البرلمان اليمني يقرر رفع توصية بسحب الثقة من الحكومة لعجزها الأمني

هادي يدعو الأطراف المتحاربة في دماج إلى وقف فوري لإطلاق النار

TT

اتخذ البرلمان اليمني قرارا برفع توصيات ومقترحات إلى الرئيس عبد ربه منصور هادي بشأن مستقبل حكومة الوفاق الوطني، وبينها سحب الثقة منها أو إجراء تعديلات عليها، وذلك بعد أن تغيبت عن جلسة البرلمان التي دعيت إليها لمناقشة الأوضاع الأمنية في البلاد، فيما اتخذت اللجنة الأمنية العليا قرارات للحد من انتشار الدراجات النارية بعد تنامي استخدامها في عمليات الاغتيالات.

وناقش مجلس النواب اليمني (البرلمان)، أمس، وضع حكومة الوفاق الوطني في ظل الاختلالات الأمنية وحوادث الاغتيالات التي تشهدها العديد من المدن اليمنية، وخصص البرلمان جلسته لمناقشة الوضع الأمني في البلاد. وقد تغيبت الحكومة عن حضور جلسة البرلمان رغم الدعوة التي وجهت إليها دون إبداء الأسباب، وناقش أعضاء البرلمان الاختلالات الأمنية بما فيها الاغتيالات والتقطعات والاختطافات، وبسبب تغيب الحكومة طرحت العديد من المقترحات، منها سحب الثقة من حكومة محمد سالم باسندوة لأنها «مقصرة في أداء مهامها ولم تتعاون وتستجب لدعوات المجلس منذ فترة». كما طرحت مقترحا بسحب الثقة من وزيري الداخلية والدفاع ورؤساء الأجهزة الأمنية، غير أن النقاشات أفضت إلى رفع الموضوع إلى الرئيس عبد ربه منصور هادي مع كل المقترحات لـ«التشاور معه لاتخاذ الإجراءات اللازمة وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة»، وذلك بعد التوافق تحت قبة البرلمان على إعادة النظر في الحكومة الحالية.

ويأتي التوافق البرلماني بخصوص حكومة الوفاق الوطني في وقت يشرف فيه مؤتمر الحوار الوطني على اختتام أعماله. وتوقع مراقبون لـ«الشرق الأوسط» أن يجري أي تعديل حكومي عقب اختتام أعمال مؤتمر الحوار، في حين أعلنت مصادر رسمية يمنية أن المبعوث الأممي إلى اليمن، جمال بن عمر، سوف يعود إلى صنعاء مطلع الأسبوع المقبل للإشراف على أعمال الجلسة العامة الثالثة لمؤتمر الحوار، بعد أن قدم تقريره إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الأوضاع في اليمن في وقت متأخر من مساء أول من أمس. وقد حدد مجلس الأمن، عقب جلسة خاصة، الرئيس السابق علي عبد الله صالح وبعض قادة الحراك الجنوبي كمعرقلين للتسوية السياسية، وأدان المجلس عرقلة العملية السياسية والانتقالية في اليمن من قبل رموز النظام السابق ومن وصفهم بالانتهازيين السياسيين، وأعرب مجلس الأمن الدولي عن قلقه بشأن المخاطر المترتبة على تأخر اختتام مؤتمر الحوار الوطني، واعتبر المراقبون ما صدر عن مجلس الأمن يمثل الفرصة الأخيرة للقوى التي تسعى إلى عرقلة التسوية السياسية قبل الإعلان صراحة عن قرارات وعقوبات بحقها.

وفي السياق ذاته، اتخذت اللجنة الأمنية العليا، أمس، قرارات تتعلق بالحد من انتشار الدراجات النارية التي كثر استخدامها في عمليات الاغتيالات التي تشهدها الساحة اليمنية، وعقدت اللجنة اجتماعا استثنائيا قررت فيه منع مرور الدراجات النارية التي تحمل مسلحين في العاصمة صنعاء اعتبارا من أمس (الخميس)، كما أقرت منع استخدام الدراجات بصورة تامة خلال النصف الأول من شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وأرجعت اللجنة قراراتها وإجراءاتها إلى «استغلال الدراجات النارية من قبل العناصر التخريبية والإرهابية لتنفيذ أعمالها الإجرامية والجبانة التي استهدفت العديد من الأبرياء سواء من أبطال القوات المسلحة والأمن أو الشخصيات والكوادر الوطنية والمواطنين أو الضيوف الزائرين للبلاد».

واستخدمت الدراجات النارية على نطاق واسع في عمليات الاغتيالات التي يشهدها اليمن في الآونة الأخيرة، والتي استهدفت ضباطا في أجهزة المخابرات والأمن، ومؤخرا استخدمت في اغتيال عضو مجلس النواب (البرلمان) الدكتور عبد الكريم جدبان وخبير عسكري من روسيا البيضاء وضابط كبير في كلية الشرطة، وقد سعت السلطات الأمنية اليمنية إلى الحد من استخدام الدراجات النارية في الحوادث الأمنية والإرهابية عبر ترقيمها، ومنع استخدامها في المساء، غير أن تلك الإجراءات لم تفلح في توقف هذه الظاهرة التي باتت تقلق الشارع اليمني حول أوضاعه الأمنية.

وفي سياق التطورات الأمنية على الساحة اليمنية، قتل مدير مديرية العشة في محافظة عمران وثلاثة من حراسه على يد مسلحين حوثيين، في الوقت الذي تواصلت فيه المواجهات المسلحة العنيفة بين الحوثيين والسلفيين في منطقة دماج بمحافظة صعدة بعد انهيار هدنة وقف إطلاق النار. وقال شهود عيان إن الحوثيين قاموا بقصف المنطقة من الجهة الشرقية بالأسلحة الثقيلة، رغم وجود فريق المراقبين العسكريين في تلك الجهة.

في غضون ذلك، تواصل لجان الوساطة عملها في صعدة. وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أعرب يحيى منصور أبو إصبع، رئيس اللجنة الرئاسية الخاصة بحل أزمة دماج، عن أمله في تلافي تدهور الأوضاع، مؤكدا السعي لممارسة الضغوط على كل الأطراف من أجل وقف إطلاق النار والاحتكام للعقل.

من جانبه، دعا الرئيس عبد ربه منصور هادي الأطراف المتحاربة في منطقة دماج والذين «يوجهون الرصاص صوب صدور بعضهم البعض في منطقة دماج بمحافظة صعدة لأن يتوقفوا فورا عن إطلاق النار». وقال في حفل تخرج طلاب من الأكاديمية العسكرية إن المتحاربين «لن يحصدوا إلا الندم والخسران باستمرار مواجهاتهم العبثية، فما يحدث هناك من مواجهات يدمي القلب والعين ويؤجج لفتنة خبيثة ستعم مناطق كثيرة». وأكد هادي أنه «لا بد للطرفين أن يفتحا المجال للقوات المسلحة لأخذ مواقعها في الأماكن التي يتمترسان فيها، وتأمين المواطنين، فهي أولا وأخيرا قوات الدولة والشعب وهي المعنية بوقف هذه المحنة، ولو أن الطرفين استفادا من دروس الماضي لأدركا أن مثل هذه المواجهات المؤلمة لا تنتهي بمنتصر ومهزوم بل بخسارة تعم الجميع».