ظريف: نسعى لفتح صفحة جديدة مع دول الخليج.. وتطوير العلاقات مع السعودية

وزير الخارجية الإيراني التقى أمير الكويت وسلمه رسالة من روحاني.. وأكد استعداد طهران للتفاوض مع الإمارات بشأن «أبو موسى»

السلطان قابوس لدى لقائه وزير الخارجية الإيراني محمد ظريف والوفد المرافق له بحضور وزير الشؤون العمانية يوسف بن علوي («الشرق الأوسط»)
TT

أكد وزير الخارجية الإيراني محمد ظريف أمس، أن بلاده تتجه لفتح صفحة علاقات جديدة وآفاق واسعة مع دول الخليج انطلاقا من «النيات الحسنة والجدية التي تتمتع بها هذه الدول».

واستقبل أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد أمس بقصر السيف، الوزير الإيراني الذي نقل إليه رسالة شفوية من الرئيس الإيراني حسن روحاني. وبحسب بيان رسمي فإن الرسالة تعلقت بالعلاقات الثنائية بين البلدين والشعبين وسبل تنميتها وتعزيزها وآخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية.

وخاطب ظريف دول مجلس التعاون الخليجي بقوله «كونوا على ثقة بأن إيران لا تخطو أي خطوة تكون على حساب أي بلد من بلدانكم»، وأن «الاتفاق الدولي المتعلق بالملف النووي الإيراني جاء لصالح كل المنطقة واستقرارها وأمنها.. ونأمل في تنفيذ المرحلة الأولى منه للوصول إلى الحلول النهائية». وأضاف «أننا مستعدون للتفاوض مع شركائنا في أي وقت يرغبون به».

وبين ظريف خلال مؤتمر صحافي عقده مع نظيره الكويتي الشيخ صباح الخالد في وزارة الخارجية أن «دولة الكويت بسياستها الحكيمة تمتلك علاقات وطيدة مع دول المنطقة وخصوصا مع إيران»، مؤكدا أن «علاقات إيران بجيرانها في المنطقة من أهم الموضوعات بالنسبة لنا.. وأمن أي بلد فيها من أمننا.. وسعادتها من سعادتنا ومشكلاتها هي مشكلاتنا ومستقبلهم لا ينفصل عن مستقبلنا». وقال: «نحن اليوم نجدد تأكيدنا على فتح إيران صفحة ورؤية جديدة تجاه تعزيز علاقتها مع دول المنطقة، ونتمنى أن تلعب وسائل الإعلام المختلفة في الجانبين دورا بناء تجاه تعزيز التفاهم بين دول المنطقة».

وأكد ظريف أن بلاده تسعى لتوطيد التعاون مع السعودية، مشيرا إلى أنها دولة مهمة ومؤثرة في المنطقة. وقال ظريف: «سوف أذهب للسعودية، ولكن التاريخ لم يحدد بعد. وننظر للسعودية كبلد مهم ومؤثر في المنطقة ونعمل على تعزيز التعاون معها لصالح المنطقة». وأضاف «العلاقات الإيرانية السعودية متطورة ويمكن تعزيزها من خلال التعاون المشترك، كما نشيد بالخطوات الإيجابية التي شهدناها من قبل السعودية ونرحب بها».

من جانبه أكد وزير الخارجية الكويتي، الشيخ صباح الخالد أن جميع دول المنطقة تود أن تكون لها علاقات طبيعية فيما بينها، قائمة على أسس من مبادئ القانون الدولي وحسن الجوار. وأضاف «تابعنا باهتمام كبير تصريحات الرئيس الإيراني الدكتور حسن روحاني بشأن إقامة علاقات تعاون مع دول المنطقة وبشكل خاص مع السعودية.. والمؤشر الإيجابي المتمثل برد خادم الحرمين الشريفين بنفس الإيجابية». وأضاف «جميع دول المنطقة حريصة على وجود تعاون بناء من أجل أمن واستقرار هذه المنطقة»، لافتا إلى أن «دول المنطقة تلتقي بالمصالح والمصير المشترك الذي لا بد من تعزيزه».

وترأس ظريف أمس خلال زيارته التي استغرقت يوما واحدا وفد بلاده المشارك في اجتماع الدورة الثانية للجنة المشتركة بين الكويت وإيران. وكشف وزير الخارجية الكويتي أن اجتماع اللجنة المشتركة، تناول أوجه التعاون الثنائي، والقضايا التي تهم البلدين والمنطقة، مشيرا إلى أن الاجتماع ناقش قضايا في القطاعات السياسية والاقتصادية والثقافية.

وعد ظريف أن العلاقات مع الكويت «تسير بجدية فائقة، وتحظى بأهمية بالغة»، كاشفا عما دار خلال لقائه بأمير الكويت، بقوله «استمعت إلى وجهات نظر قيمة من قبل الشيخ صباح وكذلك من وزير الخارجية من شأنها دعم أمن واستقرار المنطقة.. وأشاطر الأمير ووزير الخارجية الرأي في هذا الصدد». وقال، إن «اجتماعات اللجنة العليا المشتركة بين البلدين تدل على عزم وإرادة البلدين للتواصل المستمر وفتح صفحة جديدة مع الكويت في شتى المجالات.. فالمنطقة تمر بتحديات مشتركة تتطلب تعاون دولها».

وأضاف ظريف أن «طهران سمت سفيرا جديدا لها لدى الكويت، وعرض اسمه على الرئيس حسن روحاني، بصدد الدراسة، كما تحركت الخارجية الإيرانية للإفراج عن مواطن كويتي معتقل في طهران منذ شهرين، حيث استطاعت وزارة الخارجية الإيرانية أن تتدخل في هذا الموضوع ذي الطابع الأمني، وهذه الخطوة جاءت لتكون بداية جيدة في اتجاه العلاقات الطيبة بين البلدين».

وبشأن العلاقات مع دولة الإمارات، عد ظريف زيارة نظيره الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد إلى طهران الأسبوع الماضي، بداية جيدة تجاه تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين. وهي أول زيارة لمسؤول من المنطقة إلى طهران بعد توقيع الاتفاق النووي، مشيرا إلى أن العلاقات بين الجانبين في تطور، لوجود الوشائج التاريخية والمصالح المشتركة اقتصاديا وتجاريا. وقال، إن «لقاءات الوزير الإماراتي تطرقت إلى قضايا ذات اهتمام مشترك، وسنواصل المشاورات لبحث إزالة سوء الفهم تجاه جميع القضايا وخصوصا موضوع جزيرة أبو موسى». وأضاف «سنتحاور مع الأصدقاء في الإمارات لحل هذه المشكلة.. فنحن نؤمن بوجوب أن تكون المنطقة مثالا للتعاون وعلاقات حسن الجوار الطيبة القائمة على الندية بين بلدانها». وتمنى ظريف أن يحقق الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة الدول الكبرى (5 + 1) النتيجة المرجوة منه، «على الرغم من أنه لا يحقق كل أهدافنا ولا أهداف الجانب الآخر». وأضاف «نأمل أن تنفذ الاتفاقية كما تم الاتفاق عليها». وأشار إلى أهمية أن «يبدي الطرف المقابل لإيران نياته الحسنة، وأن نشهد إزالة عدم الثقة بين إيران والغرب، لا سيما تجاه الولايات المتحدة، لأن حل الموضوع يأتي في صالح كل دول المنطقة، ونحن لا نرى أنه لن يتم على حساب أي بلد من بلدان المنطقة».

وأوضح ظريف أن «الاتفاق الدولي هو برنامج إجراءات وهو بصدد التنفيذ، ولدينا قناعة بأن تنفيذ هذا البرنامج سيؤدي إلى بناء الثقة التي يجب أن تكون بين الطرفين، فالشعب الإيراني لا يثق بالغرب، وعلى الغرب أن يتخذ خطوات من أجل بناء الثقة مع الشعب الإيراني». وأكد أن بلاده ستنفذ ما قبلت به، «ولن نسمح بتجاوز الخطوط الحمراء في احترام من انتخبه الشعب الإيراني أو أن يملي الآخرون علينا شيئا.. فبرنامجنا النووي أقيم للأغراض السلمية، ولا يهدد أحدا، وإيران تعمل في مجال التخصيب وفق خطتها المعدة، وهذه الوثيقة اعترفت بالبرنامج الإيراني».

وأضاف «كل حل يجب أن يشمل إزالة كل أشكال الحظر والعقوبات التي فرضت علينا، وما تم الاتفاق عليه في جنيف ذكر في هذا البرنامج ونحن بانتظار أن ينفذ للوصول إلى المرحلة الثانية منه، وهذا الاتفاق لم يمس أيا من دول المنطقة، ونحن نتطلع إلى أن يكون بداية الحل بشأن برنامج إيران النووي».

وحول الشأن السوري وتعليقا على الأنباء المتواترة حول وساطة إيرانية بين سوريا وتركيا، رأى ظريف أن «القرار النهائي بخصوص ذلك يجب أن يتخذه الشعب السوري، ونحن ندعو جميع الأطراف المؤثرة على الداخل السوري إلى لعب دورها من أجل إنهاء الوضع المؤسف داخل سوريا والاتجاه نحو الحل والحوار السياسي باعتباره ضرورة ملحة لا مفر منها». وأشار إلى أن «الخيار السياسي هو الحل للأزمة السورية، أما الحديث عن خيار عسكري فهو مجرد وهم، ونحن ندعو جميع الأطراف المتنازعة داخل سوريا إلى العمل لتشجيع بعضها نحو الخوض في الحل السياسي، لأن التطرف والفتنة الطائفية لا يقتصران على سوريا وإنما تؤثر على جميع بلدان المنطقة بما فيها تركيا».

وذكر وزير الخارجية الإيراني أن تركيا دولة صديقة ويجب أن تعمل على مواجهة هذا الأمر للحيلولة دون اتساع رقعة التطرف والفتنة، وسبق لي أن عقدت في وقت سابق جلسات مطولة مع وزير الخارجية التركي داود أوغلو في هذا الشأن، وإيران ترى أن مستقبل سوريا يحدده أبناء الشعب السوري ولا سبيل لذلك إلا حل واحد وهو اللجوء إلى صناديق الاقتراع، حيث إن صوت الشعب هو السبيل الوحيد لحل هذه المشكلة، ولهذا فإننا نطالب البلدان المؤثرة والتي يمكن أن تلعب دورا في هذا المجال بتشجيع كل الأطراف في سوريا على أن تختار هذا السبيل.

أما فيما يتعلق بمشاركة إيران في مؤتمر «جنيف 2»، أوضح ظريف أن إيران ستحضر مؤتمر «جنيف 2» إذا وجهت لها الدعوة، لكننا لا نقبل أن يفرض علينا أي شرط لحضور هذا الاجتماع، ونحن نعتقد أن حضور إيران سيساعد على إيجاد الحلول والتسوية في الأزمة السورية ونحن على أتم الاستعداد لذلك.

ووصل وزير الخارجية الإيراني مساء أمس إلى سلطنة عمان؛ حيث سلم السلطان قابوس بن سعيد رسالة من الرئيس حسن روحاني، تتعلق بالعلاقات الثنائية، وسبل دعمها وتعزيزها في مختلف المجالات، إضافة إلى عدد من الأمور ذات الاهتمام المتبادل. والتقى السلطان قابوس بالمسؤول الإيراني في بيت البركة. حضر المقابلة يوسف بن علوي بن عبد الله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية العماني.