إصرار أميركي وبريطاني على إبقاء الملف السوري منفصلا عن المفاوضات النووية

مشاركة إيران في «جنيف 2» ما زالت معلقة مع رفضها الإقرار بالعملية السياسية

TT

تصر الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على إبقاء الملفين السوري والنووي الإيرانيين منفصلين، في وقت تتصاعد فيه التساؤلات حول تزامن التوصل إلى اتفاق على عقد مؤتمر «جنيف 2» لحل الأزمة السورية ليأتي بعد يوم من توقيع الدولتين مع روسيا والصين وألمانيا اتفاقا مع إيران للحد من برنامجها النووي.

والتقى وزير الخارجية الأميركي جون كيري بنظيره البريطاني ويليام هيغ، في لندن مساء أول من أمس، للتنسيق في الملفين السوري والإيراني، بالإضافة إلى بحث قضايا أخرى متعلقة بالشرق الأوسط. وقال كيري في مستهل اللقاء مع هيغ للصحافيين «الوزير هيغ وأنا نعمل عن كثب معا ومع آخرين حول قضية (جنيف 2) والسعي لدفع السلام في التحدي الذي نواجهه في سوريا.. نبحث هذا الملف بينما نبحث جهودنا المتواصلة حول إيران». وعلى الرغم من الإشارة إلى الملفين الساخنين في الشرق الأوسط، فإن الموقف المعلن من البلدين ما زال يصر على الفصل بينهما.

وأكدت مصادر دبلوماسية أميركية لـ«الشرق الأوسط» أنه «على الرغم من ربط البعض بين القضيتين، فإن الموضوعين منفصلان، ولدينا فريقان مختلفان يعملان على الملف النووي الإيراني من جهة والملف السوري من جهة أخرى». وعلى الرغم من أن نائبة وزير الخارجية الأميركي ويندي شيرمان هي التي قادت المفاوضات مع الإيرانيين قبل مشاركة كيري في اليوم الأخير من المحادثات في جنيف يوم السبت الماضي، فإن لديها فريقين مختلفين يعملان على القضيتين.

واستخدمت مصادر دبلوماسية أميركية وبريطانية العبارة نفسها عند وصف واقع الاتفاق على عقد اجتماع «جنيف 2» بعد 24 ساعة من إبرام الاتفاق النووي مع إيران، وكانت العبارة «صدفة». وقال مصدر دبلوماسي أميركي مطلع «إننا ننتظر منذ الصيف الموافقة على تحديد موعد لعقد (جنيف 2)، وتواصلت الاستشارات حول القضية منذ أشهر، وكون الاتفاق تم أمس لم يكن مفاجئا، إذ كنا ننتظر ذلك منذ أسابيع». وحول إمكانية مشاركة إيران في الاجتماع المرتقب عقده في 22 يناير (كانون الثاني) المقبل لبدء مفاوضات من النظام السوري والمعارضة برعاية الأمم المتحدة والجامعة العربية، قال المصدر الدبلوماسي الأميركي «لن نقرر نحن من يشارك في المؤتمر، ولكن قلنا منذ زمن إن إيران لا تلعب دورا بناء في سوريا، وتصرفاتها لا تدل على تصرفات طرف مسؤول في سوريا». وأضاف «أي طرف لا يدعم بيان (جنيف 1) ومبادئه بهدف بناء مستقبل سوريا لن يكون له دور في محادثات (جنيف 2)».

وكان هذا موقف ناطقة باسم الخارجية البريطانية، موضحة لـ«الشرق الأوسط» أنه «لم يحسم القرار حول مشاركة إيران في (جنيف 2)، لكن عليها أن تقر بـ(جنيف 1) للمشاركة في المؤتمر المقبل، إذ إن هدفه هو تحقيق المبادئ التي وضعت في بيان جنيف». وأضافت «الكرة في ملعب إيران، عليها أن تظهر التزامها بهذه المبادئ لتشارك في العملية»، موضحة «لقاء (جنيف 2) سيكون انطلاقة لعملية سياسية لن تكون سهلة على أي طرف مشارك لكنها ضرورية».

وتدور تساؤلات حول الهدف من السماح بالتخفيف من الضغوط على إيران في وقت تؤكد فيه واشنطن ولندن أن طهران تلعب دورا سلبيا في سوريا، إلى حد إرسال قوات للقتال في سوريا، وهو الأمر الذي أكده السفير الأميركي لدى سوريا روبرت فورد. وقال المحلل والزميل في معهد «تشاتام هاوس» نديم شحادة إن «إيران تفضل التركيز على الملف النووي لأنها تعي أهميته للولايات المتحدة والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الدول الست الموقعة على الاتفاق النووي مع إيران، والذي يرفع بعض العقوبات المفروضة عليها «تساعد على إعطاء إيران رخصة لفعل ما تشاء داخل سوريا، وكأنها تعطي إشارة إلى إيران بأنها مستعدة للتعامل معها بغض النظر عما تقوم به داخل سوريا». وردا على سؤال حول الانفتاح الأميركي على إيران في هذه الفترة خاصة مع الدول الإيراني في سوريا، قال شحادة إن الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين «تغاضوا عن قضايا أخرى مثل دور إيران في سوريا ولبنان والعراق بهدف إنجاح الاتفاق.. والتواصل مستمر مع إيران على الرغم من كل ما يحدث في تلك الدول، مما يعطي إيران رسالة خطرة قد تفسرها بأن ممارساتها مقبولة».

إلا أن وزير الخارجية البريطاني شدد في مداخلة أمام البرلمان البريطاني على «اننا نشجع إيران على لعب دور أكثر مسؤولية بشكل أوسع في القضايا العالمية». وأضاف أنه «من المبكر القول إذا كان الاتفاق على برنامج إيران النووي سيدل على أي تغييرات أخرى في سياستها الخارجية أم لا. نحن بالطبع نريد أن نرى مثل هذه التغييرات خاصة في ما يخص سوريا». ولكن حتى الآن لم ترصد لندن مثل هذه التغييرات في سياسة طهران الخارجية.

يذكر أن هيغ أعلن أمس أن القائم بالأعمال البريطاني غير المقيم لدى إيران سيزور إيران قريبا، في مؤشر آخر على الانفتاح المتواصل معها.