لجنة الدستور: مصر نظام حكمها مدني واعتماد تفسير «الدستورية» لمبادئ الشريعة

مصادر بـ«الخمسين» تؤكد أن التصويت على المواد غدا .. وإلغاء التمييز الفئوي

TT

قال محمد سلماوي، المتحدث الرسمي باسم لجنة الخمسين المنوط بها كتابة الدستور المصري الجديد، إن «أزمة ديباجة الدستور انتهت بإقرار أن مصر دولة ديمقراطية نظام حكمها مدني»، مضيفا: «إن الأزهر الشريف والكنيسة اتفقا على الأخذ بما قضته المحكمة الدستورية العليا في تفسير كلمة مبادئ الشريعة الإسلامية الواردة في المادة الثانية للدستور»، في حين قالت مصادر في لجنة الدستور، إن «اللجنة أقرت بإلغاء التمييز الإيجابي للأقباط والمرأة والعمال والفلاحين في الانتخابات البرلمانية المقبلة».

وواجهت لجنة الدستور، التي شكلها الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور لتعديل دستور 2012 المثير للجدل، أزمة في مناقشة الديباجة بين الأعضاء حول وضع مدنية الدولة في الديباجة أو حذفها، وفي وضع تفسير لكلمة مبادئ التي جاءت في نص المادة الثانية، وفي وضع تمييز مناسب لبعض الفئات المهشمة في المجتمع بعد النص على إلغاء نسبة 50% للعمال والفلاحين في البرلمان.

ويعد تعديل الدستور المعطل، الذي أقره المصريون في استفتاء شعبي عام 2012، أول خطوة في خريطة المرحلة الانتقالية، التي أعلنها الرئيس المؤقت في إعلان دستوري في الثامن من يوليو (تموز) الماضي، على أن يتبعه إجراء انتخابات برلمانية ثم رئاسية خلال تسعة أشهر من إصدار ذلك الإعلان. ومن المقرر أن يدعو المستشار عدلي منصور المصريين للاستفتاء على الدستور الجديد خلال شهر من تسلمه المسودة النهائية من رئيس لجنة الخمسين عمرو موسي.

وأوضحت المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» أنه «من المقرر أن تبدأ جلسة التصويت النهائي على مواد الدستور داخل لجنة الخمسين اعتبارا من غد (السبت)، ومن المتوقع أن ينتهي التصويت النهائي على جميع المواد خلال الأسبوع الأول من ديسمبر (كانون الأول) المقبل». وتوقعت المصادر أن يدعو الرئيس منصور للاستفتاء على التعديلات الدستورية نهاية ديسمبر.

وقال محمد سلماوي، المتحدث الرسمي بلجنة الخمسين لتعديل الدستور أمس، إن أزمة ديباجة الدستور انتهت فيما يخص بعض المواد التي يثار حولها الجدل، وجرى الأخذ بمدنية الدولة والنص دستوريا على أن مصر دولة ديمقراطية نظام حكمها مدني.

من جانبه، قال مصدر مسؤول في الأزهر الشريف لـ«الشرق الأوسط»، إن «لجنة الخمسين استجابت لطلب ممثلي الأزهر بحذف عبارة (دولة مدنية) من الديباجة؛ حتى لا تثير التباسا في الفهم أو يفهمها البعض على أنها تعني (العلمانية)، واستبدال عبارة (حكمها مدني) بها، باعتبار أن هذا الوصف يجوز مع الحكومة ولا يكون للدولة، مؤكدين مرة أخرى أن الإسلام لا يعرف الدولة الدينية بمفهومها الغربي، وأن مصر لن تكون في يوم من الأيام دولة دينية ثيوقراطية أو دولة عسكرية».

وقال الأنبا بولا، ممثل الكنيسة الأرثوذكسية بلجنة الخمسين لتعديل الدستور، إنه «جرى إضافة فقرة (حكم مدني) بناء على طلب مفتي مصر الدكتور شوقي علام، على الرغم من مطالبتنا للأعضاء بالتنازل عن كلمة مدنية الدولة بهدف التوافق».

وفي ذات السياق، قال محمد سلماوي في ما يتعلق بتفسير مبادئ الشريعة الإسلامية في المادة الثانية، إنه «سيجري الأخذ بما قضته المحكمة الدستورية في تفسير المبادئ»، مبينا أن حزب النور السلفي اعترض على ذلك، ولكن جرى التوافق بين جميع الأعضاء والأزهر والكنيسة، لافتا إلى أنه لا وجود للمادة 219 في الدستور الجديد.

وأوضحت المصادر نفسها، أن تفسير المبادئ التي جرى إدراجها في الديباجة ينص على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع، وهذه المادة تعني الأحكام قطعية الثبوت والدلالة، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها التي يكون الاجتهاد فيها ممتنعا، لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية مبادئها الكلية وأصولها الثابتة التي لا تحتمل تأويلا، أو تبديلا، لا كذلك الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها، أو دلالتها أو بهما معا، ذلك أن دائرة الاجتهاد تنحصر فيه، على أن يكون الاجتهاد دوما واقعا في إطار الأصول الكلية للشريعة بما لا يجاوزها ملتزما ضوابطها الثابتة، متحريا مناهج الاستدلال على الأحكام العملية والقواعد الضابطة لفروعها».

وضغط حزب النور السلفي لوضع تفسير لكلمة مبادئ التي جاءت في المادة الثانية بعد أن جرى استبعاد المادة 219 (المفسرة لمبادئ الشريعة الإسلامية) وهي المادة المثيرة للخلاف في بند مواد الهوية، والتي وضعها إسلاميون في الدستور السابق لتفسير المادة الثانية بشكل أكثر تشددا. وتابعت المصادر بقولها، إن «اللجنة ألغت التمييز الإيجابي لأي فئة بانتخابات مجلس النواب المقبل»، لافتة إلى أنه هناك ثلاث مواد فقط لم يجر حسمها بشكل نهائي وإن كان هناك شبه إجماع من اللجنة على إلغائها، وفي مقدمتها بقاء مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان) من عدمه. وألغت لجنة الخمسين في وقت سابق مجلس الشورى بأغلبية 23 صوتا من الأعضاء مقابل 19 كانوا مع استمرار بقاء الشورى في الدستور الجديد.