امتثالا للقانون. وأضاف قائلا: «نتوجه إلى قسم شرطة قصر النيل (وسط العاصمة القاهرة بالقرب من ميدان التحرير) في مظاهرة لتقديم طلب بالتظاهر ضد وزارة الداخلية، وضد القانون».

وجاء في الطلب - الذي يعتزم النشطاء تقديمه للسلطات - شعارات مناوئة للشرطة التي كانت قد انسحبت من الشوارع خلال المظاهرات التي انطلقت يوم 28 يناير (كانون الثاني) 2011، وانتهت بإسقاط الرئيس الأسبق حسني مبارك.

وفي خطوة من شأنها إحراج السلطات الجديدة بحسب مراقبين، أعلن المجلس القومي لحقوق الإنسان، أمس، رسميا، رفضه «قانون التظاهر»، وقال المجلس القومي لحقوق الإنسان - وهو مؤسسة شبه رسمية - إن «القانون الجديد لم يأخذ بالملاحظات التي أبداها المجلس على مسودة القانون».

وأضاف في بيان صحافي صدر أمس أنه «رغم أهمية صدور قانون تنظيم حق التظاهر السلمي في ظل الأوضاع الحالية بالبلاد، فإن القانون الجديد في حاجة إلى إعادة النظر في كثير من مواده، خاصة المواد التي تتضمن أفعالا تعاقب عليه القوانين القائمة، والمواد التي يمكن استخدامها في تعطيل حق الإضراب العمالي بحجة تعطيل الإنتاج، وما يتصل بالعقوبات المشددة، التي لا تتناسب مع مخالفة ضوابط التظاهر السلمي».

من جانبه، قال علي عوض، المستشار القانوني والدستوري للرئيس منصور، إن قانون التظاهر صدر ويجب تطبيقه، مشيرا إلى أن «الاعتراض على القانون من قبل البعض هو وجهات نظر ليس إلا»، لافتا في تصريحات صحافية له أمس إلى أنه «لا يمكن تحقيق التوافق الكامل حول أي شيء».

لكن ضباطا في قطاع الأمن المركزي قالوا لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن أحدا لم يبلغهم القانون الجديد، وإنهم لا يزالون يتعاملون مع المظاهرات في ضوء القوانين السابقة. وقال ضابط برتبة رائد، طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مخول الحديث، إن «الضباط المعنيين بتطبيق القانون لم يصلهم أي شيء عنه حتى الآن».

من جهته، أكد وزير الداخلية أن قانون تنظيم حق التظاهر لا ينتقص من حق المواطنين في التعبير السلمي عن الرأي، وإنما كفل للمواطنين الحق في تنظيم الاجتماعات العامة والمواكب والمظاهرات السلمية والانضمام إليها وفقا لأحكام وضوابط القانون.

وقال بيان لوزارة الداخلية أمس، إن إبراهيم وجه بضرورة الالتزام بدقة تنفيذ وتفعيل مواد القانون، والتعامل الفوري مع الإخطارات التي تتلقاها الأقسام ومراكز الشرطة، وقيام مديري الأمن بالتنسيق مع المحافظين لتحديد أماكن المظاهرات للتعبير السلمي عن الرأي من دون إخطار وفقا للقانون.

وامتدت الاعتراضات على القانون الجديد، الذي يمنع ارتداء الأقنعة خلال المشاركة في المظاهرات، ويغلظ العقوبات على مخالفة بنوده، إلى «حملة تمرد» التي دعت إلى التحرك ضد نظام الرئيس السابق مرسي في 30 يونيو (حزيران). وأشارت قيادات «تمرد» إلى أن القانون يخالف مشروع الدستور الذي تعكف لجنة من 50 عضوا على كتابته حاليا. وقال القيادي في «تمرد» محمد عبد العزيز عضو لجنة تعديل الدستور: «في حال إقـرار تعديلات (لجنة الخمسين) على دستور 2012 المعطل، سيعد القانون غير دستوري؛ لمخالفته مبادئ واضحة في مسودة الدستور، في وقت طالبنا بتطبيق قوانين مواجهة الإرهاب على جماعة الإخوان المسلمين».

ودعت حركة تمرد لتنظيم مظاهرة احتجاجا على القانون في ميدان التحرير يوم غد (الثلاثاء)، وهو ما قد يتسبب في إحراج السلطات الحالية، إذا ما تغاضت عن الفعالية، أو يدخلها في صدام مباشر مع القوى الداعمة لها إذا ما قررت تطبيق القانون.

ويرى مراقبون أن تزايد سخط القوى السياسية على ممارسات السلطات الجديدة في البلاد يشكل تهديدا جديا للتحالف الذي نجح قبل شهور في إنهاء حكم جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس السابق مرسي. وفي سياق حملة الاعتراضات، استنكر «التيار الشعبي»، أحد الفصائل الرئيسة التي شاركت في 30 يونيو، إقرار قانون «تنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والمظاهرات السلمية في الأماكن العامة» دون الالتفات إلى أغلب توصيات القوى السياسية والمجتمع المدني بالتعديلات المقترحة لجعل مشروع القانون متوافقا مع مكتسبات ثورة 25 يناير وموجة تصحيح مسارها في 30 يونيو، وتطلعات المصريين إلى حرية كاملة غير منقوصة واتساقا مع المعايير الدولية المتعلقة بهذا الأمر.

وقال بيان أصدره «التيار الشعبي»، أمس، إن «القانون الذي جرى إقراره بعد إجراء تعديلات شكلية على مسودته الأخيرة لا تمس جوهر المشروع القمعي، ودون مراعاة للمعايير الدولية ذات الصلة في أي تشريع متعلق بالحق في التجمع السلمي، لا يزال يحمل نفس الرؤية القمعية لحق التظاهر الذي يتعامل معه بعده جريمة على وشك التحقق، إنما يعطي غطاء قانونيا للقمع ويحاول شرعنته بشكل لا يليق ببلد قامت فيه ثورة عظيمة كانت ضد القمع بالأساس».