مفاوضات بوساطة تركية لاستعادة مستودعات «هيئة الأركان»

وزير دفاع المعارضة يقول لـ «الشرق الأوسط» إن ثمة أفرادا يحاولون «زرع الفتنة»

مسلح سوري يتنقل على الثلوج في محافظة الرقة في شرق سوريا أمس (رويترز)
TT

دخلت الأزمة في مناطق المعارضة السورية «عنق الزجاجة» حيث من المنتظر أن تنجلى الأمور في اتجاه الصدام أو الحل السلمي بين أطراف المعارضة المتنازعة على النفوذ في المنطقة، خصوصا بين «الجبهة الإسلامية» و«هيئة الأركان» التي تقود «الجيش السوري الحر»، علما بأن مكان رئيس الأركان اللواء سليم إدريس بقي موضع تساؤلات قبل أن يظهر في تصريحات أدلى بها لمحطة «سي أن أن» الأميركية نفى فيها فراره إلى قطر، كما ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أمس، وهو ما نفاه أيضا وزير الدفاع في الحكومة التي شكلتها المعارضة السورية أسعد مصطفى لـ«الشرق الأوسط».

وبدا من خلال تطورات يوم أمس أن ثمة محاولات لمنع انفلات الأمور، بعد أن دخل طرف ثالث على خط معالجة الأزمة، حيث عقد اجتماع عند الحدود التركية ضم ممثلين عن الطرفين وانتهى إلى اتفاق على إعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل استيلاء الجبهة على مخازن السلاح التابعة للأركان، غير أن هذا الاتفاق لم يكن قد دخل التنفيذ بسبب امتناع الجبهة الإسلامية عن التنفيذ، وبسبب خلافات حول كمية الأسلحة الموجودة في المخازن.

واتهم مصطفى في اتصال مع الشرق الأوسط» جهات وأفرادا لم يسمهم بالسعي إلى تسعير النزاع بين الطرفين، معتبرا أن ما يحصل خطير جدا، وأن الصراع بين الأشقاء هو «خيانة للثورة وللشعب السوري الذي ينتظر منا إسقاط النظام لا إسقاط بعضنا الآخر». وأوضح مصطفى أنه أجرى اتصالات مع قيادة الأركان وطلب من إدريس التهدئة و«عدم الانفعال»، وأنه طلب من بعض قادة الجبهة تنفيذ الاتفاق. فيما أشارت مصادر في الأركان لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المعارضة المسلحة المؤيدة للأركان باشرت بتنظيم صفوفها تحت مسمى «جبهة الأحرار»، محذرة من صدام كبير مع الجبهة الإسلامية في حال امتنعت عن تنفيذ الاتفاق.

لكن مصطفى، أكد أن «الأمور تحت السيطرة»، معتبرا أن ثمة محاولات جدية لإنشاء «جيش وطني» موحد يضم كل الأطراف وينهي حالة التشرذم الحاصلة، معتبرا أن التجربة أثبتت أن الانقسام يولد ضعفا والتنظيم يعطي نتائج بارزة ومهمة. وأكد أن خطته للتوحيد أصبحت جاهزة وممكنة التنفيذ إذا ما توفرت لها الإمكانات المادية.

ودخل الائتلاف على خط التهدئة، مصدرا بيانا لافتا في مضمونه، يعلن فيه أنه هو من طلب من الجبهة «حماية» المستودعات من جماعات متشددة كانت تحاول الاستيلاء عليها في محاولة لتأمين مخرج يحفظ ماء الوجه للطرفين، رغم أن تصريحات هيئة الركان كانت أفادت بكل وضوح بان ما جرى هو عملية استيلاء لا حماية.

وغاب إدريس عن السمع لوقت طويل، قبل أن تبدأ معلومات بالظهور عن وجوده عند الحدود، وهو ما أكده مصطفى لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أنه اتصل بإدريس وأن الأخير كان عند الحدود يتسلم معونات غذائية وطبية ألمانية. ونفت هيئة أركان الجيش السوري الحر، أمس الخميس، المعلومات التي تحدثت عن فرار رئيسها اللواء سليم إدريس من مقر قيادة الأركان الواقع على الحدود السورية التركية. وجاء في بيان صادر عن قيادة هيئة الأركان العامة «ردا على ما ينشر على بعض وسائل الإعلام والفضاء الإلكتروني من أكاذيب حول مغادرة اللواء سليم إدريس إلى دولة خليجية، فإن رئاسة أركان القوى العسكرية والثورية تكذب هذه الأنباء وتؤكد أن السيد رئيس هيئة الأركان موجود ويتابع أعماله ولقاءاته مع إخوته قادة الجبهات والمجالس العسكرية». وأضاف البيان أن «هذه الشائعات تهدف إلى التأثير على معنويات الأخوة المقاتلين في وقت نحن أحوج ما نكون فيه للتركيز على الوقوف في وجه النظام المجرم الذي يرتكب المجازر المروعة بحق أهلنا في كافة أرجاء الوطن».

وقال المتحدث باسم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية خالد الصالح في مؤتمر صحافي عقده اليوم في اسطنبول أن «اللواء إدريس موجود على الحدود السورية التركية ويعقد اجتماعات مع قادة الجبهة الإسلامية لحل الوضع الذي حصل».وأضاف «ما اشيع عن مسالة هروب اللواء إدريس عارية عن الصحة بشكل كامل»، مضيفا أنه تبلغ من الجبهة الإسلامية «أنها جاهزة لتسليم المستودعات إلى قيادة الأركان».

وقال الائتلاف الوطني السوري المعارض اليوم إنه دعا مقاتلين إسلاميين لتأمين مستودعات أسلحته على الحدود التركية بعد هجوم لمتشددي «القاعدة». وقال خالد صالح، المتحدث باسم الائتلاف، إن مقاتلي جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام اجتاحوا مخازن المجلس العسكري الأعلى ونتيجة لذلك طلب اللواء سليم إدريس قائد المجلس من الجبهة الإسلامية حماية المخازن. وأضاف أن قوات الجبهة جاءت وتمكنت من طرد مقاتلي جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام وتنتظر وصول مقاتلي المجلس الأعلى لتولي السيطرة على المخازن.

وقال لؤي مقداد، المتحدث باسم المجلس العسكري الأعلى، إن إدريس يجتمع مع زعماء الجبهة الإسلامية قرب الحدود لمحاولة حل المشكلة. فيما أكد أبو طلحة، وهو أحد زعماء الجبهة الإسلامية، أن مقاتليه تحركوا استجابة لطلب المساعدة من المجلس. وقال لتلفزيون «الجزيرة»: «وصلني اتصال من رئيس هيئة الأركان في الجيش الحر سليم إدريس بأن هناك مجموعة مسلحة تحاول الهجوم على الكتيبة التابعة لهيئة الأركان وهناك تهديد لمقر هيئة الأركان ومستودعات الأسلحة الموجودة في المنطقة. وأضاف «حقيقة كان الاتصال متأخرا وحاولنا قدر الإمكان الإسراع في عملية حفظ الأمن ومحاولة ضبط المسألة حيث يتم إزهاق للأرواح. عملية سرقة الأركان أو نهب الأركان تمت أكثر من مرة وللأسف هيئة الأركان لا تمتلك القوة حتى الآن للدفاع عن مستودعات الأسلحة وما يتبع لها من مؤسسات».