الحكومة المصرية تشكل فريق بحث موسعا لملاحقة منفذي حادث الإسماعيلية «الإرهابي»

النيابة: العملية جرت باستخدام سيارة ملغومة فجرت عن بعد

TT

شكلت الحكومة المصرية أمس فريق بحث جنائيا موسعا لتحديد وملاحقة منفذي الحادث الإرهابي، الذي استهدف مقرا لقوات الأمن المركزي بالإسماعيلية (شرق القاهرة)، متسببا في مقتل شخص وإصابة 18 آخرين. في وقت كشفت فيه التحقيقات الأولية للنيابة العامة عن أن الحادث نتج عن انفجار كميات كبيرة من المواد المتفجرة داخل سيارة ملغومة، جرى تفجيرها عن بعد، وتسببت في حفرة عمقها متران.

وكانت وزارة الداخلية قد أعلنت مساء أول من أمس عن انفجار سيارة أمام بوابة معسكر للأمن المركزي على طريق مصر - الإسماعيلية الصحراوي، ما أدى إلى مقتل مجند معين لتأمين البوابة الرئيسية، وإصابة 12 من قوة القطاع، إضافة إلى ستة مواطنين تصادف مرورهم بسياراتهم.

ورأى الدكتور حازم الببلاوي، رئيس الوزراء، أن الحادث هدفه «تعطيل العملية السياسية الجارية، بعد قطع شوط كبير إلى الأمام بانتهاء إعداد مشروع الدستور الجديد للبلاد». لكنه شدد على أن «تلك العمليات الإرهابية الآثمة لن تنجح في تحقيق مسعاها البغيض»، وأضاف: «نحن ماضون في تنفيذ بنود خارطة الطريق بكل ثبات وثقة».

ومنذ عزل الرئيس الإسلامي محمد مرسي في 3 يوليو (تموز) الماضي، شهدت مصر الكثير من العمليات المسلحة ضد عناصر من الجيش والشرطة، خاصة في منطقة سيناء، وأسفرت عن مئات القتلى والجرحى. لكن الببلاوي أكد أمس أن «شعب مصر يثق في قدرة القوات المسلحة والشرطة على استئصال كل بؤر الإرهاب، وردع من تسول له نفسه العبث بأمن الوطن».

ومن جهته، قام اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، بزيارة مفاجئة إلى موقع الانفجار أمس. وقال مصدر أمني إن الوزير عقد لقاء مع ضباط وأفراد قطاع الأمن المركزي لرفع روحهم المعنوية والشد من أزرهم. ووجه بتشكيل فريق بحث موسع لتحديد هوية الجناة وملاحقتهم وضبطهم، كما وجه بتقديم أوجه الرعاية لأسرة المجند الذي قتل في الحادث وتوفير الرعاية الطبية للمصابين.

وفي إطار تحقيقات النيابة لكشف ملابسات الحادث، أمر المستشار هشام حمدي، المحامي العام الأول لنيابات الإسماعيلية، بالتحفظ على القرائن في موقع التفجير، بعد أن كشفت المعاينة الأولية عن أن التفجير وقع جراء سيارة ملغومة، ولم يعثر في نطاق الانفجار على أي أشلاء بشرية، على نحو يرجح معه أن تكون عملية التفجير جرت عن بعد، أو من خلال ميقاتي زمني، مستبعدا فرضية أن يكون تفجير السيارة وقع جراء عملية «انتحارية».

كما أمرت النيابة بتكليف إدارة البحث الجنائي وجهاز الأمن الوطني بوزارة الداخلية، بإجراء التحريات اللازمة حول الحادث، وتحديد هوية الجناة وضبطهم وتقديمهم للنيابة العامة للتحقيق معهم، والاستعلام عن بيانات السيارة التي جرى استخدامها في التفجير، وذلك عن طريق رقم هيكل السيارة، لمعرفة هوية مالكها.

وكشفت معاينة فريق النيابة لمسرح الحادث، عن أن التفجير وقع جراء سيارة ملغومة جرى وضعها على مسافة تقل عن 20 مترا من البوابة الرئيسية لقطاع الأمن المركزي المستهدف.

وأظهرت المعاينة أن الانفجار تسبب في هبوط أرضي لمسافة نحو مترين في موقع التفجير، في حين لم يجر العثور على هيكل السيارة كاملا، حيث أدى التفجير إلى تناثر هيكلها إلى أجزاء وقطع صغيرة، وامتد نطاق الموجة الانفجارية لمسافة كبيرة داخل معسكر الأمن المركزي، وتهدم جانب من السور الأمامي للمعسكر، وكذا أدى إلى تحطم واحتراق أكشاك الأمن والحراسة الموجودة بالقرب من البوابة الرئيسية للقطاع، وتحطم وتطاير الألواح الزجاجية للمباني الخاصة بالمعسكر لمسافة بعيدة، على نحو استدلت منه النيابة على القوة الشديدة للانفجار والمواد المستخدمة في صناعة القنبلة المفجرة.

وفي السياق ذاته، استنكرت قيادات دينية في مصر هذا الحادث ووصفته بـ«الإرهابي»، مشددة على تحريم الدين الإسلامي قتل النفس. وقال الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب إن «الإسلام بريء من هذه التصرفات السوداء التي تستهدف الأبرياء من أبناء الوطن، الذين يسهرون على أمنه وحمايته»، مطالبا السلطات بـ«اتخاذ خطوات حاسمة عاجلة ضد هؤلاء المخربين والمجرمين».

وشدد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، على أن «هذه العملية الغادرة ينبذها الإسلام ويحرمها، بل ويعدها إفسادا في الأرض وقتلا للأنفس بغير الحق»، معتبرا أن «هذه العمليات الإرهابية التي تستهدف أمن الوطن والمواطنين وتبث الرعب في نفوس الناس هي محاربة لله ورسوله، وأن من قتل من منفذي عمليات الغدر هذه فهو معتدٍ بعيد كل البعد عن الشهادة».

كما أدان وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة الحادث، وأوضح في بيان له أمس أن «هذا التصرف الإرهابي يعبر عن إفلاس هؤلاء المجرمين وعدم قدرتهم على المواجهة الفكرية أو العيش بأمن وسلام كمواطنين شرفاء»، مؤكدا أن «هذه الموجات الإرهابية ستندحر لا محالة».

ونأت الجماعة الإسلامية بنفسها عن الحادث، وقالت في بيان لها أمس: «مثل هذه الأعمال تتصادم مع قيم وتعاليم ديننا الحنيف ويترتب عليها إراقة دماء معصومة، وتضر بأمن وسلامة المواطنين»، مشددة على «تمسكها الكامل بالسلمية والإصرار عليها». لكنها حملت الحكومة في الوقت نفسه المسؤولية الكاملة عما يحدث في مصر من إراقة للدماء وإذكاء للصراع، وذلك بإصرارها على انتهاج الحلول الأمنية دون تبنيها لحلول سياسية لإنهاء الأزمة.