النظام يستعيد السيطرة على دير عطية بالقلمون.. ومجزرة في الرقة بعد سقوط صاروخ «سكود»

إصابة قائد عمليات دير الزور.. والمعارضة تسعى لحصار العاصمة بإغلاق طريق حمص ـ دمشق

كتب دينية متلفة بإحدى كنائس حمش التي تعرضت لقصف النظام السوري أمس (رويترز)
TT

أعلنت دمشق، أمس، استعادة السيطرة على بلدة دير عطية الاستراتيجية في منطقة القلمون بريف دمشق، بعد أسبوع من سيطرة المعارضة على البلدة ذات الأغلبية المسيحية، بينما حققت القوات الحكومية تقدما في منطقة النبك المحاذية لها. وبموازاة ذلك، طالب الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية المجتمع الدولي بالتدخل لردع النظام عن استخدام الأسلحة الباليستية، غداة وقوع مجزرة في منطقة الرقة، نتيجة سقوط صاروخ من نوع «سكود» في سوق الهال القديم، أسفر عن سقوط 35 قتيلا على الأقل وعشرات الجرحى.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) عن مصدر عسكري سوري، تأكيده أن القوات النظامية أحكمت السيطرة على دير عطية. وقال مصدر أمني وكالة الصحافة الفرنسية: «إن الجيش تمكن بعد ملاحقة ومتابعة الإرهابيين إلى الأماكن التي تحصنوا فيها في البلدة، من تنظيفها صباح أمس وقتل عددا كبيرا منهم»، مشيرا إلى أن «عملية السيطرة استغرقت نحو أربعة أيام».

وسيطرت المعارضة السورية على دير عطية، بعد انسحاب قواتها من بلدة قارة التي تبعد عنها نحو أربعة كيلومترات. وكان ناشطون أفادوا بأن جيش الإسلام، وهو أكبر فصيل معارض يقاتل في المنطقة «انسحب قبل ثلاثة أيام من البلدة»، لكن المتحدث باسم جيش الإسلام محمد علوش، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن مقاتلي الجيش الذي يتضمن نحو 60 فصيلا عسكريا معارضا «كانوا حتى ظهر اليوم (أمس) يقاتلون في المنطقة»، مشيرا إلى أن «من يشيع هذا الكلام، هو من انسحب من المنطقة».

وأوضح علوش أن المعارضة لم تسيطر بالكامل على دير عطية، بل «كانت تتحصن في مداخلها، حيث طردت الجيش النظامي منها»، مشيرا إلى أن «أوتوستراد حمص - دمشق الدولي المحاذي لدير عطية والنبك لا يزال مقطوعا، حيث نفرض حصارا على العاصمة التي تحتاج اليوم إلى المحروقات، وقد بلغ سعر صفيحة البنزين فيها 7 آلاف ليرة سورية».

وأكد علوش أن «اشتباكات واسعة النطاق اندلعت أمس في منطقة القلمون، بمحاذاة الأوتوستراد الدولي». ويعد هذا الطريق الذي يربط العاصمة بوسط سوريا ومنها إلى معقله في الساحل، حيويا لناحية تزويد دمشق بالمواد الحيوية والمشتقات النفطية، فضلا عن كونه ممرا رئيسا للإمدادات العسكرية للجيش النظامي.

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بوقوع اشتباكات عنيفة بين مقاتلي الدولة الإسلامية في العراق والشام والكتيبة الخضراء وجبهة النصرة وكتائب إسلامية مقاتلة من جهة، والقوات النظامية وقوات الدفاع الوطني من جهة أخرى، على طريق دمشق - حمص الدولي من جهة مدينة النبك، مشيرا إلى «تقدم القوات النظامية في محيط مدينة النبك من جهة الطريق الدولي».

وذكرت قناة «العالم» الإيرانية، أن النبك «شهدت أمس أعنف الاشتباكات»، مشيرة إلى أن الجبهة «شهدت تقدما كبيرا للقوات النظامية في النبك من عدة محاور، في حين فر مسلحو المعارضة باتجاه جبال القلمون».

وتتبع القوات النظامية استراتيجية السيطرة على بلدات القلمون، تدريجيا، حيث تنتقل من شمال المنطقة المتاخمة لحمص، جنوبا باتجاه دمشق، بدءا من قارة، ثم دير عطية والنبك، وهي بلدات واقعة على طرفي أوتوستراد حمص - دمشق الدولي، قبل انتقالها إلى يبرود التي تحتضن أكبر عدد من اللاجئين الفارين من القتال في قارة والنبك. وتعمل القوات النظامية على محاصرة البلدات منعا لانتقال مقاتلي المعارضة إلى جرود واسعة في معلولا (شرق الأوتوستراد)، وهي بلدة مسيحية كانت المعارضة سيطرت عليها قبل شهرين، وخرجت منها باتفاق.

وفي حين تتواصل المعارك العسكرية بين الجيشين النظامي والحر في الغوطة الشرقية، أعلنت وزارة الخارجية الروسية، أن «مواطنا سوريا قتل وأصيب تسعة آخرون بجروح، بعضهم من جهاز أمن السفارة، جراء قذيفة هاون أطلقت على السفارة الروسية في العاصمة السورية دمشق».

وفي بيان، قالت الخارجية الروسية إن السوري قتل «إثر إطلاق قذيفة هاون من المجموعات المسلحة المناهضة للحكومة على الحي الذي تقع فيه سفارة روسيا في سوريا، انفجرت قذيفة في حرم السفارة وأخرى على مقربة منها»، مؤكدة أنه «لم يصب أي روسي في الهجوم»، في حين «تعرض مبنى السفارة لأضرار مادية طفيفة».

في غضون ذلك، أفاد ناشطون في مدينة دير الزور بإصابة العميد عصام زهر الدين، قائد العمليات العسكرية في الجيش السوري النظامي في المدينة. وقال ناشطون إن الإصابة جاءت نتيجة اشتباكات عنيفة اندلعت في حي الرشيدية في المدينة، موضحين أن «جبهة النصرة» هي من استهدفت زهر الدين، ونقل إثر ذلك إلى دمشق حالا. وزهر الدين الذي قاد عدة عمليات عسكرية في ريف دمشق وفي حمص جرى تعيينه قائدا لعمليات دير الزور منذ أكثر من شهر، وذلك بعد مقتل اللواء جامع جامع الذي تولى قيادة عمليات دير الزور منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011.

وفي الرقة، اتهم الائتلاف السوري المعارض القوات النظامية بارتكاب «مجزرة مروعة بحق عشرات المدنيين، بعد أن أطلقت صاروخا باليستيا من نوع سكود أصاب سوق الهال القديمة في المدينة، وأدى أثره التدميري لاستشهاد 35 شخصا وإصابة 200 آخرين، وإحداث دمار كبير في البنى التحتية». وانتقد الائتلاف «استمرار نظام الأسد بارتكاب المجازر بحق المدنيين الآمنين، مستخدما الصواريخ الباليستية وكل الأسلحة ذات القوة التدميرية العالية والأثر العشوائي، دونما أي ردع من المجتمع الدولي ودول العالم الحر»، داعيا «المجتمع الدولي إلى أن يردع هذا النظام المجرم ويسعى بشكل عملي وجدي لإنهاء حقبة الظلم والطغيان التي يمثل (الرئيس السوري) بشار الأسد أحد رموزها فقط».

وكان ناشطون أفادوا بعد منتصف ليل الأربعاء/ الخميس عن سقوط صاروخ سكود في مدينة الرقة، قالوا إنه أطلق من موقع «اللواء 155» التابع للنظام السوري في جبال القلمون، وذلك بعد دقائق على تحذيرهم من سقوطه إثر رصدهم إطلاقه من القلمون. وبث المركز الإعلامي في القلمون التحذير عن إطلاق صاروخ سكود، الذي سقط في الأحياء المدنية في شارع 23 في الرقة.

وكتب عبد القادر ليلا، وهو أحد ناشطي الرقة على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، أن «الانفجار الذي أحدثه صاروخ سكود لم تشهد له لا الرقة ولا سوريا مثيلا، هناك كتلة بناء تساوي ألف متر أصبحت ركاما.. قطع الزجاج تناثرت إلى مسافة كيلومتر.. والفرن السياحي انهار على من فيه من عمال يعدون عجين الصباح، هناك حاجة ملحة للتبرع بالدم.. وحاجة ماسة للأطباء».

يذكر أن القوات النظامية كانت استهدفت الرقة بعدة صواريخ سكود سابقا، كما شهدت المدينة سقوط صاروخ أرض - أرض أول من أمس أدى لسقوط عدد من الجرحى.