حزب الاتحاد الديمقراطي يسعى لإعلان إقليم كردي مستقل في إطار «سوريا فيدرالية»

قيادي في الائتلاف: شكل النظام المقبل يحدده عقد اجتماعي بين جميع المكونات

TT

يمضي حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا (بي واي دي) في مخططه لإقامة «إقليم كردي مستقل في إطار سوريا فيدرالية»، وفق ما أكده رئيسه صالح مسلم، مشددا على أن «الهدف ليس الانشقاق، لكن الأكراد يطالبون بنظام فيدرالي في سوريا»، وهو ما ينظر إليه مراقبون على أنه بمثابة خطوة للتسليم «بتقسيم سوريا وإعادة هندستها بشكل مختلف».

ويأتي إعلان مسلم عن هذا المخطط بعد نحو 3 أسابيع على إعلان حزبه عن «تشكيل إدارة مدنية انتقالية لمناطق غرب كردستان – سوريا»، لاقت انتقادات من قبل أحزاب المجلس الوطني الكردي (المنضوية في الائتلاف السوري المعارض) ومن الائتلاف نفسه، ومن خبراء أبدوا تخوفهم من بدء السير بمخطط تقسيم سوريا.

وقال مسلم، في تصريحات نقلتها عنه وكالة الصحافة الفرنسية أول من أمس إن الحزب يسعى إلى قيام «إقليم كردي مستقل» في إطار «سوريا فيدرالية»، وهناك «لجنة تعد دستورا لهذا الإقليم». ولفت إلى أن «منطقة كردستان (السورية) ستُقسم إلى ثلاث محافظات تتمتع بحكم ذاتي: كوباني (وسط) وعفرين (غرب) والقامشلي (شرق).

وينظر إلى حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي على أنه الجناح العسكري لحزب العمل الكردستاني في سوريا، ويمثل الأكراد 15% من سكان البلاد وينتشرون على طول الحدود مع تركيا في شمال سوريا وشرقها. ويعد الحزب أكبر مجموعة كردية مسلحة في سوريا، ويخوض مقاتلوه معارك ضارية مع مقاتلين إسلاميين، لا سيما «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) و«جبهة النصرة».

ورغم إشارة مسلم إلى أن السعي لإقامة إقليم مستقل لا يعني «تشكيل حكومة مستقلة»، لكنه لفت في الوقت عينه إلى «تعيين 19 شخصية في يوليو (تموز) مهمتها إعداد دستور وقانون انتخابي وتحديد كيفية إدارة المنطقة»، موضحا أن «هذه اللجنة أنهت عملها، وسيحدد قريبا موعد إجراء انتخابات، على أن تشارك فيها كل المكونات الكردية في المنطقة».

وانتهى اجتماع عقد في الثاني عشر من الشهر الماضي في القامشلي وضم، بحسب الاتحاد جميع مكونات المنطقة، بالإعلان عن تشكيل إدارة مدنية انتقالية لمناطق غرب كردستان – سوريا. وأسفر عن تشكيل المجلس العام التأسيسي الذي يتألف من 82 عضوا من مكونات المنطقة من كرد وعرب ومسيحيين وشيشان. وكرر مسلم في تصريحاته الأخيرة ما تضمنه الإعلان السابق لناحية تقسيم المنطقة إلى ثلاث مناطق، لكنه استبدل تسمية «الجزيرة» بالقامشلي، إضافة إلى كوباني وعفرين.

وأثارت مواقف مسلم الأخيرة ردود فعل منتقدة من قبل الائتلاف السوري المعارض، الذي سارع إلى وصف حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي بأنه «تنظيم معاد للثورة السورية»، على خلفية إعلانه تشكيل إدارة مدنية انتقالية لمناطق غرب كردستان سوريا.

واعتبر عضو الائتلاف المعارض والمجلس الوطني سمير نشار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» تعليقا على مواقف مسلم الأخيرة، أنه «من حيث المبدأ يحتاج شكل النظام السياسي وشكل سوريا المستقبل لعقد اجتماعي جديد بين كل السوريين»، مشددا على أنه «لا يستطيع أي فصيل أن يحدد شكل هذا النظام ويرسم لنفسه كيانا مهما كان حجمه وقوته».

وأكد نشار أن «الهدف الرئيس اليوم هو الحفاظ على وحدة سوريا، أرضا وشعبا»، معربا عن اعتقاده أنه «من السابق لأوانه اليوم الحديث عن شكل العلاقة بين المكونات السورية». ورأى أنه «مع سقوط النظام أو الانتقال لسوريا الجديدة أو بعد أي حل سياسي تصبح جميع هذه الأسئلة مشروعة ويعود للسوريين بمختلف مكوناتهم تحديد موقفهم منها».

وطرح نشار علامات استفهام حول مواقف مسلم، الذي «كان ولا يزال حليفا للنظام السوري ولم يلعب أي دور مع انطلاق الثورة السورية»، معتبرا أنه «لم يقاتل النظام بل سعى للهيمنة بمعيته على مناطق عدة». وبدوره، قال عضو المجلس الوطني الكردي، المنضوي في صفوف الائتلاف السوري، صبحي داود لـ«الشرق الأوسط» إن لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي «وجهة نظر منفصلة وهو المسؤول عنها».

وأوضح داود أن «كلمة فيدرالية تعني بالعربية الاتحاد»، مؤكدا «أننا مسؤولون أمام الشعب الكردي عن حقوقه ونطالب بالفيدرالية لكن من ضمن سوريا موحدة».

وفي موازاة إبدائه رفض أي مشروع «تقسيمي» في سوريا، ذكّر داود بأن «المجلس الوطني الكردي وقع وثيقة مع الائتلاف تتضمن بنودا عدة تتعلق بالاعتراف بالحقوق الكردية وبوجود الأكراد التاريخي على أرضهم وإزالة المشاريع العنصرية كافة». وأشار إلى أن حزبه «سيشارك في (جنيف2) من ضمن وفد الائتلاف لنعيد التأكيد على هذه المطالب»، مؤكدا في الوقت ذاته «تحفظ المجلس الوطني الكردي على بند الدولة اللامركزية في سوريا»، وهو ما قال نشار إنه «حصل فعلا»، لكنه اعتبر أن «تحفظهم لا يعطيهم الحق بإعلان موقف مستقل، بل يعني بقاء الموضوع معلقا ليناقش في وقت لاحق».

وكان مسلم في تصريحاته لوكالة الصحافة الفرنسية أشار إلى أنه «حين طردنا قوات النظام، تعرضنا لهجمات الجهاديين الذين أرسلتهم الدولة التركية ودعمتهم»، في إشارة إلى تنظيمات متشددة لا سيما «داعش» و«النصرة». وأوضح أن «المعارك مع الجهاديين بدأت في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 وهي متواصلة»، لافتا إلى «أننا تلقينا المساعدة من شعبنا، ومن الأكراد العراقيين والرئيس العراقي (الكردي جلال طالباني) وحزب العمال الكردستاني»، الذي يخوض تمردا ضد سلطات أنقرة.

من جهة أخرى، نفى مسلم أن «يكون هدف الأكراد إفراغ منطقتهم من السكان العرب». وتابع: «هناك حولنا من عشنا معهم دائما ونقاتل إلى جانبهم. إننا ندافع عن الأخوة بين الشعوب»، مستدركا أن «هناك من لا مكان لهم (بين الأكراد)، العرب الذين أتوا من الخارج، من بلدان أخرى أو من المنطقة، الجهاديون الذين أحرقوا منازلنا وقتلوا أكرادا». وأشار مسلم إلى «العرب الذين جاء بهم (الرئيس السوري الراحل) حافظ الأسد قسرا إلى كردستان اعتبارا من عام 1974 بهدف تعريب المنطقة». ووصفهم بأنهم «ضحايا النزوح» داعيا إلى «حل سلمي لهؤلاء السكان، فمن يستطيع العودة إلى منطقته الأصلية فليفعل، أما الآخرون فيمكنهم العيش بسلام مع الأكراد»، على حد تعبيره.