الأزهر يسعى لحل «هيئات» تتخذ اسمه عباءة لنشر الفكر المتشدد

مصادر لـ «الشرق الأوسط»: أغلبها يسيطر عليه الإخوان وبعضها له «أغراض خاصة»

TT

كشفت مصادر مسؤولة في الأزهر الشريف عن وجود اتجاه قوي داخل المشيخة لحل جميع الهيئات والجبهات والجمعيات والمكاتب والائتلافات التي تحمل اسم مؤسسة الأزهر، والتي أثارت جدلا مؤخرا فيما يتعلق بالأفكار المتشددة التي تصدرها والتي تتنافى مع وسطية الأزهر. وأضافت المصادر أنه «يستثنى من هذه الكيانات، ما تحمل اعتمادا رسميا وموافقة خطية مكتوبة من شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب».

وأرجعت المصادر هذا التوجه داخل الأزهر إلى أن «بعض هذه الكيانات أنشئ لإلحاق الضرر بمؤسسة الأزهر، وبعضها لتحقيق مكاسب خاصة»، لافتة إلى أن أغلب هذه الكيانات مسيطر عليها من قبل جماعة الإخوان المسلمين وبعض علماء الدين والدعاة المتشددين من الجماعة الإسلامية.. وتنشر أفكارا متطرفة.

يأتي هذا كرد قوي على الإساءة التي وجهتها «جبهة علماء الأزهر» لشيخ الأزهر والمسؤولين فيه، بسبب موقفهم الذي وصفته الجبهة - حسب بيان لها - بـ«السلبي» تجاه التعامل الأمني مع الطلاب خلال مظاهراتهم اليومية داخل الجامعة. وتعد الجبهة من أقدم المؤسسات الدينية داخل الأزهر، وضمت داخلها الكثير من المشايخ والعلماء، على رأسهم الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق، والدكتور نصر فريد واصل مفتي الديار المصرية الأسبق.

ويقول مراقبون إن العديد من الكيانات ظهرت بعد ثورة يناير بأسماء تحمل اسم الأزهر، وبعضها حرص على زيارة شيخ الأزهر للتأكيد على تأييده لفكرة إنشائها، لتستغل اسم الأزهر وشيخه في أغراض أخرى. ويرى المراقبون أن توجه الأزهر في حل هذه الهيئات التي تحمل اسمه ستكون نقطة تحول جديدة في الصراع الدائر بين أكثرها وجودا في الأزهر، وهي «جبهة علماء الأزهر»، ومشيخة الأزهر، وذلك بعد هدنة لمدة عامين أعلنت الجبهة خلالها تأييدها لمواقف الدكتور الطيب من ثورة 25 يناير.

وقالت المصادر الأزهرية التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» إن «جبهة علماء الأزهر تطلق بين الحين والحين تصريحات ومواقف لا علاقة للأزهر بها.. كما أن بعضها يعمل على استغلال اسم الأزهر لمكاسب مادية أو أدبية أو إعلامية».

وأوضحت المصادر الأزهرية، التي طلبت عدم تعريفها، أنه «من المرجح أن تقتصر المؤسسات الرسمية في الأزهر على مشيخة الأزهر، وهيئة كبار العلماء، ومجمع البحوث الإسلامية». وتابعت: «بالإضافة إلى المؤسسات التي تدخل تحت مظلة الأزهر رسميا وأدبيا وهي جامعة الأزهر، وقطاع المعاهد، ووزارة الأوقاف، ودار الإفتاء، والرابطة العالمية لخريجي الأزهر».

وكشفت المصادر «عن توصلها لأكثر من 300 حركة وجمعية وجبهة وائتلاف يحمل اسم الأزهر، وتستغله في تحقيق أهداف معينة، وتظهر أمام الجميع أنها تتحدث باسم الأزهر». لكن المصادر الأزهرية تحفظت في تحديد أسماء هذه الكيانات.

وكان وزير الأوقاف المصري الدكتور محمد مختار جمعة قد طالب بحل جميع الجهات والهيئات والمكاتب التي تحمل اسم الأزهر بعد إساءة «جبهة علماء الأزهر»، قائلا: «لا شك أن الأزهر له إمام واحد وطريق واحد، إمامه الذي يحترمه ويقدره المصريون جميعا، وكل العرب والمسلمين، وكل محبي السلام والإنسانية في العالم هو فضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر».

ويعدد علماء من الأزهر الشريف الكيانات التي تحمل اسم الأزهر، ومنها على سيبل المثال لا الحصر حركة أزهريون ضد الانقلاب والتي تضم أعضاء من جماعة الإخوان، وحركة استقلال الأزهر، وجبهة إنقاذ الأزهر، وجبهة استقلال الأزهر، وجمعية محبي الأزهر، وجمعية خريجي الأزهر، وجمعية محبي الأزهر، وائتلافات دعاة، وشباب، وعلماء، وأبناء، وطلاب، وطلائع، ومشايخ، وتطهير الأزهر».

وعرفت جبهة علماء الأزهر بمواقفها المعارضة لمشيخة الأزهر. وتوقف نشاط الجبهة في أواخر الثمانينات وعاودت نشاطها عام 1994، إلا أنها بعد عامين واجهت الكثير من الصعاب، بعد تولي شيخ الأزهر الراحل محمد سيد طنطاوي عام 1996، وذلك بسبب مواقفها منه وانتقادها المستمر له، وقيامها بإصدار فتاوى ضد رغبته، وهو الأمر الذي دعا شيخ الأزهر السابق إلى رفع دعاوى قضائية ضد الجبهة وحصوله على حكم قضائي نهائي بحلها، وإغلاق مقرها. وعلى الرغم من حصول جبهة علماء الأزهر على حكم من محكمة القضاء الإداري بإلغاء قرار الحل في مايو (أيار) عام 1999، فإنه لم ينفذ.

ويقول مراقبون إن «الجبهة عاودت الظهور مرة أخرى بعد قيام ثورة 25 يناير، وأطلقت موقعا إلكترونيا معلنة إحياء نشاطها ورسالتها».

لكن قياديا مسؤولا في جبهة علماء الأزهر قال لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «الهيئة تألمت مما ينزل بأبناء الأزهر وبناته الطلاب والطالبات، فضلا عما نزل وينزل بعلمائه، حيث إنهم - وهم الأئمة - صاروا غرضا للرصاص القاتل وغيره من أسلحة القتل وأدوات القمع بغير حق». وأضاف أن «ما يحدث في جامعة الأزهر الآن يهدد مسيرة الأزهر ويعطل رسالته الوسطية للعالم».

ويتظاهر طلاب ينتمون لجماعة الإخوان بشكل يومي في جامعة الأزهر، للمطالبة بتوقف تدخل التعامل الأمني معهم، والإفراج عن زملائهم الذين جرى ضبطهم خلال المظاهرات الأخيرة، ووقف الدراسة نهائيا وإنهاء ما سموه «الانقلاب العسكري» وعودة الرئيس المعزول محمد مرسي.

وكانت جبهة علماء الأزهر قامت بإصدار بيان أثنت فيه على قرارات للدكتور الطيب عقب تعيينه شيخا للأزهر، ومنها إلغاء عقود الزواج التي كانت تقام بمقر المشيخة، ونقل التفويضات الخاصة لشيخ الأزهر في بعض الاختصاصات إلى المجلس الأعلى للأزهر، والتي تنص على ضرورة الرجوع للجنة من المجلس الأعلى قبل اتخاذ أي قرار يتعلق بقبول التبرعات والهبات والوصايا من شيخ الأزهر.