طلاب في جامعات مصر بين «مطرقة» العصيان و«سندان» الامتحان

يدفعون ثمن «شرعية مرسي» ورفض «قانون التظاهر»

TT

ما بين مطرقة العصيان والدفاع عما يسمونه «شرعية مرسي»، ورفض قانون التظاهر، يقف طلاب الجامعات المصرية من غير المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين حيارى، وفي مفترق طرق يصفه البعض بأنه قد يودي بمستقبلهم الدراسي.

ففي داخل محاضرة مادة «المحاسبة»، في كلية التجارة جامعة القاهرة المكتظة بالطلاب، استفز الطالب مجدي توفيق المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين الطلاب داخل المحاضرة، وقام برفع شعار «رابعة العدوية»، محاولا منع أستاذ المادة من دخول قاعة المحاضرة.. بينما نور عيد، الطالب بنفس الكلية، رفض تصرف زميله وتصدى هو وزملاؤه له، لتستمر المحاضرة، وهي الأخيرة قبل موعد امتحانات الفصل الدراسي الأول المقرر له النصف الثاني من ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

هكذا دخلت الجامعة على خط الخلاف السياسي بقوة، لكن الطالب عيد لم يكن وحده المعبر عن حالة الخلاف التي تشهدها الجامعات منذ بدأ العام الدراسي في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد شهرين من عزل الرئيس الإخواني السابق محمد مرسي لتتحول الجامعات إلى ساحة للمعارك.

ويشتكي عيد، وهو بالفرقة الثالثة، من عدم انتظام الدراسة وعدم وجود محاضرات رغم اقتراب العام الدراسي من نهاية فصله الأول، ويقول عيد: «أنا لا أنتمي إلى أي تيار سياسي.. ما يهمني هو مستقبلي وحضور المحاضرات والحصول على تقدير عالٍ يمكنني من إيجاد فرصة عمل لمساعدة أسرتي».

ويكمل عيد قائلا: «أنا من عائلة متوسطة بمحافظة أسوان (بصعيد مصر)، جئت إلى القاهرة من أجل الدراسة فقط.. وليس من أجل المشاركة في السياسة»، لافتا إلى أن الجامعة الآن منقسمة إلى طلاب إخوان يطالبون بعودة شرعية المعزول.. و«ثورجية» - على حد تعبيره - يرغبون في الصدام مع قوات الأمن وإلغاء قانون التظاهر.

وأضاف عيد، الذي يسكن في المدينة الجامعة القريبة من جامعة القاهرة، أن «هناك طلابا كثيرين ليس لهم في السياسة، وهمّهم التعلم فقط، لكن هؤلاء الطلاب مهددون بضياع مستقبلهم.. فالعام قارب شطره الأول على الانتهاء، وهناك بعض المواد لا نعرف عنها أي شيء، لخوف المحاضرين من دخول المحاضرات.. وتصميم الجامعة على إجراء الامتحانات في موعدها».

وتسببت المظاهرات داخل الجامعات، في رفض الأساتذة دخول المحاضرات خوفا من الفتك بهم أو التعدي عليهم من قبل طلاب الإخوان، في وقت قرر وزير التعليم العالي حسام عيسي «بدء امتحانات الفصل الدراسي الأول في موعدها»، بينما أعلن رؤساء الجامعات أن الطلاب الذين لن يحضروا المحاضرات يعتبرون راسبين.

نور عيد، طالب التجارة، لا يعرف مصيره هذا العام، هل سيعود لأهله بشهادة النجاح أم لا.. لكن زميله في الكلية خالد بدر حسم موقفه وقرر أنه لن يتوقف عن التظاهر إلا بعد منع الشرطة من دخول الجامعة، والقصاص لمقتل طالب كلية الهندسة قبل أيام.

وسمحت السلطات المصرية لقوات الأمن بدخول الجامعات من جديد، لحماية وحراسة المنشآت، بعد ثلاث سنوات من إبعاد الحرس الجامعي التابع لوزارة الداخلية عن الجامعات، واستبدال الأمن الإداري به.. لكن الحكومة والأوساط الجامعية والسياسية طالبت بعودة رجال الشرطة للحرم الجامعي، لتحقيق الاستقرار ومنع الفوضى بين الطلاب.

وشهدت الجامعات منذ عزل مرسي حوادث عنف وبلطجة واشتباكات ومعارك بالأسلحة البيضاء بين الطلاب المؤيدين للمعزول والرافضين لتعطيل الدراسة، وهي حوادث أسفرت عن مقتل طالبين في جامعة الأزهر والقاهرة. ويبلغ عدد الجامعات الحكومية في مصر حاليا نحو 26 جامعة، ونحو 27 جامعة خاصة، تضم جميعها مئات الكليات التي يدرس فيها أكثر من مليوني طالب.

وفي الوقت الذي يطالب فيه أغلب الطلاب بعودة الهدوء إلى الجامعات وانتظام المسار التعليمي، يصر أحمد عبد التواب، طالب بكلية التجارة جامعة الأزهر التي تقع شرق القاهرة، على موقفه من تعطيل الدراسة والتظاهر اليومي لدعم شرعية المعزول، والإفراج عن الطلاب المعتقلين، ورفض دخول الامتحانات.

لكن رئيس جامعة الأزهر أسامة العبد حدد موعد امتحانات الفصل الدراسي الأول في 29 ديسمبر الحالي، وتوعد من لم يحضر المحاضرات بالرسوب.

ودخل عبد التواب مع طلاب الإخوان إلى مدرجات الكلية أمس، ووزعوا منشورات على الطلاب لإقناعهم بالمشاركة في الإضراب عن الدراسة.

ويشفق مراقبون على أحوال الجامعات المصرية، ويتساءلون: «كيف تجري امتحانات بينما أعمال العنف والتخريب تتصاعد يوميا؟».. وأمس قطع طلاب الإخوان الطريق أمام حركة المواصلات بجوار قسم شرطة مدينة نصر (شرق القاهرة)، وأدوا صلاة الغائب على أرواح الطلاب ضحايا عنف الجامعات. وفي المنوفية شرع طلاب الإخوان في اقتحام مبنى المخابرات العامة، وقاموا بالتعدي على قوات الأمن الموجودة أمامه ورشقوهم بالحجارة.